2013/05/29

أرواح عارية ..ضبابية في السرد وكلاسيكية في الرؤية البصرية
أرواح عارية ..ضبابية في السرد وكلاسيكية في الرؤية البصرية


تشرين – فنون


تمكن الكاتب فادي قوشقجي من إثبات نفسه في الوسط الفني في سورية ككاتب سيناريو متميز ومتمكن، واستطاع أن يتفوق على ذاته من عمل لعمل،

فانطلاقا من «على طول الأيام» مرورا بـ «ليس سرابا وعن الخوف والعزلة» وانتهاء بـ«تعب المشوار» الذي لم تسنح له الفرصة ليعرض في الموسم الدرامي الماضي، انطلاقا من هذه الأعمال تمكن الكاتب فادي قوشقجي من إيصال أفكاره ورؤاه عبر قصص غالباً ما تلتف بالرومانسية والحب.

في الموسم الحالي يظهر اسم فادي قوشقجي من خلال مسلسل «أرواح عارية» الذي أخرجه المخرج المتميز الليث حجو الذي استطاع هو الآخر أن يراكم رصيدا إبداعيا جعل منه اسماً لامعاً في الدراما التلفزيونية السورية من خلال إخراجه لأعمال كانت بصمة في تاريخ الدراما التلفزيونية السورية منها «الانتظار، ضيعة ضايعة بجزأيه، الخربة...» وغيرها من الأعمال المتميزة.

تدور أحداث مسلسل أرواح عارية حول هروب امرأة متزوجة «ربى، سلافة معمار» من بيتها بعد أن يكتشف زوجها «سامر، عبد المنعم عمايري» خيانتها، تلجأ ربى إلى بيت «صلاح، قصي خولي» بعد مجموعة من المصادفات وتبدأ هنا علاقة حب بين «ربى، وصلاح» بعد أن يعيشا في منزل واحد، أما الزوج المخدوع «سامر» فيبقى شغله الشاغل معرفة الشخص الذي خانته «ربى» معه، ويبدأ رحلة البحث عن هذا الشخص بمشاركة «عادل، محمد قنوع» أخ ربى.

يتضمن العمل أيضا خطوطا أخرى منها علاقة أبو أمير، جهاد سعد، وزوجته «لينا حوارنة» إذ يسلط قوشقجي الضوء بشكل خجول على واقع الحياة الجنسية بين زوجين اجتازا العقد الرابع من عمرهما، وتأثير هذه السلبية في العلاقة الجنسية على حياة الزوجين وعلى ابنهما «أمير، يامن الحجلي» الذي يشغله الجنس هو الآخر، فهو مراهق يساعده النت في تأجيج هذه الرغبة المكبوتة من قبل المجتمع، ويحاول بشتى الوسائل أن يصل إلى مبتغاه عن طريق حبيبته وجارته «نهلة، دانا مارديني» أما «ناديا، نادين تحسين بك» فهي صديقة «ربى» وجارتها في آن واحد، ناديا فتاة مثقفة واعية تحاول بناء علاقة جدية مع «امجد، خالد القيش» الشاب الأردني الذي يقدم على رسالة الماجستير.

يحاول قوشقجي من خلال «أرواح عارية» تصوير حال المرأة في المجتمع السوري بشكل عام وعكس الرؤية المجتمعية للمرأة الخائنة بشكل خاص، من خلال قصة خيانة «ربى» لزوجها، وكيف تكال لها الشتائم من جيرانها وأهلها من دون البحث في الأسباب التي دفعتها إلى هذا الفعل، ومن دون الالتفات إلى الخيانات المتكررة لزوجها «سامر» ليس هذا وحسب بل تبرير خيانات سامر كونه ذكراً. بمعنى أن قوشقجي يطرح على الطاولة قضية المساواة الغائبة بين المرأة والرجل في مجتمع شرقي يعطي المركزية للذكر في كل شيء حتى في الخيانة. لكن ما يؤخذ على العمل من ناحية النص هو الرتم البطيء للأحداث، فما زال الحدث الرئيس الوحيد هو هروب «ربى» من المنزل، يتفرع منه حدث حب صلاح لربى وتزويج صلاح أخته سراً عن أبيه.

ليس من الخلل أن يكون رتم الأحداث بطيئا، ولاسيما في أعمال تطرح أفكاراً مجتمعية من خلال حبكة قصصية تلتف بالرومانسية والحب، لكن الخلل هنا في عدم وجود حوار متماسك غني يحوي في أروقته وبين كلماته نقاشاً جاداً لقضية المرأة التي يطرحها قوشقجي في أرواح عارية.

أضف إلى ذلك أن العمل إلى الآن وقد وصل إلى الحلقة الخامسة عشرة، لم يتضح فيه خط سير أي من الشخصيات حتى يستطيع المشاهد محاكمتها أو تحليلها، وهذا ما أضفى على العمل حالة من الضبابية في السرد، فإلى الآن لم يكشف عن الأسباب التي دفعت بربى إلى الخيانة اللهم سوى خيانة زوجها لها.

أما على الصعيد البصري فإن المخرج الليث حجو إلى الآن لم يقدم شيئاً جديداً على صعيد الصورة، إذ مازال حجو ضمن إطار اللقطات العامة ومن ثم أخذ لقطات خاصة بالشخصيات، ولعل الشيء الوحيد الجديد من الناحية البصرية هو الطريقة الجديدة في قطع المشاهد، أما ما تبقى فنجد أن الليث حجو وكأنه يحرك كاميرته وفق طريقته التي كان قد اتبعها في عدد من أعماله الاجتماعية.

هذه الأمور وغيرها تبقى أحكاماً مبدئية على العمل إلى أن نرى  بقية الحلقات من «أرواح عارية» وعندها تتضح الرؤية أكثر ويكون الحكم مبنياً على قواعد ثابتة لا يمكن أن تتحول مع تقادم الحلقات.