2012/07/04

ألا يكفي الحرام.. انتهاكاً لأذواقنا الدرامية؟
ألا يكفي الحرام.. انتهاكاً لأذواقنا الدرامية؟


هفاف ميهوب - الثورة


لاشك أن غالبية المجتمعات باتت تشهد تفاقماً في حالات الفساد والانحلال وشذوذ العلاقات والانفلات لكن أن تتحول هذه الحالات إلى قانون يتحكم في حياتنا وعلاقاتنا وثقافتنا وأيضاً أذواقنا الدرامية فهو أمر غير مقبول إلا إذا كان الهدف منه الحد من انتشار هكذا ظواهر ومن خلال معالجتها بما يرتد على المشاهد وباختلاف عمره ووعيه وثقافته بطريقه، إيجابية لا سلبية.

نحن هنا لانريد أن ننكر على درامانا واجبها في نقل الواقع بكل مافيه من فوضى وانتهاكات وتدني أخلاقيات سواء اجتماعية أم مهنية أم فكرية أم حتى عشقية.‏‏

أيضاً لا نريد أن ننكر جرأتها وتميزها ومهارتها في اقتحام المحرمات وكشف مايدور خلف أقنعة المستور وفي شتى نواحي الحياة السرية والعلنية، نحن ننكر تحول أبنائنا إلى هائمين منجذبين لمضامين استلبت منهم السعي لإيجاد ما يتطلب منهم الوعي وبكل مايشاهدونه ويستوعبون فنونه دون أن يجدوا من يأخذ بإدراكهم إلى ماتريد أن تحيطهم به حذراً قصص دراما تكررت وتبلورت في غالبية مايقدم لهم من أعمال استطاعت أن تنتهك أذواقهم وعجزت عن إخراج بلوى ما تركته من انعكاسات خطيرة على أخلاقهم، ما دفعهم لتقليد فنانين جسدوا فوضى وانفلات الحياة المدرسية وبكثافة انتقلت عدواها إلى الكثير من الطلاب والطالبات ممن باتت تتنازعهم مفاهيم مدمرة للحرية الشخصية.‏‏

الأخطر من هذا مستقبل شبابنا الذين نراهم يهيمون بحثاً عما يحيلهم صورة طبق الانحراف عما اعتقدوه بطولة منحهم إياها عمل مثل (تخت شرقي) وباحتراف بل عما يجدون فيه مبرراً لكسب شرور المال وباستغلال دربهم على أساليبه (الخبز الحرام) بالإضافة إلى إدمانهم العلاقات المشبوهة والمنحلة وغير السوية مافرض علينا (زمن العار) ودون أن نملك رداً له لطالما (ما ملكت أيمانكم) استوفى التعبير عن عجزنا أمام خطورة ما يؤول إليه حال شبابنا ممن باتوا واقعين على مرمى التأثر بكل مافيه من تطرف وتخلف وسفك أخلاق واستهتار.‏‏

أما الأشد خطراً فهو (العشق الحرام) وليس فقط لأنه صورة استطاعت أن تجذب كل من هدرت وقته مضامين المسلسلات التركية المفرطة في عشقها الحرام، وإنما أيضاً لأنه أوغل في تقديم كل ما لا يلزمنا من علاقات دونية ولا منطقية ليكون من الصعب عليه تقديم ولو ومضة حلال تؤكد بأن مجتمعنا فيه الكثير من الظواهر الأخلاقية المنسية.‏‏

الظواهر التي علينا أن نبحث عنها كي ترتقي بعلاقاتنا وحياتنا طبعاً إن كان هدف الباحثين عما يجعل لدراماهم فائدة خالصة لوجه مصلحة المشاهد لا لمصلحة الكسب الرائد وهو ما يحتاج لإثبات حسن النية ومن خلال التوقف عن إغراقنا بأعمال رغم تفوقها إلا أنها سرعان ما تؤول إلى النسيان دون بصمة حقيقية.‏‏

كل هذا لا يعني أن الأعمال التي ذكرتها أو سواها مما غفلت ذكرها فاشلة وغير مهمة فمن العدل الاعتراف بأن بعضها قد استطاع فعلاً ملامسة مقدار وجعنا من تفاقم ويلنا لكن ومن أجل التذكير علينا أن نقول إنه مازال لدينا حلال يستحق ولو جزءاً من التصوير.‏‏