2012/07/04

احترام المشاهد
احترام المشاهد

ماجد السامرائي – دار الحياة بدت حلقة الثلاثاء الماضي من برنامج «الاتجاه المعاكس» الذي يقدمه فيصل القاسم من «قناة الجزيرة» من بين الحلقات الاستثنائية لهذا البرنامج لما تميزت به من مستوى معقول للحوار يليق بمشاهد يتابع الشأن الثقافي... فقد كان كل من ضيفي البرنامج: حياة الحويك عطية، وناصر الجيلاني واضحين في الرأي وفي مستوى الحوار في الموضوع المطروح عليهما، فهو وإن قام على الاختلاف بينهما إلا أنه لم يخرج بأي منهما عن مستوى الرأي واحترام الرأي الآخر - وهي مسألة تحسب للبرنامج والمتحاورين معاً. ومن جانب آخر، فإن موضوع الحوار بينهما كان من المواضيع المثارة اليوم في المستويين: الفني - اجتماعياً، والفني - ثقافياً، ألا وهو سيادة الفن الغنائي الرديء وشيوعه بكلماته النافرة وألحانه الهابطة وأدائه المنحل، ما ساعد على ظهور أصوات من كلا الجنسين ليس لها من مقومات الفن ما يمكن أن يحقق لها سلامة وقوفها على ارضه مدة أطول، بعد ان خرقت تقاليد الفن الحقيقي، وهبطت بمستوى الذوق العام. وجاء اختلاف الرأي بين ضيفي البرنامج واسعاً وكبيراً: ففي حين دعت الحويك الى وضع «ضوابط» تحمي الذوق العام من التردي بفعل شيوع مثل هذه «الأنماط الغنائية» الهابطة، و«صون» جيل الشباب اليوم من الانحدار وراءها، والانشغال بالتوافه التي تشيعها ومجافاة قضايا الأمة المصيرية، رأى الجيلاني أنه ليس في مقدور أحد وضع مثل هذه الضوابط التي تمنع الآخرين من حق الحياة والفن بالطريقة التي يجدونها أكثر استجابة لما في نفوسهم من تطلعات الحياة والفن. وإذا كانت الحويك قد وضعت ما يجرى ويصب في مثل هذا الاتجاه /التوجه في إطار «نظرية المؤامرة»، فإن اختلاف الجيلاني معها جاء صريحاً وواضحاً سواء في منطلقاته الليبرالية أم في الرؤية والموقف، إلاّ أنه لم يذهب في ما قال مذهب «الاتهام» لمحاورته بالأدلجة والدوغماتية، كما يفعل عادة كثيرون من ضيوف البرنامج، بل قال بالاختلاف معها في ما ترى وتقول، مفصحاً عن نظرة مغايرة لنظرتها الى الموضوع. والمحاورة، بدورها، لم تتهم محاورها بأنه إنما يعضد، برأيه هذا وموقفه، المشروع الذي أسندته الى الاستعمار، وإلى العولمة بما تنطوي عليه من أسباب التبعية للمشروع الاستعماري، واضعة حقائق الانحراف في حياة الأجيال الجديدة أمام عينيه وعيون المشاهدين. أريد من هذا العرض أن أصل الى القول: إن أي برنامج تلفزيوني - حين يختار محاوريه في موضوعات يجدها تعني مشاهديه، أو الشريحة الاجتماعية التي يتوجه إليها، عليه ان يختارهم بعناية محسوبة من أطرافها كلها: من أهمية الموضوع ومستوى المتحاورين لضمان مستوى الحوار... ففي مراعاة مثل هذه الشروط الفنية والثقافية يمكن ان نساعد في بلورة أفكار المشاهد وتصوراته.