2014/07/04

باب الحارة 6
باب الحارة 6

بوسطة- محمد الأزن

من المبكّر أن نحاكم عملاً تلفزيونياً، ونكيل له الانتقاد، بعد عرض حلقتين، أو ثلاثة منه، وهنا تبدو مقولة "المكتوب مبيّن من عنوانه" مجافيةً للإنصاف، خاصّة إذا كانت الانتقادات مبنية على مواقف مسبقة، كما يحدث مع مسلسل "باب الحارة6" الذي وضع على "مقلاةٍ" حامية، منذ الحلقة الأولى، لكن هذا الاستعجال غير المبرر في الهجوم، ينبغي ألا يقابل بردّة فعلٍ مفادها "اللي موعاجبه لا يشوف".

 

ما قلناه يلخّص ما دار على صفحات الموقع الأزرق، من نقاشٍ مباشر وغير مباشر حول هذه القضية بالذات، خلال الأيام الأولى من موسم العرض الرمضاني، فالنجمة شكران مرتجى بصراحتها المعهودة، بدا عليها الضيق، ممن يتابعون حلقات الجزء الجديد من "باب الحارة"، بقصد التقاط هفواته، ثم يسارعون لانتقاده عبر "فيسبوك"، فكتبت في تدوينةٍ لها :"جماعة اللي ما بيحبوا باب الحارة.....هاد حقكم ورأيكم الشخصي جداًجداً جداً بس ما تشوفوا الحلقة كل يوم بس مشان ترقعونا بوست ناقد هيك مو حلوة ما عجبك لا تشوفه .........شكرا."

 

ولم يتأخر الرد الفيسبوكي، غير المباشر من السيدة ديانا جبّور مدير عام المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي، والتي كتبت على صفحتها: "حبّك حبّك.. ما حبك الله معك... كما لو أنها دعوة لحفلة عرس، إن أحب المدعو لباها, أو فليظل ببيته، على مبدأ يا جارتي أنت ببيتك وأنا ببيتي.. هذا ملخص بعض ردود الأفعال تجاه الآراء الناقدة لمسلسلاتنا السورية، مع أنها تدخل بيوتنا."

 

وأضافت جبّور: "طالما ظهر العمل الفني إلى العلن تصبح متابعته واجباً، ونقده حقاً، لا يمكن للفن السوري أن يتلافى عثراته دون الاستماع إلى الآراء الناقدة حتى لو كانت قاسية، وهذه بالمناسبة سمة العلاقة الإبداعية بين طرفي المنتج الفني في سورية."

وختمت بالقول: "لا أفق لفن نطلب من الناس مقاطعته، وإدارة الظهر له إن لم يعجبهم، بدل أن نقيس عبرهم المزاج العام ونستفيد من ملاحظاتهم، العمل الفني، بإنجازه، يصبح ملكية عامة، ننتقدها ( بأدب) لنحافظ عليها."

 

تدوينة ديانا جبّور لقيت تفاعلاً كبيراً، من فنّانين، وصحفيين، ذهبوا باتجاه المطالبة بأن يلعب الرقيب "دورا في تقييم الأعمال وإيجاد طريقة ما تفرمل هذا السوء"، كما

قال الفنّان إياد أبو الشامات الذي اعتبر أن الترفيه عن الناس، وإنتاج أعمال ضمن "الظرف العام القاهر، أو مجرد الرغبة بالاستمرار فقط، لا تبرر هذا التدني الخرافي."

وهنا ردّت الكاتبة الصحفية لورا خضير على أبو الشامات بالقول: "لن تجد رقيب يفرمل هذا السوء فاللاعب الاساسي هو المال، والمنتج حتى أننا رأينا أسماء نجوم لم نكن نتوقع رؤيتهم في مسلسل، أقل ما يقال عنه أنه عار على الدراما ...أما عن باب الحارة والذي اعترفت الدولة السورية بأنه أساء إلى التاريخ السوري أعطته أذنا للتصوير في سورية بسبب المال.. المال ..المال ابحث عن هذه الكلمة."

 

فيما اعتبر الكاتب مازن طه أنّ "التعاطي مع دراما هذا العام لا يختلف مع طريقة التعاطي مع القضايا الاخرى .. فالإقصاء والاصطفاف الحاد، والعنف اللفظي والتمترس خلف أفكار وآراء معلبة، ومسبقة الصنع هي السمة الغالبة .. إضافة إلى تسلل أنصاف المبدعين، وأشباه الموهوبين على جسد الدراما السورية .. وهؤلاء سيصمون آذانهم عن أي نقد لانهم لا يملكون حجة قوية، ولا يستطيعون الدفاع عن أعمالهم .. لذلك يلجؤون الى اختصار الطريق .. ثمة ازمة حقيقية .. والعلاقة بين المبدع والتلقي بدأت تأخذ اشكال تعبر عن اشكالية عامة وواقع تغلب عليه الزوايا الحادة..."

 

وهنا أطلت شكران على صفحة ديانا جبّور، لتشرح وجهة نظرها بشكلٍ مباشر، قائلةً: "ليس من المعقول أن يأتي من أول، وثاني حلقة نتيجة موقف مسبق، وأنا هنا أتكلم عن أعمال الأجزاء، وهناك نقد، وهناك شتائم وشتان بين الاثنين ......هناك منطق يقول أشاهد ثم أحكم ولكل رأيه الشخصي، ولكن نعمة الاختيار حققتها لنا التكنولوجيا لسنا مضطرين، أن نشاهد عمل طالما يسبب لنا ازعاج ويستفزنا، ولكننا نشاهده فقط لنضع على عين المشتركين... أنه هاها لقطناكم."

فردّت جبّور بالقول: "أهالينا كانوا يقولوا المسبة بتدور بتدور وبترجع لصاحبها. الجد أن الشتيمة ترجمة لرغبة بإلغاء جهد الناس، بل والناس نفسهم، لكن الوجه الآخر لهذه الحقيقة أن التجاهل حكم إعدام، ومن أقسى ما يمكن أن يواجهه عمل غني."

وبالتوازي مع السجال الذي أطلقته شكران مرتجى عبر الموقع الأزرق حول الانتقادات المسبقة لـ"باب الحارة"، خرج سليمان عبد العزيز عن صمته، باعتباره شريك عثمان جحى في كتابة الجزئين الجديدين من العمل، وكشف جانباً من الصراع الذي خاضه النص في أروقة الرقابة، قائلاً: "في الجزء السادس، ويليه السابع كان الصراع مع الرقابة في كل مفردة، ومفصل من مفاصله بل ظهرت توصيات عممت على كل الأعمال الدمشقية، بل ذهب الكثير إلى وضع استنتاج سطحي وتافه أنه أحد محفزات الأزمة التي تعصف ببلاد، باب الحارة حجز جمهوره قبل العرض وبعده.. وسيبقى في الذاكرة الشعبية لذلك طلبت أجزاء أخرى.. شكرا فريق باب الحارة الذي عمل بكل طاقته لإنجاز العمل.."

 

ثم أتى كلام مدير إدارة إنتاج السلسلة الشاميّة الشهيرة عبد الرزاق حوراني، في ذات الإطار الذي قالته مرتجى، حيث كتب في صفحته على "فيسبوك": "أي مسلسل ماحبيتو، لا تشوفو، هادا رأيكن بنحترمو، هادا الكلام ليلي حكمو على أي عمل من اربع حلقات، بدي قلكن إنو وقت عرض مسلسل باب الحارة، بتسكر كل الشوارع بالدول العربية، بتمنى تفرحو لعمل عربي جماهيري ناجح."

وأضاف حوراني: "بالنسبة للممثلين اللي عم يهاجمو العمل لو عطيناهن عشر مشاهد بالعمل متاكد، إنو رح يمدحو ويوافقو على المشاركة، شكرا للنقد البناء انتظرو لينتهي العرض، بعدين هاجمونا، شكرا لكل فني وفنان شارك بالعمل، رغم الظروف وتساقط الهاون على البيوت اللي صورنا، بها شكرا لمنتج العمل الذي اصر على تصوير العمل ببلدي، رغم تقديم مغريات كبيرة لتصويره خارج القطر."

 

يبدو أن "باب الحارة6" طرح بشكل مبكّر في هذا "الموسم المضروب"؛ السؤالين المثيرين للجدل حول متى يكون النقد أحقيّةً، أو أداةً للتشفي؟ مع ملاحظة أنّه ليس جديداً اتهام صنّاع الدراما السوريّة للصحفي الذي لا يعجبهم رأيه النقدي بعدم الموضوعية، لكن لا يمكن في النهاية أن نقول لمن تقوم الدراما على استقطابهم... أي الجمهور، "اللي عاجبه يحضر واللي مو عاجبه يقلب المحطّة".... تلك هي المشكلة.