2012/07/04

أميمة الخليل... ثورة حتّى الطرب
أميمة الخليل... ثورة حتّى الطرب

هالة نهرا - الأخبار

تفاجئنا أميمة الخليل بعودتها إلى الطرب وأغاني الأطفال. الأغنيات الطربية التي تؤدّيها بنبرة عذبة، تأخذنا إلى عالم ورديّ. أميمة ليست مطربة،

وإن كانت تجيد الغناء الطربي. وهي ليست مغنّية بوب، ولو أدّت هذا النمط الغنائي ممزوجاً بالطرب والفانك أو التكنو. لم تنحصر تجربة أميمة ضمن

إطار الأغنية السياسية، رغم أنّها عرفت بعدما غنّت «أرض الجنوب» (شعر حبيب صادق) أواسط الثمانينيّات مع «فرقة الميادين»، ثمّ «لبسوا

الكفافي» (شعر طلال حيدر)، و«الكمنجات» (شعر محمود درويش)، و«ديما»، و«طرقات وضجيج

وجميعها من ألحان مرسيل خليفة. لكنّ أغنياتها الحديثة لم تَنَل إعجاب جزء من الجمهور، إذ لم يتقبّل بعضهم رؤية النجمة الملتزمة والرصينة تلعب

حافيةً باليويو في كليب «يا حبيبي» (2000). لم تكن الخليل تعلم حينها أنّ مكانتها ستهتزّ برهةً، و«أنّ حكم الناس وبعض النقّاد يرتكز على

المظهر الخارجي، لا القيمة الفنّية لأغنيات مثل «لا تدقّ»، و«مرّات»، و«يا سيدي»...». تملك أميمة صوتاً رقيقاً يناسب الأغاني العاطفية («وقلت

بكتبلَك»، مثلاً)، ويحمل طابعاً تعبيريّاً ووجدانيّاً في الشدو الجَوْقيّ («أحمد العربي» لمارسيل خليفة، مثلاً). كذلك تصلح حنجرتها للترانيم،

والموشّحات، والأدوار، والطقاطيق... ومن العبث طبعاً أن ندرج أغنياتها في خانة محدّدة

رغم أنّ الخليل حافظت على مستوى معيّن من الأداء طوال مسيرتها، فقد تفاوتت ألبوماتها في جودتها وقدرتها على إدهاش المستمع. ما

ستقدّمه في «قصر الأونيسكو» مساء اليوم، بدعوة من «نادي أصدقاء صوت الشعب»، يتميّز بالبساطة، والإتقان، والرقيّ. الحفلة التي تحمل

عنوان «في ذاكرتي»، تجمع بين الموروث الغنائي العربي والطرب الأصيل والشعبي والحديث من جهة، وأغنيات شديدة الراهنية والمعاصرة من

جهة أخرى. كذلك ستدندن أميمة مجموعة من أغاني الأطفال، ستُعزف كما لحّنها ووزّعها مرسيل خليفة في نسختها الأصلية، باستثناء

«عصفور». تشعر الميتزو سوبرانو برهبة كلّما اعتلت المسرح، ويزداد قلقها حين يكون غناؤها منفرداً. لذلك تكثّف تمارينها الصوتية، وتهتم بأدقّ

التفاصيل، بمشاركة رفيق دربها هاني سبليني. إضافة إلى «بُعد اللي بحبّه»، و«ليت للبرّاق» (من ألحان القصبجي)، وموّال «قُل للمليحة»،

ستغنّي أميمة «ليه يا بنفسج» (من ألحان رياض السنباطي)، و«رجعت ليالي زمان» (الأخوين رحباني)، و«الطبقة الوسطى» (من كلمات عبيدو

باشا، وألحان هاني سبليني)، و«بين الرضا» (من ألحان إدوارد بندلي)، و«إلى آخره» (من ألحان عبّود السعدي)... على البرنامج أيضاً أغنيات

تؤدّيها صاحبة «ليه» كعادتها بصوتها العاري مثل «أحبّك أكثر». ترافق أميمة فرقة تضمّ مجموعة من العازفين المخضرمين والشباب، أبرزهم فراس

شارستان (قانون)، وسمير سبليني (ناي)، وعبود السعدي (باص)، وأنطوان خليفة (كمان)، وهاني سبليني (بيانو)، وخالد ياسين (طبلة)، وسلمان بعلبكي (رِق).

كلّما سنحت الفرصة تسترجع الخليل بعض الأغنيات المنسيّة (من شريط «عَ الحدود» لمرسيل خليفة)، وأخرى لا تزال محفورة في الذاكرة. كأنّها

تنبش في ذاكرة الأغنية العربية الملتزمة، المثقلة بالانكسارات، والمشحونة بالأحلام الكبيرة. ذاكرة عادت أخيراً إلى الواجهة مع انتصار الثورة

التونسية والمصرية، وقبلهما المقاومة في لبنان. ألا تستحقّ انتفاضة الشعب التونسي والمصري تحيّة خاصة من أميمة، حتّى ولو تطلب الأمر

تعديلاً في برنامج الحفلة؟ من المؤسف أنّ يتأخر الفنّانون الملتزمون عن اللحاق بقطار الثورة، بعدما كانوا السبّاقين إلى التعبير عن هموم الشارع

وتطلّعاته، في مرحلة السبعينيّات والثمانينيّات. بلى أميمة... غنّي لمصر، وتونس، وفلسطين، والعراق، ولبنان! ردّدي من جديد «يا وطن الشهداء

تكامَلْ»، و«طفلٌ يكتب فوق جدار»، و«نشيد الحجر»! معظم الأغاني المهداة إلى ثوّار تونس ومصر الآن، تكتسي طابعاً استهلاكيّاً، ولا تعدو كونها

أغاني «مناسبات». لهذا، آن لروّاد الأغنية الملتزمة والتجديدية أن ينعشوا الأغنية العربيّة الغارقة في مستنقع العقم والابتذال. من المؤكّد أنّ

أميمة لن تخذل جمهورها الليلة