2013/05/29

أحلام المواهب و"الحلقة المفرغة"
أحلام المواهب و"الحلقة المفرغة"


مارلين سلوم – دار الخليج

من حقهم أن “ينفجروا” غناءً وأن يبحثوا عن منافذ لاستغلال طاقاتهم بشكل إيجابي، بينما الشوارع تضج بالعنف وتدعوهم إلى الاقتتال والتطرف والعنصرية . من حق الشباب أن يتحدوا من كل الجنسيات العربية تحت راية الفن، وأن يقفوا طوابير أمام مراكز الاختبار، بحثاً عن فرصة جيدة تعطي لموهبتهم شهادة اعتراف رسمية، وأن يفخروا بظهورهم على الشاشة أمام ملايين العيون التي تشاهدهم .

لم تنقطع حبال برامج اكتشاف المواهب على الشاشة، وباتت كالسلسلة الموصولة التي تربط كل المواسم ببعضها بعضاً، والأغرب أنها تربط القنوات أيضاً ببعضها بعضاً من دون أن تفهم كيف، لاغية بذلك منطق التنافس الإعلامي، فترى برنامج “محبوب العرب” (أراب آيدول) الذي أطلقته مجدداً مجموعة “أم بي سي” في موسمه الثاني، معروضاً في نفس التوقيت على “أم بي سي1” و”أم بي سي مصر” و”الحياة” المصرية و”ال بي سي” الأرضية اللبنانية، علماً أن “الحياة” عرضت في فترة قريبة برنامجها “صوت الحياة”، كما شاهدنا “أحلى صوت” (the voice) على “أم بي سي 1” و”أم بي سي مصر”، ونتابع حالياً “اكس فاكتور” على “سي بي سي” و”روتانا” و”أم تي في” اللبنانية . فهل انتهى عصر “الحصري” على القنوات لأسباب تجارية اقتصادية؟

من تابع الحلقة الأولى من “أراب آيدول” لفته الكم الهائل من الأصوات الجميلة الآتية من مختلف الدول العربية، ولعل أبرز ما قدمته لنا هذه النوعية من البرامج، فرصة التعرف إلى الكم الهائل من المواهب التي يمتلكها الشباب العربي والتي تستحق أن تجد فرصتها للظهور بشكل فعال وجيد . طبعاً من حق الشباب أن يعيشوا أحلامهم، وأن يطلقوا العنان لمواهبهم، من خلال البرامج التي تتسابق لاستقطابهم، لكن منتهى البؤس والإحباط أن يقف الطموح عند عتبات محطة تلفزيونية وبرنامج استعراضي . فما تنفقه القنوات من أموال على هذه البرامج يفوق الخيال، وربما لو أنها قلصت من هذه المصاريف لتهتم في المقابل برعاية المواهب الحقيقية أياً يكن عددها، والسخاء في إنتاج الأغاني الجميلة والتي ترتقي بالفن العربي، لكان أفضل بكثير من هذا الكم الكبير من البهرجة .

الصوت الجميل يحتاج إلى فرصة للظهور، لكنه يحتاج أكثر إلى أبواب تُفتح أمامه ليعمل في مجال الغناء، ويحتاج إلى موهوبين في الكتابة والتلحين يصنعون له أغان تليق بصوته . فأين هؤلاء؟ أين كل من تخرجوا من برامج المواهب من الغناء الجميل؟


هل المطلوب أن تكون هذه البرامج مثل المصانع التي تنتج معلبات جميلة فارغة، لا تصلح للاستعمال؟


هذه الحلقة المفرغة التي يدور في فلكها الموهوبون، تأخذهم إلى عالم الأحلام وتتركهم في مهب الريح، لا يتقدمون نحو الغد الذي رسموه لهم في مخيلتهم، ويصعب عليهم العودة إلى ما قبل الظهور على الشاشة وتجربة “حياة النجوم” لبضعة أسابيع وأشهر .

“الحلقة المفرغة” تقتل الإبداع، وتعود القنوات إلى البحث عن مواهب جديدة لتغذي “السلسلة الطويلة” من برامجها الفنية . ونحن نجلس على مقاعدنا نتحمس لهذا ونشجع تلك، لنسقطهم بعد “الحلقة الأخيرة” من حساباتنا ويطويهم النسيان .

النجوم أيضاً يتنافسون على اقتسام كعكة البرامج، فتراهم تحولوا إلى مذيعين، من دون أن تفهم على أي أساس تم اختيارهم لتقديم هذا البرنامج أو ذاك . بينما تستقطب برامج اكتشاف المواهب أبرز المغنين، أمثال راغب علامة ونانسي عجرم وأحلام ووائل كفوري وحسين الجسمي وإليسا وكارول سماحة وعاصي الحلاني وكاظم الساهر وصابر الرباعي وشيرين عبد الوهاب ونجوى كرم، عدا الملحنين والممثلين وغيرهم . وكل نجم يعرف أن الأضواء مسلطة عليه بشكل كبير وهو جالس خلف منصة التحكيم، فيحاول أن يُظهر جانباً مختلفاً من شخصيته لم يعهدها الجمهور من قبل، فهل يمارس هؤلاء دورهم “الفني” بشكل كامل كي يوجهوا المواهب نحو الطريق الصحيح، أم يكتفون بالظهور “الشرفي” لاستقطاب أكبر عدد من الجماهير لمتابعة البرامج؟

المشاهد لم يعد غبياً، ولم يكن يوماً، لكن وسائل التعبير اليوم اختلفت، وبات الكل يبدي رأيه، ويفهم “اللعبة الإعلامية التجارية” . وكما تقول إحدى الصديقات ابنة السادسة عشر ربيعاً، “أم بي سي” تنافس نفسها في هذا الموسم . ومن يدقق يرى أن الراعي الأول ل “اكس فاكتور” و”أراب آيدول” هي شركة تجارية عالمية واحدة! .