2012/07/04

نجدت أنزور: ليفهم أولئك المندسين في جراح سورية إنها جوزة فولاذ لا سبيل لكسرها
نجدت أنزور: ليفهم أولئك المندسين في جراح سورية إنها جوزة فولاذ لا سبيل لكسرها

بوسطة

أعلن المخرج السوري نجدت أنزور موقفه الواضح مما يجري في سورية من أحداث، من خلال بيان صحفي أوضح فيه أن «الخلاف بالرأي حق بديهي للجميع، ولكن لا يحق لأحد أن ينصب نفسه قاضياً أخلاقياً يوزع الألقاب والاتهامات والتوصيفات»، مستغرباً الحرص الإعلامي الخارجي على أمن الشعب السوري، ومنتقداً التظاهرات التي أصبحت، في بعضها، تغطية للقتلة الذين يروعون الشعب.

وجاء في بيان أنزور: «مرة أخرى أجد لزاماً عليّ، ومعي كثيرين، الإعلان عن موقف واضح مما يجري في وطننا الحبيب "سورية" معلناً أن الخلاف في الرأي حق بديهي للجميع، لكن لا يحق لأحد أن ينصب نفسه قاضياً أخلاقياً يوزع الألقاب والاتهامات والتوصيفات.. فالحياة تتسع للآراء المختلفة كما أنها تليق بأولئك الذين لا يهابون الإعلان عن موقفهم بدون مواربة بصرف النظر عن الإرهاب الفكري الذي يرتدي بعض الأحيان طابع التهديد.

إن ما جرى وما يجري في بلادنا يستدعي التفكير العميق والنظر الواعي لمواقف القوى الخارجية التي لا يمكن عزلها عما يجري وهنا لابد من توضيح أن الانسياق خلف بعض الفضائيات التي بلغ تدخلها في الشأن السوري الداخلي حداً وصل إلى الاعتداء العنيف في تحريض لم يسبق له مثيل وفظاظة تجاوزت كل الحدود.. لكأنها تريد أن تقنعنا أنها أكثر حرصاً منا على وطننا وشعبنا.. وهذا كذب فج وامتهان للوطنية والوطن مؤسسات وأفراداً، معارضة وموالاة، حكومة وشعباً.. لا بل كان من واجب المعارضة قبل غيرها رفع الصوت عالياً بوجه تلك التدخلات الخارجية والإعلامية والسياسية في قضايا تهم الشعب السوري وحده.. ولن يقنعنا أحد أن دولاً أوتوقراطية، وفضائيات مشبوهة نشأة وسلوكاً، ودولاً استعمارية ارتكبت أشنع الفظائع بحق شعوبنا قديماً وحديثاً وما تزال. لن يقنعنا أحد أن تلك التوليفة الغريبة حريصة على الحرية والتعددية ومكافحة الفساد في بلادنا. لنكن واضحين.. إننا لا نوافق على سحب خيط واحد من الثوب، فإن كنا نقر بحق أبناء شعبنا في التعبير عن رأيهم في إعلام حر وأحزاب حرة وتظاهرات حضارية حدودها القانون.. فإننا نرفض أن تتحول تلك المظاهرات إلى أداة ضغط على الوطن والشــعب والدولة.. كما نرفض رفضاً قاطعاً أن تكون غطاء لقتلة روعوا الشعب واعتدوا على الجيش وقوى الأمن وقطعوا الطرقات وأحرقوا المؤسسات الوطنية.. لا بل وصل الأمر حداً من الفظاعة إلى درجة القتل على الهوية الطائفية. إننا نرفض أن تراق قطرة دم واحدة غالية من أي سوري، نرفض بذات الشدة التسامح مع قتلة يتغطون تحت عباءة الحركة الشعبية المطلبية.. التي رفعت شعاراتها ومطالبها العادلة، وإنه لمن الظلم الفادح الإنكار أن الرئيس الدكتور بشار الأسد قد استجاب بسرعة لافتة لمطالب الشعب في إعلان صريح.. فرفع قانون الطوارئ وألغيت محكمة أمن الدولة العليا وأعلن عن برنامج لإصلاح القضاء ومحاربة الفساد ومكافحة البطالة، كما وأعلن عن برنامج واضح للحريات السياسية والإعلامية وتمت زيادة الرواتب لمحدودي الدخل وأعطيت الجنسية لمئات الآلاف من أبناء شعبنا.. وهكذا فإننا أمام برنامج إصلاحي حقيقي.. من المفترض من الحركة المطلبية قبل سواها أن تبادر إلى احتضانه ودفعه ليتحول إلى حقائق وطنية لا عودة عنها. إننا نسأل بوضوح.. بأي معنى الصمت المطلق عن شهداء أبرياء سقطوا ومُثل بأجسادهم الطاهرة وهم عزّل في حمص وبانياس وتلبيسة وحوران.. كيف يمكن أن نوافق على متطرفين يحملون السلاح ويرفعون شعارات مخيفة ويتحركون تحت راية فتاوى تكفير وقتل جماعي كان أبلغها فتوى الشيخ السعودي صالح الحيدان عضو هيئة كبار العلماء في المملكة السعودية، والتي أهدر فيها دم ثلث الشعب السوري ولم نسمع من المعارضة السورية وأنصارها كلمة واحدة تشجبها أو تستنكرها.. ولا ندري هنا.. هل ننتظر فتوى بالإبادة الجماعية حتى نسمع صوتاً يستنكر.. وإننا إذ نعلن تضامننا التام مع أهلنا في حوران.. ولو كنا متأكدين أنهم بحاجة الدواء والحليب لحملناه على ظهورنا لأطفالهم دون منة توقيع رفع عتب على بيان هنا أو هناك.. لكننا نعرف أن احتياطات مؤننا تكتفي بنفسها لأشهر وليس لأيام. إننا إذ نشجب أي ارتكاب بحق أبناء شعبنا من أية جهة أتت في حوران أو سواها.. لكننا بذات الوقت لا يمكن أن نغفل أن الكثير من الكلام والغضبات المضرية التي تبدو محقة في الشكل إنما يراد بها الباطل كله.. لقد خرج الآلاف من أبناء الشعب يهتفون للحرية والإصلاح وقلنا هم على حق.. ثم خرج الملايين من أبناء شعبنا في الثلاثاء الشهير يهتفون للحرية والإصلاح الوطني معلنين ثقتهم الكاملة بالرئيس بشار الأسد لقيادة الإصلاح الوطني والعبور ببلادنا إلى شاطئ الأمان وقد كنا نأمل بإخلاص أن يلتقي الآلاف بالملايين لإنجاز برنامج إصلاحي شامل ينتظره السوريون جميعاً لكن المفاجأة أن الحراك المطلبي أو بعضه انتقل في الأسبوع الثالث إلى رفع سقف المطالب إلى حد المجاهرة علناً بإسقاط النظام.. وأطلق البعض شعارات مذهبية تهدد النسيج الوطني بالتخريب ثم تصاعد المشهد إلى حد القتل بل الفجور في القتل وبلغ الأمر حداً صار معه التنقل بين المدن السورية يمثل خطراً حقيقياً على أبناء الشعب وهنا نسأل بصراحة هل من يقوم بذلك يريد إصلاحاً وحرية وتعددية أم يدفع البلاد إلى هاوية حرب أهلية مروعة ويستبطن تفتيت الوطن تحقيقاً لأجندات معادية، منها ما عرف ومنها ما خفي وهو أعظم وأشد هولاً. لنكن واضحين وفي اللحظات المصيرية... لا مجال للتقية والتردد والمواربة وتبويس اللحى.. إننا ندعم وبكل قوة البرنامج الوطني للإصلاح الشامل القائم على نشر الحريات الإعلامية والسياسية والمتحرك باتجاه وطن يكون فيه المواطن أولاً وقبل كل شيء تحت سقف قانون هو الفيصل في علاقة المواطن بالدولة. برنامج يحارب الفساد والبطالة والتهميش ويؤكد على الاستقلال الوطني والثوابت التي أجمع عليها الشعب السوري في الدعم الأصيل لقوى المقاومة العربية ومواجهة الصهيونية وتحالفاتها العربية والأجنبية، ويدفع جميع أبناء الشعب للمشاركة الفاعلة في إنجاز إصلاح اقتصادي وسياسي وثقافي شامل كمدخل هادئ وموضوعي للانتقال ببلادنا الحبيبة إلى مستقبل آمن في وطن موحد منيع ديمقراطي أصيل. إننا في هذه اللحظة التاريخية... نعلن بوضوح إننا مع الأكثرية الساحقة من أبناء شعبنا الذي أوضح أنه يرفض المغامرات والتدخلات المشبوهة، كما يرفض العنف المتطرف الذي يهدد وحدة شعبنا ووطننا من أي جهة أتى. إننا مع شعبنا الذي قبل بالمضي في طريق الإصلاح الشامل المتدرج وصولاً إلى دولة عصرية ديمقراطية حد العلاقة فيها هي المواطنة وشكلها يقرره الشعب في صناديق الاقتراع وليس عبر السواطير والحرائق وفوهات الرشاشات وتقطيع أوصال البلاد.. إننا مع الأكثرية الساحقة من شعبنا الذي قرر الانتقال إلى مستقبله رافضاً للعنف.. رافضاً للدم رافضاً للتكفير والقتل والتهديد وفتاوى الإبادة وتمزيق اللحمة الوطنية... رافضاً للتبعية بكل أشكالها، مصراً على دحر الفساد والتوزيع العادل للثروة... شعب علم الحرية والبطولة لكل شعوب العالم ليس بحاجة لمن يعلمه كيف ينتزع حريته ويمضي بوطنه إلى الازدهار والديمقراطية والعدالة الاجتماعية في دولة عصرية له وحده الحق في تحديد مواصفاتها وأشكال الوصول إليها بأساليب حضارية.. وهو يدرك تماماً إن الغربان التي تنعب في منابر سياسية وإعلامية مهما ارتدت من عباءات إنما تتربص بسورية الشعب والوطن والتاريخ والمستقبل... فالعار للاعبين بخراب سورية الغالية، وليفهم أولئك المندسون في جراح سورية إنها جوزة فولاذ لا سبيل لكسرها..

عاشت سورية الأبية.. عاش شعبها العظيم.. والمجد لشهدائها البررة..

نجدة إسماعيل أنزور

دمشق في: 3/5/2011».