(أبيض أسود) ينقّب في الظلام على أمل محوه

سوزان الصعبي – تشرين

اختار البرنامج المنوع (أبيض أسود على قناة NBN لنفسه هذين الضدين اللونيين لبلاغة دلالاتهما، واتخذ مجالات المجتمع والفن والسياسة عناوين دائمة تأخذ حيزها في الحلقة التي تصل مدتها إلى حوالي الساعة ونصف الساعة، فيطرح داخل كل مجال قضية ما لعل أقربها إلى جذب اهتمام الناس هي نافذة المجتمع السوداء على الأغلب، وبالطبع، سيجد كل من الفن والسياسة جمهورهما العريض حسب الضيف والشأن المطروح للتناول.

مشاهدة بعض حلقات البرنامج تجعل المتابع يعتقد بأن القضايا المجتمعية التي سعى البرنامج لأن يناقشها جاداً وفي الجزء الأول منه، أهلته لأن يتبوأ درجة عالية مقارنةً مع البرامج الأخرى ذات الصبغة الجادة والملتزمة بأن تقول وتناقش على سبيل التوعية والفعل، وهو ما أشار إليه مقدم البرنامج.

الأطفال والأحداث وقضاياهم وجنوحهم في بعض الأحيان وأزمات عديدة قد يتعرضون لها بسبب بيئة ما أو بفعل جهل ما، هي أحد الموضوعات التي أدرجت على جدول البرنامج ويبدو أن الحبل لن ينقطع مادام بعض الأطفال مازالوا يعيشون بحالة غير سوية، إذ كان الحديث في إحدى الحلقات عن موضوع حمل الأطفال للسلاح، وأجريت تقارير مصورة سمعنا فيها رأي هؤلاء الصبيان في حملهم للسلاح. وفي ذلك انتهاك للطفولة من قبل عائلاتهم ومَن استخدمهم، ما يجعل المطالبة تستحق الاستمرار وعدم الانهزام أمام تلك البيئات الحاضنة التي سمحت للأطفال بحمل السلاح. وتالياً تجب حماية الأطفال من ثقافة العنف.. هذه الثقافة المصدرة من وسائل الإعلام كما قال الضيف الخبير في علم النفس الإجرامي، حيث يتم تدعيمها بوساطة الألعاب الالكترونية القائمة على النزاعات والعلامات التي تعطى للمتسابق كلما فاز أكثر، هذا إضافة إلى الفقر المترافق مع الجهل في كثير من المجتمعات اللذين يفقدان ثقة الطفل بنفسه ما يدفعه للانزواء أو للعدوانية، وتالياً تفتيت المجتمع.

ضمن هذا الوجه السلبي لإفرازات الحياة طرحت فقرة (مجتمع) شأناً آخر وهو الجرائم المرتكبة بحق الأطفال من قبل عائلاتهم والتي أوصلتهم أحياناً إلى السرقة والمخدرات والتشوه الأخلاقي، واستطاع البعض منهم اللجوء إلى جمعيات ومراكز حماية الأحداث، وعرضت تقارير مصورة أغفلت وجوه الأحداث كعادة البرنامج في هذا الخصوص، وسمعنا حكايات عن ضرب وحرمان من أبسط الحقوق كالأكل أفرزها تفكك العائلة وفقرها وأمراض ومشاعر سوداء من قبل الآباء وزوجات الآباء وأزواج الأمهات بل والأمهات أحياناً، كتلك التي دفعت ولدها للتسول والسرقة بل وللعلاقات الشاذة مع رجال، كما ورطت بناتها بعلاقات مع رجال لقاء أموال.

برنامج (أبيض أسود) يسعى للوصول إلى بقع الظلام لعلها تتحول مع الإصرار إلى بقع ضوء، وهذا بحاجة للعمل الدائم من قبل الإعلام والمجتمع المدني، ولاسيما فيما يتعلق بمشكلة حمل السلاح والتي سيكون من الصعب التخلص من آثارها إن لم تجد من يعالجها.