2012/07/04

إغراء.. ممثلة سورية تتخطى الحدود مرة أخرى
إغراء.. ممثلة سورية تتخطى الحدود مرة أخرى

  في عددها الورقي الصادر يوم السبت الماضي، 2 تشرين الأول/ أكتوبر، نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية لقاءً مع النجمة السورية نهاد علاء الدين، المعروفة باسم "إغراء".. وحرصاً من الموقع على إيصال المعلومة التي تتعلق بالفن كاملة إلى متابعيه، نقدم لكم هذا اللقاء بعد ترجمته بشكل كامل.. ممثلة سورية تتخطى الحدود مرة أخرى مادة منشورة في صحيفة نيويورك تايمز، عدد 2 تشرين الثاني/ أكتوبر 2010. تحرير روبرت إف وورث. ترجمة موقع بوسطة كانت نهاد علاء الدين واحدة من أعظم أيقونات السينما السورية.. بعملها تحت اسم "إغراء" جسدت الانفتاح والليبرالية اللذين هيمنا على العالم العربي خلال حقبتَي الستينيات والسبعينيات، مؤدية أول مشاهد التعري في سينما تلك المنطقة. تقول إغراء للصحفيين متهكمة «علينا أن نعيد الجنس إلى السينما لأن مشاهدينا محبطون». الآن، وبعد 15 عاماً من العزلة التي فرضتها على نفسها، عادت إغراء كناقد شرس للموجة الإسلاميّة التي تجتاح الشرق الأوسط، وشجاعتها هذه أثارت إعجاب الجيل الأصغر عمراً، والأكثر تحفظاً، من الممثلات والممثلين والمخرجين.. قدم تلفزيون سوري في العام الماضي فيلماً وثائقياً من عدة أجزاء عن إغراء، كما يعمل حالياً مخرج سوري شهير على فيلم عن حياتها.. وعلى عكس الكثير من ممثلات تلك المنطقة الأخريات، ترفض إغراء الاعتذار عن أي من أدوارها المثيرة للجدل، على كثرتها، حتى أنها تدافع عن حريتها الجنسية بطريقة غير معهودة في هذا البلد المحافظ على نحو متزايد.. «الرجال منافقون هذه الأيام.. فالمرأة إذا لبست حجاباً, هي صادقة».. قالت إغراء بصوت قطعه تدخينها المتواصل، خلال لقاء متأخر في إحدى الليالي في شقتها في دمشق.. أكملت حديثها «المسلمون المحافظون، هذه الأيام، هم في معظمهم كاذبون، فهم ينتقدون الآخرين، لكنهم لا يصدقون أنفسهم حقاً». «كل ما يتعلق بقضايا الحجاب، أصبح ذريعة لملاحقة الناس الآخرين، والإيقاع بهم»، ضحكت.. وأضافت: «هذا النوع من الحديث ربما يصل بي إلى حبل المشنقة».. تم تقسيم عائلة إغراء بسبب التوجه الإسلامي.. عندما كانت مراهقة في أواخر الخمسينيات سافرت مع أختها الأكبر سناً إلى القاهرة، حيث أطلق عليهما حينها متعهدٌ مصري اسمَي "إغراء" و"سحر"، وجعل منهما ثنائي رقص شرقي ناجح.. قاما بجولات في أوروبا وآسيا، لكن مردودها المادي كان متواضعاً.. بعد ذلك، في أواخر السبعينيات، عادت الصحوة الإسلامية إلى الظهور، آخذةً بطريقها أخت إغراء التي ارتدت الحجاب، وأصبحت مسلمة محافظة، متجاهلة اسم "سحر"، وهي الآن ترفض الحديث عن ماضيها مع الرقص الشرقي، على الرغم من أن الأختين بقيتا موضوعاً للأقاويل. أما بالنسبة لإغراء التي لا تزال تستخدم اسمها، فهي تعيش الآن حياة ليلية في غالبها، فهي تستيقظ بعد الظهر.. وقد حولت شقتها إلى متحف من عملها السابق بعشرات الصور، جنباً إلى جنب مع مجموعتها  من الحلي المرصعة، والحيوانات المحنطة.. وهي في نهاية عقدها السادس.. لا تزال إغراء تلبس مثل أية مراهقة فتيّة، كما كانت هي تلبس في شبابها، (جينز) ضيقاً.. مكياجاً مبالغاً به.. وشعراً مستعاراً يُخفي شعرها الأبيض.. تزوجت منذ ثماني سنوات فقط، من رجل يصغرها بعقود، ولم تنجب أطفالاً أبداً.. بعض النقاد يقولون إن حديثها ليس إلا محاولة لصرف النظر عن عملها في الأفلام الإباحية.. ترد إغراء بحزم: «خلعت ملابسي لمبدأ»، وتكمل: «لو أردت فعل ذلك لأجل المال لكنت فعلتها في الظلام، وجنيت مالاً أكثر بكثير». إغراء، المولودة في دمشق لأسرة من الطبقة الوسطى الفقيرة، تركت المدرسة في الصف الخامس، وانتقلت إلى القاهرة في عمر 13، وبعد تدربها على الرقص على يدَي الراقصة الأسطورة المصرية تحية كاريوكا، رقصت مع أختها لسنوات عديدة، ثم بدأت التمثيل في الدراما التلفزيونية.. مضت في طريقها لتصبح ممثلة وكاتبة سيناريو ومخرجة رائدة.. «كان هناك نوع من بذرة حرية في تلك الفترة» قال نبيل المالح المخرج السوري الذي ساهم في إنجاح عمل إغراء.. جاء اختراق إغراء عام1970 في فيلم "الفهد"، الذي اعتبر، على نطاق واسع، بأنه أسس للسينما السورية الحديثة، في وقت كانت فيه السينما المصرية تهيمن على الساحة. وخلال تصوير الفيلم شعر المنتجون والمخرج بالقلق تجاه فكرة أن قصة الفيلم - التي تدور حول شخصية تشبه شخصية روبن هود تعيش في الجبال شمال سورية - قد لا تجذب الانتباه الذي تستحقه بدون بعض مشاهد الإغراء.. فسألوا إغراء، التي كانت تلعب دور زوجة البطل، أن تقوم بمشاهد تعري فأجابتهم بالموافقة وبسرعة. وفق المعايير الحديثة.. الفيلم كان خالياً من العاطفة تقريباً، فهو كان عبارة عن مجرد لقطات قليلة من اللحم البشري خلال مشهد حب صامت، لكنه في ذلك الوقت شكل صدمة عميقة.. «شعرت وكأنني أقوم بعملية تفجير انتحارية عندما كنت أؤدي المشهد».. تستعيد إغراء ذاكرتها وتكمل: «أن تقوم بمثل هذا المشهد في سورية.. كنت أعرف أنه سيكون هناك انتقادات».. بالفعل خرجت انتقادات، لكن الفيلم حقق نجاحاً عظيماً، سافر الناس في حافلات ممتلئة، من القرى النائية إلى صالات عرض السينما في دمشق وحلب. دافعت إغراء عن دورها، وعندما طلب منها أن تلقي اللوم على المنتج والمخرج رفضت، قائلة إنها أدت المشهد بكامل موافقتها.. استمرت إغراء في التمثيل في عشرات الأفلام الأخرى، كثيرٌ منها رخيص، مع الكثير من مشاهد البكيني، بدون حبكة تذكر، لكنها أيضاً كتبت 25 سيناريو، وأخرجت أعمالها، في محاولة لكسر المواقف الذكورية تجاه النساء في مجتمعنا. «أفلامي تنتقد المعايير المزدوجة للرجل الشرقي» تقول إغراء، وتضيف: «هو يدرس في أوروبا، لكنه يعود إلى الشرق، ويعود أيضاً إلى مواقفه القديمة، فإذا استطاع أن يقفل على زوجته وأخته فإنه سيفعل». بالنسبة للمخرجين الأصغر عمراً، غلب موقفها كمدافعة عن حقوقها على وضعها كممثلة.. في بلد يُجبر فيه الفنانون، غالباً، على تقديم تنازلات للرقابات أو للمعتقدات الدينية، فإن صدقها وثباتها يبدوان فضيلة لها، وعلى الرغم من آرائها المثيرة للجدل، إلا أنها لم تتعرض للتحرش أو التهديدات.. «إنها مهمّة جداً لأنها لا تكذب»، قال خالد خليفة، روائي معاصر وكاتب سيناريو بارز.. «لم تشعر بالندم أبداً.. ولم تعتذر أبداً»، وأضاف أنه في الدراما التلفزيونية المعاصرة وفي الأفلام، بصعوبة بالغة تستطيع تقديم حتى القبلة.. قال السيد خليفة إنه حاول إقناعها (إغراء) بالعودة إلى الشاشة، ولكن بدون جدوى.. وبشكل غريب قالت إغراء إنها تكنّ إعجاباً كبيراً لحسن نصر الله زعيم الحركة الشيعية "حزب الله". إنها لا تشاركه مبادئه الإسلامية، ولكنها معجبة بصدقه.. وقالت: «إذا طلب مني أن أضحي بدمي.. فسأفعل». قالت إغراء إنها ستقدم فيلماً جديداً إذا كان الدور مناسباً.. أما في الوقت الحالي، فيقوم المخرج السوري الشهير عمر أميرالاي بإخراج فيلم عن حياتها، وتبدو إغراء مرتاحة للعب دورها كمشاغبة.. مشيرةً إلى صورة فيلم ضخمة لا تزال على جدار غرفة معيشتها، وتظهرها في صباها، ترمي رأسها إلى الخلف، وتغلق عينيها، في حالة تبدو وكأنها لحظة تخلٍّ عن الحسية.. تسأل إغراء: «خمن ماذا كنت أفعل في تلك الصورة؟».. الجواب.. تتعرض للطعن حتى الموت على يد زوجها، في هذا الفيلم تلعب دور امرأة تخون زوجها ثم تعود إليه، فقط، كي يقتلها.. «يظن الرجال عادة أن الصورة تعبر عن لحظة ذروة جنسية».. تقول بابتسامة فاجرة: «النساء فقط هن من لا تذهب أفكارهن بهذا الاتجاه»..