2013/06/21

ابن المسرح يدافع عنه.. الراحل طلحت حمدي في «فنان وذكريات»
ابن المسرح يدافع عنه.. الراحل طلحت حمدي في «فنان وذكريات»


جوان جان – تشرين


يُعتَبَر الفنان الراحل طلحت حمدي واحداً من أهم الأسماء الفنية التي طرَّزت تاريخ الفن الدرامي في سورية على مدى عشرات السنوات التي قضاها في كواليس المسرح

وعلى خشبته وأمام كاميرا التلفزيون ووراءها وفي دهاليز السينما بقطاعيها العام والخاص. هذه المسيرة الغنية استحقت أن تكون بتفاصيلها ودقائقها مادة لأكثر من برنامج تلفزيوني ربما كان أبرزها برنامج «فنان وذاكرة» الذي أعدته الإعلامية روزالين الجندي وأخرجته سوزان الكرم وبثته قناة سورية-دراما واستضاف الفنان الراحل على مدى حلقتين تحدث فيهما عن عدة جوانب من عمله الفني، وما يهمنا هنا هو حديثه عن تجربته المسرحية التي كانت أهم محطاتها شراكته مع الفنان الراحل محمود جبر في عدة أعمال مسرحية أخرجها حمدي لجبر وشارك في بطولة بعضها نذكر منها : «حطّ بالخرج-واحد زائد واحد يساوي تلاتة-سراديب الضايعين-ربّوا واتعبوا» وغيرها من أعمال مسرحية شكّلت في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي معالم بارزة في الحركة المسرحية السورية وأعطتها نكهة خاصة ميّزتها عن بقية الأعمال المسرحية السائدة حينذاك.

والواقع أن مزايا عديدة وسمت المسرح الذي قدمه كلٌّ من طلحت حمدي ومحمود جبر أهمها قدرة هذا المسرح على أن يقدم المعادلة الصعبة التي طالما تحدث عنها المسرحيون وهي الجمع بين الفكرة الجادة من جهة والشكل الفني الجيد البعيد عن الابتذال من جهة أخرى، وهو الأمر الذي تحقق في معظم الأعمال التي قدمتها فرقة محمود جبر، وبالتحديد تلك التي أخرجها له طلحت حمدي، حيث سيطر الهمّ الاجتماعي على هذه الأعمال، فتمّ طرح العديد من القضايا الاجتماعية الملحّة بأسلوب انتقادي لم يخلُ –حينها- من الجرأة. هذه المزايا أعاد تذكيرنا بها الفنان حمدي في البرنامج المذكور مستعيداً ذكريات حميمة من تاريخ المسرح السوري ومن تجربته شخصياً، في الوقت الذي لم ينسَ فيه التذكير بتجارب مسرحية أخرى مماثلة عاصرت تجربته مع محمود جبر كتجربة فرقة دبابيس للإخوة قنوع أو سبقتها قليلاً كتجربة الفنانين عبد اللطيف فتحي وسعد الدين بقدونس اللذين بقى المسرح الشغل الشاغل لهما حتى سنواتهما الأخيرة.

وتطرق طلحت حمدي في حديثه إلى ثنائية مسرح القطاع العام والقطاع الخاص مدافعاً عن هذا الأخير ومعتبراً أن صفة «المسرح التجاري» التي أُطلِقت عليه من قِبل بعض النقاد صفة ظلمته وحجّمت من دوره وتأثيره، معتبراً أن الهدف الأساس من أي عمل مسرحي هو تحقيق المتعة للمتلقي وهو الأمر الذي اعتبر حمدي أن فرقة محمود جبر وبقية الفرق الفعالة حينها قد حققته على أكمل وجه.

إضافة إلى تجربته مع فرقة محمود جبر تطرق الفنان الراحل طلحت حمدي إلى تجاربه المسرحية المبكرة ومشاركته في بعض عروض المسرح القومي وبالتحديد مع المخرج رفيق الصبان الذي هاجر منذ مطالع سبعينيات القرن الماضي إلى القاهرة واستقر فيها.

وعدا عن تجربته المسرحية تحدث طلحت حمدي عن بداياته في العمل التلفزيوني وتجاربه في الإنتاج التلفزيوني من خلال شركته التي أنتجت عدة أعمال تلفزيونية حققت نجاحاً ملحوظاً زمنَ عرضها، وهي الشركة المتواضعة بإمكاناتها التي توقفت عن الإنتاج بعد دخول شركات الإنتاج التلفزيوني الضخمة على الخطّ، فما كان من الشركات الصغرى –ومنها شركة طلحت حمدي- إلا الانكفاء على نفسها وترك المجال مفتوحاً أمام الشركات الكبرى التي قدمت أعمالاً ضخمة لا يمكن لأحد أن ينكر أهميتها ومدى الدفع الذي قدمته للدراما التلفزيونية في سورية.

وفي سياق حديثه عن أعماله التلفزيونية تطرّق بشكل عابر إلى مسلسل «السنوات العجاف» الذي أخرجه في منتصف ثمانينيات القرن الماضي وهو المسلسل الذي أثار ضجّة كبرى حينها وربما كان المسلسل السوري الوحيد الذي تُعقَد ندوة نقاشية عنه على شاشة التلفزيون بعد بثّ حلقته الثالثة لتوضيح العديد من النقاط والإشكاليات التي أثارها حينها.

وختم حمدي حديثه في «فنان وذكريات» عن مشاريع تلفزيونية لم يكتب له القَدَر تحقيقها.