2013/05/29

أخيل والسلحفاة... البحث عن الأصالة
أخيل والسلحفاة... البحث عن الأصالة

عهـد صبيـحة

يصور لنا فيلم أخيل والسلحفاة Achilles and the Tortoise حكاية "ماتسو كوراموتشي" الفنان الذي يسعى طوال الفيلم جاهداً من أجل بيع لوحة من لوحاته الفنية. ينقسم الفيلم إلى ثلاث مراحل. في مرحلة صبا ماتسو ينتحر أبوه، الداعم لموهبته الفنية، بعد إشهار إفلاسه، تضطر زوجة الأب أن تأخذ الفتى إلى بيت عمه القاسي والذي لا يقيم وزناً لموهبة ابن أخيه الفنية، وبعد انتحار زوجة الأب يرسل العم الفتى إلى مدرسة للأيتام. ينتقل فينا الفيلم إلى مرحلة شباب ماتسو حيث يعمل من أجل كسب عيشه وفي نفس الوقت يمارس هوايته في الرسم آملاً أن يبيع إحدى لوحاته. وبعد أن ينصحه صاحب معرض الفنون أن يدرس كي يتعلم أصول الفن، يلتحق ماتسو بكلية الفنون الجميلة، وهناك يجرب مع أصدقائه أفكاراً عبثية لعملية الفن رافضين الالتزام بأصول الفن. تتنوع هذه الأفكار بين تركيب لوحة فنية من أدوات الخردة القديمة واستخدام دراجة هوائية وسيارة من أجل رش الدهان الحائط، لينتهي بحثهم بمقتل أحدهم في تجربة السيارة وانتحار آخر، وترك ماتسو لكلية الفنون.

في المرحلة الثالثة نشاهد ماتسو عجوزاً  في خريف العمر (يقوم بالدور تاكيشي كيتانو مخرج العمل) وهو لا يزال يجرب ويجرب، والآن بمساعد زوجته، من أجل بيع لوحة فنية له. ويبقى صاحب معرض الفنون يقترح أفكاراً جديدة لأعمال ماتسو التي هي برأيه دون المستوى المطلوب. يستمر ماتسو في التجريب حتى بعد أن تتخلى عنه عائلته وتموت ابنته، لينتهي الفيلم بدون أن يبيع أية لوحة من لوحاته.

يستكشف الفيلم حقيقة الفن المعاصر ويسخر من عبثية الفن من خلال معاناة فنان لا يفهم الآخرون من فنه شيئاً. ومن خلال رمزية ناجحة قدم المخرج، وبحبكة متقنة، قصة أخيل (أسرع الرجال في الميثولوجية الإغريقية) الذي سيلحق بالسلحفاة آخر الأمر في أشارة إلى أن الإنسان يصل إلى أهدافه بسرعة في حال عرف الدرب الصحيح. كان أخيل هو ماتسو والسلحفاة هي النجاح في رسم لوحة أصيلة، والأصالة هي ما لم يدركه ماتسو في الفيلم. كان وجه ماتسو جامداً خالياً من التعابير على الرغم من مصائب الانتحار والموت التي رافقته إلى نهاية الفيلم، كما كانت معظم تعابير وجوه الممثلين، واستطاع كيتانو بأداء متقن أن يكشف عدم تواصل ماتسو مع واقعه.

بالنتيجة، وعلى الرغم مما ذكرناه فإن المخرج لم يقصد الإساءة إلى الفن الحديث ( وهو محب الفن). لأنه، وفي حركة عبثية غريبة، يـُظهر لوحات ماتسو التي رسمها وهو صغير معلقة على جدران المعرض الفني. الفيلم نفسه لوحة جميلة مليئة بالألوان تستحق الفرجة.

تاكيشي كيتانو

ولد في اليابان عام 1947، يعتبر واحداً من رموز السينما في اليابان. درس من أجل أن يصبح مهندساً لكنه طرد من المدرسة لسلوكه الثاثر. تعلّم الكوميديا على يدي  فوكامي. وقدم في بداية حياته (اسكتشات) كوميدية، ودخل عالم الفنون الاستعراضية عام 1972 باسم بيت تاكيشي وهو لقبه الفني المعروف به إلى الآن. منذ باكورة أعماله الإخراجية في 1989 شارك كيتانو في صنع أو كتابة سيناريو أو مونتاج أو تمثيل  فيلم كل سنة من دون انقطاع ومن دون أن يفقد حسه الفني المتأصل في أعماقه. نالت معظم أعماله جوائز عالمية، ومنها فيلم دمى Dolls الذي حاز على أفضل فيلم في مهرجان دمشق السينمائي 2003. له عشرات الأفلام كاتباً وممثلا ومخرجاً ومنتجاً أهمها:

أخيل والسلحفاة Achilles and the Tortoise 2008، فليحيا صانع الأفلام Glory to Filmmaker 2007،  يوم واحد رائع One Fine Day 2007، تاكيشي Takeshis' 2005، دمى Dolls 2002، الشقيق Brother 2000.