2012/07/04

أمينة رزق تقول: لقد فاتني القطار الزواج وسيلة وليس غاية ! ..
أمينة رزق تقول: لقد فاتني القطار الزواج وسيلة وليس غاية ! ..

فرسان المايكرفون أمينة رزق تقول: لقد فاتني القطار الزواج وسيلة وليس غاية ! ..     بقلم فهمي البكار
كانت جلسانا بسيطة .. تحادثنا تماماً كتلاميذ المدارس .. فقد كنا نجلس على ( رحلايا ) من مقاعد الطلاب الصغار وراء مسرح معهد ( اللاييك ) حيث عرضت الفرقة المصرية مسرحياتها في الماضي ... وتقمصت دور التلميذ الحبيث ..  المغرق بفضولية الأسئلة ... وتقمصت أمينة رزق دور المعلمة الرحبة الصدر ... على أنها لم تستطع أن تخفي فرحها، لأنها تجلس على ( رحلاية ) تلميذ صغير ... قالت: ـ كم أتمنى أن أعود طفلة ... ثم تنهدت ... وأنت حين ترى وتسمع أمينة رزق وهي تتنهد، تحس في حرقة في أعماقك .. إنها الفنان الذي يحترق مع أيامه وعافيته في سبيل أشياء بسيطة .. و .. سعادة الآخرين .. على أنك لا تستطيع أن تتجاهل بقايا الربيع المنتشر في عينيها الخضراوين .. ـ أي لون من العيون هو الرائع ؟ ـ الأخضر ... على أن لكل لون ميزاته الخاصة ! ـ عمرك ؟ ـ قبل عشر سنين كنت أقول .. أما دلوقت .. فبلاش ! ـ الطول ؟ ـ 165 سم . ـ في أي سنة صعدت إلى المسرح أول مرة ؟ ـ اكتوبر .. 1924 .. في دور صبي أعرج يساعد يوسف وهبي . ـ لماذا لم تتزوجي حتى الآن ؟ ـ لأنني أريد أن أتفرغ للفن .. لقد فاتني القطار .. ـ الفن والزواج يتعارضان ؟ ـ قد يتعارضان .. وقد لا يتعارضان .. ولكني أرى اجتماعهما يخسر الاثنين في آن واحد .. فالفن ما يبقاش كامل .. والزواج كذلك ... خذ مثلاً .. أنا دلوقت في رحلة خارج مصر ... تصور معي .. لو كنت متزوجة حيصل إيه وخصوصاً إذا كان فيه أولاد .. أنا أرى أن المرأة حين تنوي أن تتزوج، يجب أن تكثف كل العالم في شخص زوجها، وفي غرف بيتها .. حتى يكون عمر الزواج طويلاً ومريحاً .. ـ بم تنصحين الفتاة غير المتزوجة ؟ ـ أن تعتقد أن مهمتها ما هياش مهمة سطحية لمجرد الزواج .. ليس الزواج غاية بل هو وسيلة .. إن الأطفال هم الغاية ... إن استمرار الحياة واجب كبير يربض على كتفي الفتاة ... ولو لم يفتني القطار، وتزوجت .. لكنت استفدت كثيراً من تجاربي ـ كفتاة ـ وجنبت أولادي الأخطاء التي مرت بي ... وسألتها: ـ هل ساهم المسرح مساهمته الواجبة، كاملة، في المعركة ؟ ـ أعتقد أنه وفى .. لقد تحول المسرح إلى فرن يسخن الشعور الوطني بين العامة ... ولقد تطوع أكثر الفنانين والفنانات في حمل السلاح وفي التمريض .. والإذاعة .. الخ .. ـ هل زرت دمشق من قبل ؟ ـ في سنة 1927. ـ هل هناك تبديل ؟ ـ التبديل كثير جداً .. شيء واحد لم يتبدل .. هو كرم أهل الشام ! فالعمارات والشوارع والمظاهر العامة .. كلها تبدلت مع الطرابيش والسراويل و .. غير أن الناس في الشام لم يتبدلوا .. إن الغريب يحس دائماً، مهما تبدل الأشخاص بالولادة والموت، بأن الناس في الشام هم دائماً هم أنفسهم .. ـ شكراً ؟ ـ أنت مش منهم .. ـ لماذا ؟ ـ لم تقدم لي فنجان قهوة حتى الآن !! ـ ولذلك أنت حزينة في صوتك ؟! ـ أنا براء من هذه التهمة .. ـ أليس صوتك حزيناً ؟ ـ ليس هذا الحزن متأصلاً في نفسي .. إن كثرة تمثيل الأدوار المحزنة هي التي تركت في صوتي فعلاً علائم الحزن الدائم ! ـ أحب الطيور إليك ؟ ـ عشان الأكل ؟ ـ لا .. عشان السمع .. سمع أصوات الطيور .. ـ آه .... أنا بحب صوت الطير اللي فيه ألوان كثيرة ... ـ الحسون ؟ ـ أيوه .. الحسون ! ـ أحب مطرب ؟ ـ لا أفضل مطرباً على آخر ... وليس لي مطرب مفضل ولكن لي أغنيات مفضلة ... ـ مثلاً .. ـ الصبر والإيمان لعبد الوهاب .. وسمراء لعبد الحليم حافظ .. والله أكبر للمجموعة .. ـ اسم أبيك ؟ ـ محمد رزق .. ـ مكان الولادة ؟ ـ طنطا .. سنة .. أوه نسيت ... احنا اتفقنا على حفظ هذا السر الأبدي عند المرأة .... البوح بالسن !!     وضحكنا ونحن نلملم الأوراق ...  ونغادر مقعد التلاميذ الصغار .. أما الذي نسيته أمينة رزق حقاً فهو .. المطالبة بفنجان قهوة !!     المصدر: مجلة الإذاعة السورية ـ 16 أيار ( مايو ) 1957 ـ العدد 89 ـ ص 20 ، 21