2012/07/04

 	إيمان البحر درويش: حال الأغنية «حاجة تكسف»
إيمان البحر درويش: حال الأغنية «حاجة تكسف»

5حواس - البيان جاء تكريم الفنان إيمان البحر درويش في مهرجان الموسيقى العربية الثامن عشر دليلاً على مكانته ورصيده الفني وأغانيه العاطفية التي لم تذهب في طي النسيان على الرغم من ابتعاده عن الساحة 8 سنوات، خصوصاً أنه أحد فروع شجرة الموسيقى التي غرسها جده الراحل سيد درويش، الذي ملأ الدنيا عاطفة وشجناً، فامتاز صوته بنبرة متفردة في عالم الصخب الشديد. (الحواس الخمس) التقى إيمان البحر وٍسأله عن دلالات التكريم، كما تطرقنا إلى رؤيته لواقع الأغنية العربية والمشكلات التي أثيرت حول اعتزاله ثم عودته في سياق الحوار التالي.   * ماذا يعني التكريم بالنسبة للصوت الأصيل إيمان البحر درويش؟ ـ لا أخفي عليك أن التكريم جاء متأخراً، لكن المهم أنه جاء، وأنا على قيد الحياة، لكنني كنت سعيداً جداً باختيار إدارة المهرجان تكريمي هذا العام، وللعلم هذا لم يكن أول تكريم لي، ولكنني أحظى بتكريم من جمهوري في الحفلات التي أقوم بإحيائها على الرغم من الكلام الذي يتردد في وسائل الإعلام المختلفة عن أن نوعية الفن الذي أقدمه قد انقرضت، حيث يؤكد الجمهور دائماً عكس ذلك.   هراء واستعراض * هل تعتبر حقاً أن الفن الجميل قد انقرض؟ ـ بكل تأكيد لا، فقد انصرفت عن الساحة الفنية منذ ما يزيد على 7 أعوام، ولم أقدم أي حفلات منذ العام 1994 وحتى العام 2001، وعندما رجعت مرة ثانية توقعت أن الجيل قد تغير بالكامل، ولكنني وجدت أن الناس كما هي والجمهور العاشق يتهافت على حجز تذكرة في حفلي، وهذا دليل واضح على أن الفن الجميل لم ولن ينقرض. فعند بداية ظهوري قالوا إنني اعتمد على تاريخ جدي سيد درويش، خصوصاً أنني كنت حريصاً على تقديم أغانيه التي تمنحني تشكيلة متميزة ومتنوعة وصعبة من الموضوعات والمشاعر والأشكال الغنائية، لكنني أصررت على تقديم شيء مختلف فحققت نجاحاً مختلفاً عن زملائي من الجيل نفسه.   * ألا تشعر أن الإعلام مقصر في حق الفنانين الجادين؟ ـ أحياناً يكون الإعلام مقصراً، لأن ما يحدث الآن على الساحة الفنية ما هو إلا هراء واستعراض لا يمت إلى الغناء بصلة، لكن لو سلط الإعلام الضوء على كوادر الفن الجاد لجعل الفنانين يتصارعون على تقديم أغان جادة ومختلفة، لأن قيمة كل فنان ترتبط بكل ما يقدمه من معان جميلة وذكريات تعيش على مر الأجيال، كما فعل الفنانون: أم كلثوم وعبدالحليم حافظ وشادية وفايزة أحمد وغيرهم ممن رحلوا عن عالمنا، ومن أطال الله في أعمارهم. * هل تعني أن الإعلام بدأ يسلط أضواءه على من لا يستحق؟ ـ الإعلام من وظائفه الأساسية في هذا المجال توجيه الناس وتنبيههم إلى الفن الجميل، والجاد لكنه تحول الآن بزاوية 360 درجة إلى بعض الأصوات التي تقدم أشكالاً ونماذج من الغناء لا ترقى إلى المستوى الذي يجب أن يصل إلى الناس؛ لذلك أختلف مع عمرو دياب عندما قال إنه يحاول تقديم الأشكال الموسيقية المنتشرة بين الشباب، وهذا لا يعني أنه مخطئ لكنه في رأيي ليس من مصلحة أي فنان استخدام الشكل الموجود بل استخدام التطور الذي يضيف إليه، ويكون لكل منهم رؤيته الخاصة حتى لا تتلف آذان المستمعين أكثر من ذلك.   الفن الهادف   ما سبب ابتعادك عن اللون العاطفي والتركيز على الأغاني الدينية؟   أنا لم أبتعد، فمن يتابع حفلاتي يجد أنني أقدم كل أنواع الأغاني وبالنسبة للأغاني الدينية فأنا أفضل أن أسميها (الأغاني الروحية) التي تخاطب رغبة الإنسان في السمو الخلقي، فالفن الهادف هو الذي يحقق المعادلة الصعبة والقربى إلى الله دون خطب أو وعظ، ولكن بالتفتيش داخل النفس البشرية وفتح مغاليقها، ولا يهتم بأرقام المبيعات ولكن بالأثر الوجداني العميق.   بمناسبة أرقام المبيعات ما رأيك في الركود الذي يسيطر على سوق الكاسيت؟   أرى منذ سنوات طويلة أن الجمهور وجد أن البومات هؤلاء المطربين لا تستحق أن يشتريها مستمع، فبدأ تحميلها من الانترنت بعكس مطرب يحبه الناس يقدم فناً ذا قيمة تجدهم يقومون بشراء ألبومه، والدليل على ذلك نجاح ألبومات عدد من المطربين الصادقين، من بينهم سامي يوسف الذي يحقق مبيعات هائلة في ألبوماته، ومن هنا تعرف الفرق بين الفن الهادف والفن الآخر!   ألا ترى أن الفوضى ضربت الفن في مقتل؟   حالة الأغاني أصبحت يرثي لها، وحالة الغناء بوجه عام أصبحت (حاجة تكسف)، فالأغاني تعاني الآن من الإسفاف والابتذال، وأصبح يقدمها من يطلق عليه لقب نجم أو نجمة، ويعتمدون على العري والكلمات الرديئة بشكل مكثف، وأعتقد أن أغنية «العنب» التي قدمها سعد الصغير والتي لاقت هجوماً عنيفاً لها معنى أفضل من نوعيات أخرى من الأغاني التي تحتاج إلى مترجم لفك شفرات كلماتها.   ولماذا تعتمد على إنتاج ألبومك بنفسك على الرغم من عروض محسن جابر لإنتاجه لك؟   أنا لا أستطيع أن أفعل ما يطلبونه مني، لأنني أحب أن أعمل ألبومي بما أراه مناسباً لي، ويحافظ على تاريخي، وليس طبقاً ما يراه الآخرون، فقد أصررت على إنتاج ألبومي بنفسي على الرغم مما يسببه من مشكلات مادية لي. وقد رفضت التعاون مع محسن لأن له رؤية مختلفة عني، وجاء مؤخرا عرض شركة إنتاج أخرى لكني رفضت للأسباب نفسها.   هل يتضمن ألبومك القادم أغاني لسيد درويش؟   ألبومي الجديد يضم 8 أغان تعاونت خلالها مع مجموعة من شباب الملحنين والمؤلفين، هم الملحن وليد سعد والمؤلف عوض بدوي ومصطفى درويش وأحمد عبدالعزيز ومحمد شعبان ويحيى الموجي وغيرهم وعندما أفرغ من الألبوم سأقوم بعمل اغاني سيد درويش بتوزيع جديد.   في رأيك.. هل ظلم الإعلام سيد درويش؟   سيد درويش قيمة كبيرة ولم يحصل على حقه إعلامياً ولا أذكر سوى مقولة السنباطي حينما قال (لا يلعب بالموسيقى إلا سيد درويش).   مؤامرة غير معلنة   ما سر التوتر بينك وبين الصحافة الفنية بصفة عامة؟   عندما أدلي بتصريحات أجد كلاماً مخالفاً لما أدليت به تماماً، والماهر من الصحافيين ينشر عناوين مستفزة، ويبرر ذلك بأن الدسك هو الذي كتب العنوان، وقد اعتبروا أنني ارتكبت جرماً، حينما اتهمت أحدهم بأنه يتقاضى أجراً حتى يكتب على الرغم من أن عمله ليس من قبيل إيمانه بالصحافة، ولكنه موجه لهؤلاء الأشخاص البعيدين تماماً عمن يتحلون بالشرف والأمانة في الكلمة.   هل هناك مواقف بعينها تتذكرها مع الصحافة؟   دائما يتجاهل الصحافيون حفلاتي التي تحقق نجاحاً كبيراً دون رعاية، ولا يرصدون كيف تنفد التذاكر بمجرد الإعلان عن الحفل ومدى تفاعل الجمهور معي أيضاً.. وإنني حينما أظهر على المسرح أشعر أنني «واحشهم بجد»، وعلى الرغم من ذلك أعاني التجاهل الإعلامي المتعمد.   إذا كنت تؤكد أن هناك مشكلات مع الصحافة؛ فهل يتجاهلك التلفزيون المصري أيضاً؟   هناك مؤامرة غير معلنة هدفها ألا أظهر للناس بالشكل الجيد على الرغم من أن ألبومي «إحساس بريء، وعرفينا» من إنتاج «صوت القاهرة»، ورغم ذلك لا تتم إذاعتهما ولا أعرف السبب.   بعيداً عن المشكلات والمؤامرات، هل تتوقع العودة إلى التخت الشرقي والموشحات والقصائد الغنائية؟   المناخ والوقت وسرعة الإيقاع اليومي جعلت نسبة مشاهدة هذه الأعمال قليلة للغاية، ولكن هذا لا يمنع أن هناك مشاهدات لهذا الفن الجميل يلتقي معه الجمهور من خلال المهرجانات التي تقام في مصر والعالم العربي، مثل مهرجان الموسيقى العربية، وهذا يعود إلى طبيعة الجمهور.   ضرورة   يقول إيمان البحر درويش أنا لا أنكر أن المسرح الغنائي ضرورة ملحة؛ لأنه إبداع حقيقي يبرز الطاقات الفنية، خصوصاً أنه يحافظ على الثروة الغنائية، منذ أن بدأ على يد مارون نقاش في ألحان رواية «البخيل» التي تعتبر أول مسرحية غنائية في تاريخ المسرح الغنائي العربي، إلا أنه أصبح الآن سلفاً نادراً، ووجوده عودة للفن الجميل.