2012/07/04

جهاد سعد: «سورية تعني الشمس وأبناؤها أبناء النور والتنوير»
جهاد سعد: «سورية تعني الشمس وأبناؤها أبناء النور والتنوير»

خاص بوسطة – يارا صالح


توجه الفنان جهاد سعد إلى أبناء شعبنا العربي السوري ببضع كلمات في هذه الظروف التي تخيم على سورية حالياً، وقال من خلال بوسطة إن سورية، بلاد الشمس، ستنهض من هذه الأزمة، وتتجاوزها، لأن أبناءها هم أصحاب الحضارات الأولى، وهم أهل النور، طالباً من الجميع أن يبدؤوا بالإصلاح من أنفسهم، وأن يقتنعوا أن الإصلاح يحتاج إلى وقت كي يتحقق.


وقال سعد في رسالته: «من خلال موقع بوسطة أوجه رسالة إلى الجمهور العربي السوري، وهنا أحمّل بوسطة رسالة كما كان أهلنا يحمّلون الحمام الزاجل رسائلهم، فيطير الحمام بها حرّاً لأنه يعرف معنى الحرية، طبعاً كان أهلنا يختارون لرسائلهم عنواناً يعبر عن مضمونها، والعنوان الكبير هنا هو ما يحدث في سورية، وما يحدث واضح جداً، ولا خلاف عليه حتى بين الآراء المتناقضة والأفكار المختلفة.

نحن نعلم جميعاً أن هناك ما يحدث في سورية، وجميعنا نعرف أن الحقيقة الواحدة لما يحدث نصل بها عن طريق البصيرة والاستبصار، لأن الظاهر فقط لا يعطينا كل الحقيقة، فلو نظرنا إلى الباطن لعرفنا كل الحقيقة، وحتى القنوات المغرضة لما عادت مغرضة أبداً بنظرنا، بل لنظرنا إليها على أنها ضعيفة، لأن من أنشأها هم ضعاف النفوس. بالبصيرة نخترق الحقائق الظاهرية للحقائق الباطنية، وما يحدث في سورية حالياً هو أضعف بكثير من سورية، وأكرر ما قلته سابقاً.. سورية تعني الشمس، ونحن نستطيع أن نحدق في الشمس وفي النور، لأن أبناء سورية هم أبناء النور، يعني أننا أبناء الحضارة والتنوير. التنوير الأول كان في سورية، والإضاءة الأولى على الحضارات والرموز كانت في سورية، وأولاد سورية واعون بما فيه الكفاية كي يعرفوا ما معنى الحرية، ويعلموا كم هم مستهدفون، كم نحن مستهدفون لأننا أقوياء، كم أنتم مستهدفون لأنكم أقوياء، وكلننا أقوياء.. هذه مرحلة صغيرة كثيراً في تاريخ الشعوب، وستمضي، ولن يبقى منها أثر على الإطلاق. كل ما يهمنا أن نرى الأمور بزاوية واسعة، عندها نمتلك الوقت لنفكر بهدوء.

نحن نريد الإصلاح، ونريد الحرية، ونريد التغيير، وذلك سيحدث بشكل من الأشكال، ولكن كيف؟ نحن نريد أن نكون يداً واحدة مثل زهرة اللوتس التي تتفتح كل أوراقها مع بعضها. لا يجوز أن تتفتح الكومة ولا يتفتح الشعب، أو العكس.. الشعب والحكومة يجب أن يتفتحوا مع بعضهم كي نستطيع أن نعطي كل طاقاتنا لبلدنا.. ما يحدث حالياً في سورية هو سحابة صيف عابرة، ولا يمكن لهذه الأحداث البسيطة بالنسبة للتاريخ الإنساني أن تؤثر بنا. جميعنا عندما نرى التاريخ بعين واسعة نتأكد أن الأحداث تتكرر كثيراً في التاريخ، ودائماً ما يكون الانتصار للشعب والناس وللحياة، ونحن أبناء الحياة.

سورية كانت ومازالت وستبقى حرة، وأريد هنا أن أؤكد أن العالم بعد أحداث الحادي عشر من أيلول، بغض النظر عمن قام بهذا التفجير، ليس كما قبله، بل حدث تحول في التاريخ البشري المعاصر، منذ عشر سنوات إلى الآن علينا أن نتأكد أن الثقافة التقليدية أصبحت عقيمة، وعلينا ان نتوقف عن اعتمادها منهجاً للتفكير، يجب أن نقوم بعملية "فرمتة" للعقل، ونعيد صياغته، وأن نتركه حراً تماماً.. عقل محض، من دون أن يكون متأثراً لا بأيديولوجيا ولا بثقافة محدودة ولا بتفكير مبني على استراتيجيات مبهمة، ولا بتفكير مؤدلج من أي جهة كانت.. أنا أتحدث بعلم الطاقة، وعلينا أن ندع طاقة عقولنا منفتحة..

أي مثقف حالياً يفكر بطريقة تقليدية ويفسر الأمور بطريقته الخاصة سيُصاب بالاكتئاب برأيي، لأنه سيشعر بالضغط على مستوى عالي. أما من يرى بوضوح، فله الخلاص، ونحن نريد أن نصل ببلدنا إلى بر الخلاص، وما يوصلنا إلى هذا البر هو الوعي والقدرة على التفاعل مع مسألة الزمن الذي يطور الأشياء بنفسه، لأن الإصلاح لا يأتي بيوم أو يومين، ولا يأتي فقط من الحكومة، بل يأتي منا نحن الشعب، عندما لا نرمي الأوساخ في الطريق، عندما نتعلم كيف نسير في الطريق بشكل صحيح، عندما نلتزم بالقوانين، وأبسطها قانون السير، هذا غصلاح، وعلى كلّ منا أن يبتدئ بنفسه.. عندما نقوم بهذا الأمر، وأحترم الشارع وكأنه بيتي لأنني في الناهية سأنزل غلى الشارع، وأسير فيه، فهو ليس ملكاً للحكومة، بل ملك لي، أكون قد بدأت بالإصلاح الأساسي.

وفي نفس الوقت، أوجه كلامي إلى هذه الحكومة، والتي تليها، والتي تليها... هذا مبدأ تاريخي، فنحن نعيش في ظل قانون ومبدأ تاريخي، «نولد.. نموت.. ونولد من جديد.. ونتطور بلا توقف»، هذا مثل فرنسي، وهذا هو القانون الذي يحكمنا، شئنا أم أبينا، هذا قانون حياة، فحتى الحكومة الجديدة يجب أن تنزل إلى الشارع، فأعضاء الحكومة هم منّا، أهلنا وأقرباؤنا وجيراننا، يجب أن ينزلوا إلى الطريق، ويكونوا أولاد الشوارع، أولاد الحياة، لأن الشارع هو الحياة.. الشارع هو المسرح الكبير للحياة، ويجب على الحكومة أن تنزل إلى الطريق وتحاور الشعب بطريقة أو بأخرى، ويجب أن يتقرب الشعب أيضاً من الحكومة، ويقدر الجهود التي تقدمها، وسواء كانت النتائج سريعة أم بطيئة، فإن الأمر بحاجة إلى زمن.

أنا لا أبرر لأحد، ولا أعطي الحق لأحد، ولا أغفل واجب أحد.. لأنه من واجب الجميع أن يقترب من الآخر، وأن يستوعبه، وأن يعرف متى يصم أذنيه عن الكلام المغرض الذي يستهلك طاقاتنا جميعاً، وكيف ينصت إلى قلبه وروحه. هذه بلدنا، وأنا دائماً ما أقول أن سورية كونها بلاد الشمس، فهي وفق الأسطورة تشبه العنقاء، وتلك طائر أسطوري يولد ويكبر ويطير نحو الشمس، فيحترق، لكنه يولد من الرماد من جديد، وهكذا سورية، تولد من جديد دائماً، هذا قانون إبداع سورية. نحن عايشنا كل الحضارات والتاريخ، حتى تكون هذا الإنسان السوري بهذه الطريقة، ولم يكون هناك فريق بين هذه الأديان، بل على العكس، نحن استفدنا من كل هذه الحضارات والأديان حتى تكوّن الإنسان السوري بهذه الطريقة.. هؤلاء الذين، للأسف، رحلوا في فترة هجرة الأدمغة، ورأيت خلال تنقلاتي كيف يمارسون إبداعهم في مجتمعات أخرى متطورة.. حالياً انفتح المجتمع السوري كثيراً، خصوصاً في الفترة الأخيرة، وهناك الكثير ممن عادوا إلى هذا البلد، ونحن بحاجة إلى هذا الأمر لأن بلدنا هي روحنا، ونحن روحها، وكما يقول جبران خليل جبران: «الله في قلبي.. وأنا في قلب الله»، فإننا نحن في قلب سورية، لأنها في قلبي.. سورية مركز العالم والتاريخ.. وأعدكم أن كل شيء سيكون بخير»..