2012/07/04

أومبير بالسان منتج فرنسي خدم السينما العربية
أومبير بالسان منتج فرنسي خدم السينما العربية

محمد رُضا- دار الخليج من بين الأفلام السبعة والعشرين التي يعرضها مهرجان “مخرجون جدد/ أفلام جديدة” في نيويورك المنطلق هذا الأسبوع، فيلم فرنسي بعنوان “والد أولادي” لمخرجة جديدة اسمها ميا هانسن لَ . وسبب خصوصيّته، أنه يتناول حياة وموت المنتج السينمائي، أومبير بالسان الذي توفّي منتحراً قبل خمس سنوات لأسباب لا تزال مثار أقاويل وتفسيرات مختلفة . الاسم قد لا يبدو غريباً لعدد منّا كونه غمس يديه في السينما العربية، او بعضها على الأقل . هو المنتج الفرنسي لخمسة أفلام من إخراج يوسف شاهين هي “وداعاً بونابرت” (1985) و”المهاجر” (1994) و”المصير” (1997) و”سكوت هنصوّر” (2001) ثم “الإسكندرية . . . نيويورك” (2004) . كذلك أنتج أربعة أفلام للمخرج يسري نصر الله هي على التوالي “مرسيدس” (1993) والفيلم التسجيلي “صبيان وبنات” (1995) و”المدينة” (1999) و”باب الشمس” (2005) والأخير مأخوذ عن رواية الكاتب الفلسطيني الياس خوري بالعنوان نفسه التي تتبعت أحداث 1948 ثم ما تلاها من نكسات الوضع الفلسطيني والحرب الأهلية في لبنان (ولو لُماماً) . لجانب شاهين ونصر الله، أنتج أومبير أفلاماً لخمسة سينمائيين عرب آخرين . هو الذي وقف وراء فيلم مارون بغدادي “الرجل المحجّب” سنة 1987 وانتج للمخرج الفلسطيني إيليا سليمان فيلمه “يد إلهية” سنة 2002 ثم تلا ذلك بفيلم انتج للمغربي اسماعيل فروخي فيلمه الطويل الأول “الرحلة الكبرى” في العام 2004 وحين احتاج المخرج المصري محمد كامل القليوبي التمويل اللازم لتحقيق فيلمه الوثائقي عن “روز اليوسف”، وسمّاه بالفعل “أسطورة روز اليوسف” انبرى بالسان للمهمّة وساعده على إنجاز الفيلم . وفي سنة 2003 أنتج مع ماريان خوري فيلماً وثائقياً آخر هو “سيدة القصر” الذي حققه اللبناني سمير حبشي . ولم تتوقّف إنتاجات بالسان على السينمات العربية . في تاريخ مهنته منتجاً الذي امتد من منتصف الثمانينات الى حين وفاته سنة 2005 ارتبط اسمه بفيلمين من إخراج الأمريكي الذي يعيش ويعمل في لندن جيمس أيفوري هما “جفرسون في باريس”، سنة 1995 و”النجاة من بيكاسو” سنة ،1996 كذلك فإن آخر أفلامه هو “رجل من لندن” للمخرج المجري بيلا تار، وقبله أنجز فيلم الدنماركي لارس فون ترايير وعنوانه “ماندرلاي”، الذي كشأن العديد من أفلامه مع مخرجين غير فرنسيين، عرض في مهرجان “كان”، من بين مهرجانات أخرى . لم يبدأ بالسان حياته منتجاً . جاء من عائلة ارستقراطية وصناعية ودرس التجارة لكنه أقدم على التمثيل وأول أدواره كانت في فيلم من إخراج روبير بريسون بعنوان “لانسيلوت البحيرة” سنة 1973 لكن ومن دون سبر مراحل حياته، فإن بالسان منتجاً كان غارقاً في مشاريعه وطموحاته وتردد أن معظم ما أنجزه في السنوات الخمس الأخيرة لم يحقق إيرادات تفي بتغطية تكاليفه (بما في ذلك فيلم نصر الله “باب الشمس” وفيلم بيلا تار “رجل من لندن”، ما دفعه في النهاية لاختيار الانتحار طريقاً للنفاذ من شعوره بالإحباط واليأس . المخرجة ميا هانسن-ل لا تستخدم اسم بالسان في فيلمها بل تمنحه اسم غريغوري كانفيل ويؤديه لويس دو دي لنكويسانك، من وجوه التسعينات . ونراه في الفيلم وهو رب عائلة سعيدة، يصرف الويك-إند بجانبها ولديه ثلاثة أولاد وامرأة جميلة ويعمل في المهنة التي أحبّها وأخلص لها: السينما . لكن الغيوم تلبّد حياته بالتدريج الى أن يختار الرحيل . هذا الرحيل يقع في منتصف الفيلم تقريباً ما يمنح المخرجة (وبالسان وقف وراء العديد من المخرجات الفرنسيات في تاريخه) الفرصة لتتناول غياب بطلها عن عائلته وتأثير ذلك على أفرادها . يعزز الفيلم الاعتقاد السائد أن المنتج الراحل كان سخيّاً في موافقاته على تمويل أفلام لم يكن متأكّداً من أن الجمهور ينتظرها . لكن المخرجة لا تتعامل مع هذا المنحى كما لو كان سقوطاً او طيشاً، بل تبرز جانب الطموح الفني الذي كان يدفع بالسان الى الالتزام بالسينما ذات المستوى الفني وبالمخرجين الطامحين لإنجاز أعمال تعني شيئاً فريداً له ولهواة السينما . لا ننسى أن فيلم ايليا سليمان “يد إلهية” كان أوّل فيلم يحمل اسم فلسطين في مهرجان كان السينمائي الدولي وذلك سنة ،2002 حيث فاز بجائزة لجنة التحكيم وبجائزة الاتحاد الدولي لنقاد السينما . كما كان الفضل في ذلك للمخرج الفلسطيني الذي قادته موهبته لتقديم عمله بقالب فني لافت، كان جزءاً كبيراً من الفضل ذاته يعود الى ذلك المنتج الذي أتاح له الفرصة في نهاية المطاف .