2012/07/04

	الأغنية السورية الوطنية والالتفاف الشعبي
الأغنية السورية الوطنية والالتفاف الشعبي

لمى طباخة – الوطن السورية

أطلقت كلمة «الفتنة» منذ بداية ظهورها خلال الأسابيع القليلة الماضية شرارة اللحمة الوطنية، هذه اللحمة أيقظت بشكل غير منظم مشاعر الانتماء والتجذر الوطني الموجودة في شخصية المواطن السوري التي تبهتها مشاكل الحياة اليومية والهموم الاقتصادية. وقد تجلت اللحمة الوطنية السورية على شكل ثورة (من منطق سوري) تمتلك بين تفاصيلها وفي طياتها أدبيات الثورة بكل معانيها وقال السوريون كلمتهم الخاصة جداً: الوطن والقيادة الوطنية المتمثلة بقائد هذا الوطن.

ولا شك في أن الأغنية الوطنية هي أدب من آداب الالتفاف الشعبي والذكرى النضالية للشعب السوري الذي أنجب ولا يزال ينجب أرقى أنواع الفنون الوطنية، فهل هي الكلمة السورية التي تناسب وبشكل غريب أي مظهر من مظاهر النضال والثورة، أم إن الكلمة السورية هي نوتة موسيقية بحد ذاتها تنبع من أحرفها مبالغ التأثير الحسي الوطني المرهف فكأن الزمن لا يمر وكأن أغاني السبعينيات السورية بقيت (على عكس الكثير من الأشياء) تناسب العام الحادي عشر بعد الألفين، وكأن أغنية (سورية يا حبيبتي) جملة لغوية وموسيقية لا تقل شأناً عن سيمفونيات (موتزارت)، إذاً فالموسيقا عشق يتجذر في شخصية السوري لينضم إلى عشق الوطن والعروبة وليظهر في كل مناسبة كشيء قدري أراده اللـه لأبناء هذه البقعة من الأرض.

ويلاحظ في سورية أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين الأغنية الوطنية وشخص الرئيس السوري ولربما يكون هذا الارتباط خارجاً عن المألوف لدى العديد (من غير السوريون) ولكن هذا (اللا مألوف) لا ينطبق هنا فبالتأكيد ليس خافياً على أحد أن النهج الذي انتهجته هذه القيادة هو نهج قومي وطني بالدرجة الأولى وقد بقي متمسكاً بقضايا الأمة العربية المركزية، وما يبرر هذا الارتباط، وخير مثال عليه أن أداء هذا النوع من الأغاني لم يقتصر على المطربين السوريين بل تعداهم ليشمل عدداً كبيراً من مطربي الوطن العربي.

وليس شرطاً أن تصلح الأغنية الوطنية لجميع البلدان العربية فالأغنية الوطنية التي تناسب بلداً محدداً ليس شرطاً أن تناسب بلداً آخر فالأغنية التي تدعو للنصر على إسرائيل لا تناسب البلدان التي أقامت معاهدات سلام معها، وإذا أردنا أن نبسط المثال فإن سيمفونية الحلم العربي التي تشارك في أدائها فنانون على امتداد الوطن أثبتت عدم تأثيرها في المشاهد العربي بالمستوى المطلوب، وبالمقابل فقد قامت بعض الدول العربية بترسيخ نوع محدد من الثقافة الذي لا يناسب أصلاً المشروع النهضوي العربي وهو بدوره أثر بشكل مباشر في التذكير بهموم وطننا العربي.

يبقى للأغنية الوطنية صدى يتغلغل في ثنايا الروح، يذهب بنا إلى فضاءات لا متناهية ويعزز في روحنا وفكرنا شعور الانتماء للوطن ويعمق في وجداننا فكرة الهوية، وهي بذلك ترتقي بنا فكرياً ونفسياً وتذكرنا بتاريخنا لنتجاوز معها الذات الفردية وتذكرنا بالأنا الجماعية، فلا أحد يستطيع أن يلغي دورها المهم في التذكير بقضايا الأمة وكونها وسيلة للتعبير عن حب الوطن