2013/05/29

أيام الدراسة «2» استسهال في الكتابة الدرامية
أيام الدراسة «2» استسهال في الكتابة الدرامية


تشرين – فنون

دائماً ما كانت الأجزاء الثانية للمسلسلات محط تساؤلات النقاد، وكثيراً ما كانت هذه الأجزاء المستنسخة عن بعضها بعضاً مثالاً على عجز الكاتب عن بناء شخصيات جديدة قادرة على النهوض بعمل درامي،

كذلك فإن حصول العمل الدرامي على شعبية عالية دفع البعض لاستثمار هذا النجاح بإنتاج جزء جديد قائم على نجاح مسبق. وسابقاً تساءلنا عن السبب المنطقي لتصوير جزء ثان من مسلسل «أيام الدراسة»، ولاسيما أن العمل بجزئه الأول كان يصور واقع الطالب وما يحيط بمناخ الطلبة في الثانوية من مقالب وأفراح وأتراح، فما الذي يود «أيام الدراسة 2» تقديمه إذاً؟

من الحلقات الأولى لـ«أيام الدراسة 2» تأليف طلال مارديني وإخراج مصطفى البرقاوي، يتضح أن المسلسل في وادٍ وعنوانه في وادٍ آخر، إذ إن الطلبة الذين عاشوا «أيام الدراسة» كبروا وتجاوزوا مرحلة الثانوية، وتحولوا من طلبة تجمعهم مقاعد الدراسة إلى مجموعة من الشبان والفتيات يجمعهم رابط الصداقة، ولم تبقَ «أيام الدراسة» سوى ذكريات شباب يتذكرها بين الفينة والأخرى أبطال العمل، وبذلك يتحول عنوان المسلسل إلى علامة مسجلة يستثمرها صناع العمل للحصول على نجاح كان قد وصل إليه العمل في جزئه الأول.

ينطلق أيام الدراسة الجزء الثاني مصوراً الحال التي وصل إليها كل من الطلاب بعد حصوله على شهادة الثانوية العامة، وهنا يقع كاتب العمل طلال مارديني بتناقضات عدة في ماضي شخصياته، حيث يضع مارديني في الحلقة الأخيرة من الجزء الأول نهايات مختلفة للطلبة فمنهم من يدخل الجامعة ومنهم من يلتفت للأعمال الحرة ومنهم من يتزوج...الخ، لكن في الحلقة الأولى من «أيام الدراسة 2» نجد أن ما وصلت إليه الشخصيات ليس له أي علاقة بما انتهت إليه في الجزء الأول، على سبيل المثال لا الحصر نجد أن «غسان، طلال مارديني» الذي كان قد ظهر ممثلاً مشهوراً في نهاية الجزء الأول، نراه في الجزء الثاني ما هو إلا شاب يطمح لدخول المعهد العالي للفنون المسرحية ويفشل مراراً وتكراراً إلى أن ينتهي به الأمر ككومبارس في أحد المسلسلات، أيضا فإن «يزن، يامن الحجلي» يصبح ملاكماً في نهاية الجزء الأول، لكن في بداية الجزء الثاني يظهر «يزن» وهو طالب إعلام لا علاقة له بالملاكمة، والأمثلة على هذه المتناقضات كثيرة تنطبق على معظم شخصيات العمل. يضاف إلى هذه التناقضات عدم التفات الكاتب إلى ماضي شخصيات العمل والطبائع التي كان قد طبع بها شخصياته، فغدت بعض شخصيات العمل شخصيات متناقضة مع ما كانت عليه في الجزء الأول، ومثال هذا شخصية «شادي، أيمن عبد السلام» الذي كان في الجزء الأول من العمل شاباً لطيفاً يتميز بطيبة قلبه ورقته، في الجزء الثاني من المسلسل يظهر «شادي» إنساناً مغايراً لما كان عليه إذ يتحول إلى رجل جشع قاسي الطباع لا طيبة في قلبه، وهنا يتوضح عدم انتباه الكاتب إلى البناء النفسي للشخصية التي بناها سابقاً.

الضحك من أجل الضحك

لكل عمل إبداعي رؤية فكرية يقدمها بطريقته، ودائماً ما كان غياب الرؤية الفكرية في أي عمل إبداعي سبباً في سقوط هذا العمل. وهذا ما وقع فيه «مسلسل أيام الدراسة»، إذ إن العمل وإلى الآن لم يقدم أي مقولة فكرية، ولم يحاكِ من خلال الأسلوب الكوميدي الذي يتبعه واقع المجتمع السوري، ولم يقارب أياً من قضايا الشباب والعقبات التي تواجه هذا الجيل اليوم، فما الذي يود «أيام الدراسة» قوله للمشاهدين؟ وما القضايا التي يتناولها؟ وهل يهدف من خلال الكوميديا التي يطرحها شيئاً حياتياً؟ هذه الأسئلة وغيرها تجول في رأس المشاهد عندما يرى أن مسلسل أيام الدراسة يتمحور حول مجموعة من الشبان يعيشون في بناية فاخرة ويتبادلون المقالب والألاعيب ولا يشغلهم شيء، ولا يقام بينهم أي حديث جدي يتناول الكاتب من خلاله أي قضية مهمة في المجتمع، حتى عندما يتناول العمل قضية جدية كقضية الضعف الجنسي التي يعاني منها «محجوب، خالد حيدر»، يتناول القضية بشكل هزلي لا يحاول من خلاله طرح مقاربة واقعية بقالب كوميدي لهذه القضية، وبذلك يكون هدف الكوميديا من أيام الدراسة هو إثارة الضحك لا أكثر.

أخيراً، على الرغم من الأخطاء التي احتواها «أيام الدراسة» الجزء الأول إلا أنه كان عملاً شاباً بامتياز وأتاح الفرصة أمام الشباب ككاتب ومخرج وممثل ليقدموا ما لديهم في هذا العمل، لكن فكرة تصوير جزء ثان من أيام الدراسة كانت بمثابة قتل لما أنجز في أيام الدراسة الجزء الأول، وهذا ما أكدته الهشاشة التي نراها في أيام الدراسة الجزء الثاني، والتي تؤكد على استسهال الكتابة الدرامية والنتائج الكارثية لهذا الاستسهال على الدراما التلفزيونية السورية.