2013/05/29

«الإعلامي الفدائي» يتألـــق علــى الشــاشات الوطنيــة
«الإعلامي الفدائي» يتألـــق علــى الشــاشات الوطنيــة


جوان جان – الثورة

تختلف طبيعة تغطية الفضائيات العربية للأحداث باختلاف نوعية هذه الأحداث وتواترها وإيقاعها واقترابها أو ابتعادها عن اهتمام المتلقي، ويمكن القول إن طبيعة تغطية الفضائيات للحدث تفرضها الظروف وليس العكس،

ففي الحالات العادية مثلاً تأخذ التغطية الإعلامية طابعاً هادئاً رصيناً بعيداً عن المواقف الحادّة والمتشجنة والانفعالية، بينما تتخذ طريقاً آخر في الحالات الاستثنائية، فنراها مستنفرة وعاملة على أن تكون مواكبة للحدث ميدانياً .‏

وبطبيعة الحال كان إعلاميو وسائل إعلامنا المرئية ولسنوات طويلة خلَت يعتمدون على النموذج الأول من التغطية الإعلامية مع بعض الاستثناءات التي كانت تبدو شاذّة على مُشاهِد اعتاد أن يتواصل مع الخبر من خلال مذيع الاستوديو لا من خلال المحرِّر الميداني المواكِب للحدث والناقل له بأدق تفاصيله .‏

ولطالما كان إعلاميونا محلّ انتقاد على الأسلوب (المريح) الذي ينقلون بواسطته مادتهم الخبرية التي غالباً ما يكونون بعيدين وحياديين تجاهها مهما بلغت درجة انفعالهم النفسي معها .‏

مع بداية الأحداث في سورية كان من الواضح أن بقاء الأسلوب القديم في نقل الحدث على حاله لن يكون مجدياً، خاصة بعد بروز ظاهرة (الشاهد العيان) المعتمدة على شخص يدّعي أنه ينقل الحدث من مكان حدوثه في الوقت الذي قد يبعد فيه عن الحدث مسافة لا تسمح له بأن يكون ذا مصداقية.. هنا انبرت الفضائيات السورية الرسمية والخاصة كي تكون شاهد عيان حقيقياً لا مزيّفاً فانطلق نفرٌ من محرريها وإعلامييها إلى ساحات الحدث لينقلوه بكل أمانة وحرَفية معرضين أنفسهم لشتى الأخطار التي نالت من بعضهم دون أن يفتّ ذلك في عضدهم أو يدفعهم إلى التراجع عما نذروا أنفسهم من أجله .‏

لقد أثبت هؤلاء الإعلاميون الميدانيون أن الإعلام الحقيقي لا يقوم على الاختباء وراء الستائر وفي الغرف المكيّفة وأمام شاشات الانترنت ومواقع التدمير الاجتماعي بل على التواجد الميداني في نقاط الخطر وحيثما دعا الواجب الأخلاقي قبل الواجب المهني .‏

وباعتبار أن التميّز أعداؤه كثر فقد انبرى بعضٌ المغرمين بتوجيه سهام النقد حتى إلى أنفسهم إذا لم يجدوا من ينتقدوهم، بادروا إلى انتقاد هذا الأداء الإعلامي الشجاع وقلّلوا من شأنه وشكّكوا بنزاهته وهم الذين أمضوا حياتهم في انتقاد الأسلوب الجاف للإعلام السوري، ويبدو أنهم سيمضون ما تبقّى من أعمارهم في انتقاد هؤلاء الشبّان الذين أثبتوا أهلية مستحقة للمهام التي يقومون بها .‏

لا يمكن هنا أن نحصي كافة أسماء فرسان الكلمة في فضائياتنا: السورية والأخبارية والدنيا خشية نسيان أحدهم، وحسبهم أنهم أصبحوا أشهر من أن نتذكرهم أو ننساهم، وسيذكر جيلنا والأجيال اللاحقة كيف اجترح هؤلاء الإعلاميون الشباب مفهوم «الإعلامي الفدائي» في الوقت الذي سيكون فيه شهود العيان قد طواهم النسيان .‏