2012/07/04

ترجمة: مها محفوض محمد - الثورة قرابة قرن ونصف القرن على ظهورها، لا تزال شخصية أليس تواصل جذبها للصغار واليافعين وتشكل مصدر إلهام للفنانين. كاتب القصة في الأصل هو أستاذ رياضيات ومصور انكليزي اسمه شارل لوتويدج لكنه يعرف بـ لويس كارول (1832 - 1898) ويبدو أنه استفاد من قراءاته لمغارة علي بابا وألف ليلة وليلة، لكنه حول الأبطال إلى عالم حيوانات وجعل الحيوانات محببة جداً إلى الإنسان.‏ إذاً هي مشاهدات حوّلها لويس كارول إلى قصص صغيرة متخيلة تدعو الكبار والصغار إلى العودة إلى أجمل مراحل العمر، لذلك بقيت هذه الرائعة الأدبية تدغدغ مشاعر الكبار وكادت أن تصبح خالدة فمن منا لا يرغب الغوص مع أليس في رحلتها؟‏ القصة فيها إسقاط أدبي لمشاهد خارقة للطبيعة، نسجها الكاتب متأثراً في لغته بقواعد المنطق الصوري وناقلاً المخيلة الطفولية إلى عالم سحري من العبارات التي ترددها أليس: كم أتمنى لو أستطيع العودة إلى ذاتي، وأعتقد أني أستطيع الوصول إلى ذلك فقط لو عرفت السبيل لأعاود البدء.‏ قصة أليس ليست كما القصص الأخرى هي مغامرة تعبر عن توق الإنسان للانعتاق عن الذات والعودة إلى الطفولة والبراءة، تعيد النظر في القناعات التي كونها الإنسان، ولأنها مغامرة فقد تصبح أكثر أهمية من حيث الغوص إلى أعماق النفس لذلك اعتبرت أهم من الصعود إلى الفضاء أو غزو القطبين، ففي بلاد العجائب يمكن أن تفقد عقلك مع الملكة الحمراء التي توحي بذلك غالباً.‏ وبالنسبة لأليس عبور بلاد العجائب هو تجربة غريبة مدهشة محفوفة بالمخاطر وتكتشف من خلالها حقائق بسيطة ومؤثرة بآن معاً ،والواقعية ليست إلا خياراً فيها تكتشف شرعية التفكير المنطقي حول الكون، وعلوماً بحتة خالدة تصلح لدخول أي عالم ممكن، ومن حيث المنطق وتعريفه هي شبيهة بالأواني المستطرقة لأنها تنتقل بالعدوى, إذاً بحسب نسبية علوم الطبيعة لا يمكن أن تدعي الوصول إلى المطلق، وموقف الذين لا يصدقون بلاد العجائب فهي ليست سوى فرضية كما يبدو بالمطلق أنه من المستحيل قبول أن اثنين واثنين يساوي خمسة، بالمقابل نستطيع أن نتصور أنه يمكن للأرض أن تتوقف بشكل عنيف عن الدوران لأنه لاشيء يعارضها.(ففي المطلق يكفي اجتماع بعض الشروط)‏ بلاد العجائب هي مكان التجربة الغريبة المتخيلة حيث تدرك أليس المعالم أو الإحداثيات وتشارك بوعيها لكنها تكاد تتعرض للجنون وفي هذا الاتجاه تجيب القطة وهي تقوم بحركة ملتبسة برجلها اليمنى في عالم الساحر الذي يخرج من قبعته وبنفس الوقت تقوم بحركة أخرى برجلها اليسرى لكن من عالم المريخ: هل تستطعين القيام بزيارة إلى أحدهم أو إلى الآخر فكلا الاثنين مجانين.‏ في القصة إسقاط للفلسفة الهندية وأن الإنسان يعيش سبع حيوات ويتقمص بأشكال عديدة قابلة للتحقيق دائماً وبذلك فإن الكاتب يتجاوز الواقع الذي يؤطر النفس البشرية داخل سجن، ويجازف بتحديه لهذا العصيان في داخلنا ويجسد هذا الافتتان في البحث عن كنز سفينة نوح المفقودة وما الحيوانات سوى رموز وفيها عبر كثيرة.‏ اليوم يحمل المخرج الأميركي تايم بورتون هذه القصة الخيالية إلى الشاشة رغم أنها أعيدت عشرات المرات سابقاً لكن اليوم في فيلم ثلاثي الأبعاد يعيد الحياة في كل مكان ففي فرنسا أثار حركة غير منتظرة كما لو أنه لدى الجميع تولدت الرغبة فجأة بالعودة إلى الغوص في هذه القصة على أقراص CD وفي ألعاب الفيديو والمسرحيات, أيضاً في الموضة حتى في المجوهرات ومستحضرات التجميل وفي مذاقات الطعام.‏ فهل أصبحت فرنسا بلاد العجائب في زمن الكوارث الطبيعية وارتفاع معدلات البطالة.‏