2013/05/29

الأم في الدراما السورية
الأم في الدراما السورية


جُمان بركات – البعث

> في هذا الشهر يتوارد إلى أذاننا كثيراً كلمة "الأم" فيمر أمامنا شريط من ذكريات الطفولة ونحن بين أحضان الأم الكبيرة "سورية" ولحظات الأمان والسلام التي كنا معتادين عليها، دون أن يغيب شريط الحزن والألم المليء بدماء الشهداء الذين قدموا حياتهم فداءً لأمهم الكبيرة، ولا يتوقف الشريط عند ذلك وإنما يتابع بأصوات زغاريد أم الشهيد عند استقبال ابنها مدركةً تماماً أنها أنجبت بطلاً للوطن يفديه حين يستدعيه،

في هذا الشهر تتوارد إلى أذاننا كثيراً كلمة "الأم" حيث احتفالنا الآن بعيدها، فيمر أمامنا شريط من ذكريات الطفولة ونحن بين أحضان الأم الكبيرة "سورية" ولحظات الأمان والسلام التي كنا نعيشها، دون أن يغيب شريط الحزن والألم المليء بدماء الشهداء الذين قدموا حياتهم فداءً لأمهم الكبيرة، ولا يتوقف الشريط عند ذلك وإنما يتابع بأصوات زغاريد أم الشهيد عند استقبال ابنها مدركةً تماماً أنها أنجبت للوطن بطلاً يفديه حين يستدعيه، ويتتابع الشريط لنتذكر أيامنا مع أمنا في البيت، وفي منحى آخر نستذكر الأم من خلال فنانات قديرات استطعن الوصول إلى قلوب المشاهدين بروحهن وصدقهم وإيمانهم عن طريق تأديتهن لدور الأم، فمن يتابع الدراما السورية يجد أن الأم في المسلسلات أخذت حيزاً كبيراً في الخط الدرامي لأي عمل، فمن منا ينسى الفنانة الراحلة "نبيلة النابلسي"، وهي الأم  لفتى يعاني من الإعاقة فدمجت بين أمومتها الحقيقية ، وبين شخصيتها كأم حنون في الدراما لتصبح شخصية واحدة، نحتفظ بها في وجداننا بمصداقيتها، ودورها في "ليس سراباً" الأم التي فجعت بابنها وبكت عليه وأبكت المشاهدين بدموعها الذين ظنوا أنها فعلاً فقدت أحد ما.

ولعل المسلسل السوري "أمهات" تأليف "أحمد حامد" وإخراج "سمير حسين" يجسد صورة الأم بحقيقتها من خلال الشخصيات التي أدتها فنانات كبيرات، حيث أدت كل من منى واصف وجيانا عيد وسوزان نجم الدين دور الأم في حلقات منفصلة قدمن فيها تضحيات تجاه أبنائهن فمثلاً في إحدى حلقات المسلسل تعمل جيانا عيد كخادمة في منزل ابنها أثناء سفره خارج البلاد لتكون قريبة من أحفادها، بعد أن منعتها زوجة ابنها منهم والتحدث معهم بالرغم من عدم لقائها ومعرفتها أبداً، لذلك لم تستطع التعرف إليها عندما عملت عندها، ولكن عاطفة الأم جعلتها تعمل رغم كبرها ووجعها مجبرة نفسها على البقاء في بيت ابنها لترى أحفادها وتتعرف عليهم متفاجئة بمعاملة زوجة ابنها اللطيفة فما كان منا إلا أن تقدم دور الضحية من أجل رؤية أحفادها.

وهناك شخصية منى واصف الأم القاسية تارةً والأم الحنون تارة أخرى التي نراها أماً جبارة في مسلسل "الصندوق الأسود" حيث لا يمكن أن يتحرك أي شي إلا بضربة عصاها أو دون إذن منها، أو استشارتها فنشعر أننا أمام امرأة قاسية لا يمكن تغيير صورتها، إلا أنها استطاعت زعزعة الصورة عند تأديتها لدور أم بدر في مسلسل "وراء الشمس" الأم الحنون التي كانت تعتني بابنها المعوق بطريقة حنونة وجميلة وشفافة، لتنتقل بنا إلى شخصية الأم الثورية في مسلسل باب الحارة التي تحارب الفرنسيين الذين أخذوا ابنها جوزيف وتصر على الانتقام منهم بكل جوارحها من أجل ابنها. ويمكننا القول أنها أدت دور الأم بكل حالاتها، وفي كل مرة كانت تقنعنا بصدق أدائها وعفويتها.

ولايفوتنا الوقوف أمام شخصيات الأم التي جسدتها الفنانة ضحى الدبس في العديد من الأعمال فنراها في "ليس سراباً" الأم المعطاءة الصابرة على وضعها بسبب زوجها من جهة وأخيها من جهة أخرى، من أجل أولادها التي كانت تمنحهم هامشاً من الحرية والثقة، فكانوا يطلعونها على كل أسرارهم، إلا أنها أعطت مثالاً للأم المتحررة والواثقة من تربيتها لأولادها، ورغم اختلاف دورها في مسلسل "على حافة الهاوية" كأم مظلومة مع زوجها البخيل غير المبالي بها وبأولادها، والذي كان يقسو على ابنها "باسل خياط" الذي كان يعاني من حالة نفسية فكانت تدافع عنه وتحميه من ظلم أبيه

والمفارقة نراها في تجسيد الفنانة سلمى المصري لدور الأم فمرة نراها الأم القوية والقاسية الساعية للانتقام في مسلسل "الجمل"، لتنقلنا بعدها إلى عالمها الخاص المليء بالجمال والأزياء وأخر صيحات الموضة في "الفصول الأربعة" وإصرارها على الظهور كملكة في نظر الجميع.

ولا يمكننا الحديث عن الأم في الدراما دون الوقوف أمام تجربة سمر سامي التي كانت مثالاً للأم التي أبدعت في مسلسل "أحلام كبيرة" فكانت شخصية مفعمة بالأمومة سواء كان تجاه أولادها الأربعة أو تجاه الفتاة الصغيرة "سلمى" التي فقدت أهلها بسبب حادث سير، فقد أوصلت إلينا بأحاسيسها معنى آخر للأم السورية من خلال الدراما، ولنا في الفنانة نادين خوري مثال على دور الأم وخاصة في مسلسل "وراء الشمس" عند تجسيدها لحالات الحنان والعطف تجاه ابنها والتي كانت متأكدة أنها يجب أن تقدم كل مالديها لتوفر له الحياة الجميلة والمليئة بالحب والعطف، وفي المسلسل نفسه، لعبت صبا مبارك دور الأم الصغيرة التي شعرت بالأمومة منذ بداية معرفتها بالحمل واستمرت هذه المشاعر حتى بعد أن عرفت أنها ستلد طفلاً غير طبيعي ويحتاج الكثير من العناية، وتمسكت بالطفل لآخر لحظة لأنها مدركة تماماً أنه قطعة منها ولا تستطيع أن تقتله. وكانت نسرين طافش قد لعبت دور الأم على الطريقة الحديثة محاولة منها أن تربي ابنتها دون التطرق للعادات القديمة مع مساحة واسعة من الحرية والجرأة في الحياة لتقع في حيرة بين ابنتها وبين حبها لعدنان (باسم ياخور) محاولة منها أن تعطي مثالاً للأم وكيفية التعاطي مع أبناء الجيل الحديث معبرة بكل حنانها وعواطفها عن هذا الدور.

وتؤدي أمانة الوالي دوراً مختلفاً للأم في مسلسل "ليس سراباً" فكانت تلك الأم التي بها المطاف ضحية للتكنولوجيا، حيث كانت في البداية أماً عادية تهتم بشؤون منزلها دون أن يكون هناك أي شيء يشغل بالها إلى أن سمعت بوجود اختراع اسمه الانترنت فحاولت اكتشافه وأهملت بيتها وزوجها ونسيت كل واجباتها المنزلية وأصبحت بنظر زوجها وابنها الأم الخائنة، فعملت وقد أعطت هذا الدور عطائها وجوارها وأوصلت للمشاهد شعور عدم التعاطف معها وهذا دليل على إتقانها لدورها.

كثيرة هي الحالات التي يمكن أن نذكرها عن الأم كما صورتها الدراما، هذا الفن الذي يمثل حاملاً أساسياً لقضايا المجتمع وهمومه، ومرآة عاكسة لها.