2012/07/04

أسرار للنشر تفاصيل العمل الدرامي ما بين الدردشة والسرد
أسرار للنشر تفاصيل العمل الدرامي ما بين الدردشة والسرد


مِلده شويكاني - البعث


بدأت المخرجة رولا بريجاوي مسارها الفني كمخرج مساعد مع المخرج الكبير نبيل المالح، فعملت معه في عدة أفلام وثائقية.. مما منحها مساحة كبيرة من الخبرة والدراية بعالم الكاميرا لتبدأ تجربتها المنفصلة بالعمل الوثائقي الاجتماعي والفني. فأعدت أفلاماًَ وثائقية متعددة منها: فيلم عن حياة الفنان التشكيلي مصطفى علي وفيلم عن الموسيقي غزوان زركلي، إضافة إلى فيديو كليب لمجموعة أناشيد دينية، وبعض الأفلام القصيرة التي ترصد ومضات اجتماعية هامة، إلا أن نجاحها الحقيقي بدا واضحاً في تجربتها بفيلم «بقعة طين»، الذي حصل على جائزة من «مهرجان فالنسيا» في ايطاليا ،وقد  فأجأتنا بإعدادها وإخراجها برنامج«أسرار للنشر» الذي عُرض مؤخراًَ في قناة سورية دراما، وتدور فكرته حول وجود الكاميرا داخل اللوكيشن ومواقع التصوير الخارجية في بيئات مختلفة، والحديث بشكل مباشر وشفاف مع المخرجين وبعض الممثلين والفنيين ومن يقفون خلف الكاميرا، هذا هو المحور الأساسي للبرنامج- كما تقول بريجاوي:«يظهر الممثل دائماً فيتأثر المشاهدون بأدائه وبالخط الدرامي للشخصية وينسب نجاح العمل للمخرج والكاتب ، أردت أن أدخل في تفاصيل العمل الدرامي لأعرِّف الناس إلى بعض المهارات الدرامية التي لانعرفها،  وإلى الجهد الذي يبذله العاملون في مجال الإضاءة والتصوير والموسيقا والصوت والديكور وإلى معرفة ماهية بعض التسميات التي نقرؤها على الشاشة مثل ريجسير-مونتاج-مكساج-سكريبت.

ابتعدت يريجاوي عن النمطية والتكرار في برنامجها، إذ اتخذت أسلوب الراوي فتظهر بعد الشارة وتتحدث عن الشخصية بأسلوب تلقائي وبسيط، ثم تنتقل الكاميرا لتصوِّر حديث الأشخاص بواقعية تامة دون (رتوش ومونتاج وتمثيل).

وقد نفذت بريجاوي برنامجها في أجواء صعبة، إذ انتظرت ساعات طويلة مع كاميرتها وعاشت تجربة أيام التصوير  لتنتظر اللحظة المناسبة، وتبدأ الحديث بدردشة مع الممثلين لتتحول بعد ذلك إلى سرد معاناتهم أثناء التصوير والصعوبات التي تعترضهم، وليتعمق الحديث أكثر وينتقل إلى مناحي الأحلام والأماني ووجع الذكريات، فوجئنا بأحاديث شفافة ورومانسية تقربنا أكثر من نجم ما، لم نقرأ عنه سابقاً هذا الجانب الكامن في حياته مثل معاناة الفنانة سلمى المصري بفقد والدتها وزوجها وتربية أولادها وأمنيتها برؤية حفيدة لها اسمها سلمى، وذكريات الحب التي ترافق قصي خولي في قطار حياته الماضي من محطة إلى أخرى، والتي تمنحه القوة والقدرة على الاستمرار، ومساحة التسامح التي يعيشها جمال سليمان مع الآخرين، والجهد الشخصي الذي يقوم به عابد فهد في قراءة الشخصية كما فعل في تجسيده دور الأمير حسن في أسمهان، ومعاناة فراس ابراهيم مابين الانتاج والتمثيل أثناء التصوير.

وفي جانب آخر تطرقت كاميرا أسرار للنشر إلى صعوبة التعامل مع الكومبارس وكيفية الدخول بتفاصيل حياة البدو من خلال حديث مع مدير الموقع أثناء تصوير مسلسل «فنجان الدم» .

وتوقفت الكاميرا مع عدد من المخرجين فتحدث مثلاً الليث حجو عن فترة التحضيرات الصعبة التي تأخذ وقتاً طويلاً قبل التصوير، وتأجيله موعد  التصوير عدة مرات، ثم تطرق المخرج هشام شربتجي الى العوائق التي تواجه المخرج أثناء التصوير.

وفي منحى آخر توقفت الكاميرا في أحد مواقع تصوير مسلسل تاريخي لتنقل معاناة الممثلين في هذه الأجواء مثل ركوب الخيل واشتباك المعارك.

كان برنامج «أسرار للنشر» ممتعاً وشائقاً يطالعنا في كل حلقة بجديد.

ثم انتقلتُ بالحديث مع بريجاوي عن اهتمامها بالفيلم الوثائقي فعلقت قائلةً: الفيلم الوثائقي جزء من واقعنا لأنه يتعلق بسلوكيات وحياة أشخاص عاديين نسجل يومياتهم، ونقرأ مايدور في خاطرهم، فيتحدثون بصدق عن معاناتهم، وفي جانب آخر يستطيع الفيلم الوثائقي أن يسلط الضوء على مسائل كثيرة في المجتمع تحتاج إلى حلول مثل الفقر والبطالة والعنف.. وقد تناولت في فيلمي «بقعة طين» معاناة المكفوفين اللذين  لم تمنعهم عن ممارسة إبداعهم في النحت على الخزف وحاولت أن أدخل إلى مساحة الحب والشفافية الكبيرة الموجودة في أعماقهم التي تمنحهم  القوة كي يمضوا في طريقهم ويمارسوا حقهم في الحياة والعمل والحب، ووجدت من خلال بقائي معهم أنهم بحاجة إلى الدعم المعنوي والحنان أكثر من الدعم المادي.

تعاملت مع خمسة عشر طالباً وطالبة يملكون القدرة على النحت بقدرات متفاوتة وينظرون إلى الحياة بحب، وقد رُشِح الفيلم من بين خمسة عشر فيلماً من أقطار الوطن العربي لمهرجان فالنيسيا في إيطاليا.

والآن تفكر بريجاوي بتصوير فيلم وثائقي جديد.. ولكن هذه المرة يطرح واقع المرأة الريفية بالتحديد، فتضيف: أثناء تصوير الأفلام الاجتماعية القصيرة استوقفتني ومضات خاصة أثارت في داخلي شيئاً حفزني للبحث به مثل واقع المرأة الريفية في بيئات مختلفة، فأردت أن أنقل واقعها المقهور وحرمانها من التعليم في فيلم صغير بعنوان «فتاة الشاحنة».