2012/07/04

الأفلام النفسية تعكس حالة الإحباط في مصر قبل ثورة 25 يناير
الأفلام النفسية تعكس حالة الإحباط في مصر قبل ثورة 25 يناير

خمس الحواس – دار الإعلام العربية

شهدت السينما المصرية قبل ثورة 25 يناير، حضورا لأفلام الدراما النفسية، إذ عرضت أفلام «فاصل ونواصل» لكريم عبدالعزيز و«الوتر» لغادة عادل

وفيلم «زهايمر» لعادل إمام، التي عكست الأجواء السياسية والاجتماعية المتوترة التي عاشتها مصر، فيما قال نقاد ومخرجون معنيون بالسينما

ان هذه الأفلام عكست حالة الإحباط الاجتماعي لدى قطاعات عريضة في المجتمع، ما مهد لأحداث كبرى تمثلت في الانتفاضة الشعبية التي شهدتها مصر..

وأكد النقاد أن الحالة ذاتها تكررت في مصر قبل ثورة 23 يوليو عام 1952، حيث عبرت أفلام «المنزل رقم 13» للمخرج كمال الشيخ، و«قطار

الليل»، و«سيدة القطار»، عن الحالة الاجتماعية السائدة في تلك الفترة، كما ظهر في السبعينيات فيلم «أين عقلي» الذي حقق جماهيرية

كبيرة، وكذلك فيلم «بئر الحرمان» اللذان عكسا حالات حادة من الإحباط، كما ظهرت هذه الموجة من الأفلام في ألمانيا النازية، وكان أول فيلم

يعبر عن الدراما النفسية مأخوذا عن قصة «عيادة الدكتور جانجاركي» في القرن الـ19 بألمانيا

أفلام تفريغ الفزع

ويعتبر المخرج محمد كامل القليوبي، أن أفلام الدراما النفسية التي ترتدي ثوباً بوليسياً والتي عرضت في الأسابيع السابقة على ثورة 25 يناير

كانت بمثابة تفريغ لحالة الفزع لدى المشاهد وهي نوعية من الأفلام تظهر في لحظات الحرج الشديدة التي يمر بها أي بلد، لافتا أنه في البلاد

المتقدمة يعتبرون إقبال الجماهير على هذه النوعية من الأفلام في بعض الفترات مقياسا للرأي العام

وأوضح أن ظهور تلك الموجة من الأفلام بكثافة يوضح حالة الكبت والاكتئاب التي كان يعاني منها الشعب المصري، وبالتالي وصل إلى الموزعين

وصناع الدراما والسينما أهمية التكثيف من هذه الأفلام، وهو ما يعد نوعا من الإحساس العام بالأحداث لصناع تلك الأفلام. وأضاف: غالباً يتبع هذه

الموجة من الأفلام موجة أخرى من أفلام الرومانسية الساذجة في حالة حدوث حالة من الهدوء الاجتماعي

دراما نفسية مباشرة

ويقول الناقد الفني د.رفيق الصبان: رغم أن إدخال علم النفس في الدراما قضية قديمة في السينما العالمية منذ أفلام «هتشكوك»، فإن السينما

المصرية لم تتطرق لهذا النوع في الدراما المعروضة الآن بشكل جيد، فالدراما النفسية- للأسف- تُقدّم ولكنها مباشرة فجة مما يفسدها،

فالمعالجة تكون ظاهرية فقط دون الرجوع للمتخصصين في علم النفس؛ لتقديم الدراما النفسية على أكمل وجه. وضرب الصبان مثلاً لذلك بفيلم

«الوتر» الذي كتبه محمد فايز وأخرجه مجدي الهواري، حيث يرى أن الفيلم لم يتم فيه ضبط رسم الشخصيات بملامحها النفسية والاجتماعية

وضبط السلوكيات، وكذلك افتقد الخط النفسي البوليسي، ولم يستطع الممثلون التعبير عن انفعالات الشخصيات واضطرابها وتعقيداتها، وأشار إلى

أنه في الفترة السابقة قدمت نماذج لأفلام الدراما النفسية جيدة الصنع مثل فيلم «هي فوضى» ليوسف شاهين، الذي نجح في استعراض

الأسباب الخلفية وراء انحراف الشرطي دون مباشرة في الأداء والتقديم، وكذلك أفلام «ملاكي إسكندرية» و«تيتو» و«45 يوم

تخمة فنية

وتابع الصبان قائلاً: إن عرض كل هذه الأفلام من نوعية واحدة في موسم واحد يعد «تخمة فنية» وحصارا لأذواق الجمهور المتنوعة، فجمال

السينما في القدرة على التنوع ما بين الدراما النفسية والاجتماعية والكوميدية والاستعراضية، لا على تقديم نوع واحد من الدراما والتركيز عليه

معالجة ساذجة

بينما يرى د.يسري عبدالمحسن، أستاذ الطب النفسي، أن هذه النوعية من الأفلام تكون سطحية، ولا يوجد بها أي عمق في التناول لشخصية

المريض النفسي، خاصة أن أغلبها يتم في إطار كوميدي وتهكم على المرضى النفسيين، والأخرى تتم في إطار «السيكو دراما» حيث يكون

التناول بها ساذجا وغير متخصص ولا يعبر عن واقع المرضى النفسيين، كما أنه يعطي صورة سلبية ومعلومات خاطئة في طريق التعامل مع هذه الشريحة من المجتمع.

وأضاف أن القائمين على صناعة تلك الأفلام اعتادوا ألا يراجعوا متخصصين في مجال الطب النفسي، ولذا تخرج أفلامهم مشوهة وساذجة.. مؤكدا

أن نتائج العلاج السطحي الذي تقدمه الدراما النفسية سلبية، حيث إن المشاهد يتوهم أكثر ويبالغ في مشاعره السيئة تجاه الآخرين؛ مما يدعم

فكرة العنف الاجتماعي، خاصة في ظل حالة الاحتقان السياسي

ويتحدث عبدالمحسن عن أفلام يرى أنها قدمت نماذج إيجابية مثل الأفلام التي تعطي الأمل لبعض المرضى النفسيين، منها فيلم «زهايمر» فهو

يناقش أمراض المسنين، فضلا عن أنه يواكب الاهتمام العالمي بذلك المرض الخطير، وهو ما وصل بعمق إلى ذهن كاتب العمل، فأخرج عملاً

يتناسب مع معطيات هذا المرض النفسي

هذا ويدور فيلم «زهايمر» بطولة عادل إمام وفتحي عبدالوهاب ونيللي كريم وأحمد رزق وإخراج عمرو عرفة، في إطار كوميدي اجتماعي حول رجل

ثري يدعى «محمود شعيب» يصاب فجأة بالنسيان، ويكتشف الأطباء إصابته بـ «الزهايمر»، ويطالبه أبناؤه بالإقامة في منزله وعدم الخروج منه

حتى لا تسوء حالته، ما يتسبب في نشوب خلافات ذات طابع كوميدي بينهم.. وكذلك فيلم «فاصل ونواصل» لكريم عبدالعزيز الذي يتحدث عن

سائق تاكسي من منطقة شعبية يتزوج من ابنة رجل أعمال دون موافقة والدها على تلك الزيجة، وبمرور الأحداث يصاب «كريم» في حادث

سيارة، وتتوفى زوجته ولا يبقى له سوى صديقه وابنه الذي يحاول جده الحصول على حق حضانته بعد وفاة الأم، إلا أن «كريم» يرفض ويحصل

بالفعل على حكم بالحضانة، لكن الولد يتم اختطافه، ويتم الاعتداء على البطل «كريم»، مما يفقده الذاكرة، لكنه يبدأ رحلة البحث في استعادة

ذاكرته وابنه من خلال مجموعة من المواقف الكوميدية والإنسانية، والمرض المصاب به هو فقدان ذاكرة لحظي، وهو يحدث للأشخاص الذين

يتعرضون لصدمات نفسية عميقة