2012/07/04

آنا عزيز الخضر- الثورة لعل فكرة الاستبداد الفردي فكرة طازجة على الدوام لتناولها عبر أي منجز إبداعي مسرحياً كان أم تلفزيونياً أم سينمائياً بكونها متواجدة في حياة البشر رغم بشاعتها بأشكال وأشكال، وعلى مايبدو مستمرة باستمراريتهم على هذه الأرض، لذلك فهي تغري المبدعين لمعالجتها لغناها الدرامي وتبعاتها وتأثر الناس بها، فهي تحمل الصراعات والصدامات،الانفعالات والمقولات الإنسانية الكبيرة التي تعبر عن إرادة الإنسان وتمسكه بالحق دوماً عبر ردود أفعاله التي تبلور ظلامية تلك الحالة بتقيدها العدالة، فالاستبداد الفردي على مايبدو معلق إلى ما لانهاية وليس مرتبطاً بذاك الامبراطور كممثل لشكل حكم ما.‏ تلك المحاور عالجها العرض المسرحي الامبراطور على صالة مسرح القباني بدمشق مبيناً بشاعة ذلك الظلم الذي يمارسه الامبراطور كفرد على العامة خدمة لمآربة الشخصية ويعري بنفس الوقت عدم معقوليته التي تصل إلى حد العبث واللا منطقية المطلقة وحتى أداء الممثلين أوحى بتلك المبالغة المستهجنة والغريبة وإن كان الواقع يكتظ بأمثالها، فالامبراطور مثله مثل الكثيرين من الأفراد المستبدين لا يأبهون بتبعات أفعالهم على الآخرين مهما كانت قاسية، فالمفردات الإنسانية تغيب عن قواميسهم في مقابل أنانيتهم وتلك الحالة لاتهمهم مهما جلبت المعاناة للناس،لكن بتوالي التراكمات والضغوط لن يقف البشر مكتوفي الأيدي وهاهي تكبر المآسي إلى حد أن ابنة الامبراطور ذاته ساعدت الناس على التخلص منه لكثرة ظلمه وقدأهلك نصف شعبه من أجل غطرسته وأنانيته القاتلة، فكان المنطق الوحيد والمقنع هنا هو الثورة عليه.‏ أما أداء شخصية الامبراطور حققت خصوصيته على أكثر من صعيد وكانت مقنعة خصوصاً عبر المواءمة في الأداء الحركي الخارجي مع الداخل المعطوب بالأنانية والغطرسة دون الإحساس بالآخرين، وقد وفق القائمون على العمل برسم ذاك الكاريكاتير وتجسيده لانتزاع الاحساس بالرفض والاستهجان كحالة لخصت وكثفت محاور أوحت بدلالات درامية ومسرحية غنية، فهو فرد استقطب بالأداء مقولات واسعة ليظهر حالة مرضية ليست خاصة به وإنما حالة مرضية عامة يجب رفضها كونها تقبض على العدالة بأيدٍ من حديد.‏ من جهة أخرى ترابط الديكور والموسيقا والإضاءة في علاقة درامية تخللت نسيج العمل بشكل سجالي دقيق بصمت بها ملامحها بالإفلات من قوالب متعارف عليها حول نفس الفكرة وبالتوازي مع حوار درامي استطاع تأهيل الإحساس بحمله الأفكار المختلفة والرؤى التي تخدم نفس المضمون.‏   أما الإضاءة فقد تفردت بحق في العمل وتألقت مؤدية الغرض بشكل مؤثر وموفق فكان توزيعها والمزج بين ألوانها على غاية من الإتقان الفني الذي بلور حالات عديدة كالتركيز بإبهار عند حالة العظمة الهستيرية التي يمر بها الامبراطور. أما اللون الأحمر فقد فضح دمويته وغروره وتجاهله موت الآخرين.‏ العمل تأليف زهير بقاعي‏ إخراج سابا خليل وهبي‏ أما الممثلون: عامر أبو حامد، غدير الشعشاع، نسمة، محمد الحسن، جاد زين، جورجينا داوود، محمودقديمي، وغيرهم.‏