2012/07/04

الإعلام الموجه الجديد !!...الاكتفاء بطرف واحد من المعادلة السياسية
الإعلام الموجه الجديد !!...الاكتفاء بطرف واحد من المعادلة السياسية

لمى طباخة - الوطن السورية

تزايد الإعلام الموجه للعرب الذي تلعب من خلاله أجهزة الإعلام دوراً موجهاً لخدمة التدخل الغربي بقضايا أمتنا العربية عبر الإذاعة والتلفزيون ووصولها للعالم العربي لخدمة أهدافها، وهذا الذي يفسر بأن «هوجة» الإعلام الموجه حالياً يعتبر امتداداً لفترة استعمارية جديدة للعالم العربي.

وغالباً ما يستخدم هذا الإعلام الموجه أخبارًا تثير الفوضى والبلبلة، مثل تداول أخبار الفساد الداخلي، واضطهاد الحكام لشعوبهم، واللعب على وتر الطائفية، وهو ما يؤدي إلى انشقاق داخلي، وانهيار لنفسية المواطنين، والسخط على حكامهم، ومن ثم تحقيق القوة العظمى في العالم أهدافها!

ونحن اليوم نشاهد هذا الإعلام الموجه من خلال قناة «الحرة»، مرورًا بإذاعات موجهة مثل الـبي بي سي الناطقة بالعربية، وفرنسا 24 وبعض القنوات الأخرى العربية لكنها تخدم مصالح الغرب كالجزيرة والأورينت والعربية وغيرها من الفضائيات.

والواقع، أن هذه الدول قطعت شوطًا كبيراً في مجال الإعلام الموجه، ولها تجارب عديدة في هذا الميدان، سواء على الدول كلها، أم على الأنظمة، ومن طبيعة الإعلام الموجه أن يظهر بكثافة في أوقات الأزمات، ما يدلل على أن هذه الدول، عقب وقوع هذه الأحداث، تعد نفسها في حالة حرب، فتوجه الآلة الإعلامية في جنبات الأرض، وتهيئ العقول للغزو القادم كما يحدث اليوم في ليبيا.

والمتابع لبعض القنوات الإخبارية الناطقة بالعربية (إلا أنها لا تمت للعرب بصلة) يرى إعلاماً موجهاً يخدم مصالح القائمين عليها، وأنها تشترك بطريقة أو بأخرى في تنفيذ مخطط «مشروع الشرق الأوسط الجديد» الذي طالما تحدثت عنه تلك الدول، وبأنها تعمل على وتر واحد هو تهييج الشارع العربي وإحداث تصدعات عميقة في مجتمعاته.

فقد انتهجت هذه القنوات خلال الثورات الأخيرة وابتعدت عن الحيادية في نقل الحدث والحقيقة التي يحث عليها ميثاق العمل الإعلامي الشريف ليتناسب ذلك مع أهدافها وبرامجها، متبنية الوجه الآخر ورافعة شعار «الحرية السياسية للشعوب» كطعم ترميه أمام تلك الشعوب، وهذا يذكرنا بمقولة اليهود «إن الحرية السياسية ليست حقيقة، بل فكرة، ويجب أن يعرف الإنسان كيف يسخر هذه الفكرة عندما تكون ضرورية، فيتخذها طعماً لجذب العامة إلى صفه، إذا كان قد قرر أن ينتزع سلطة منافس له».

وقد شارك بذلك مجموعة من القنوات الناطقة باللغة العربية إضافة للعديد من الأكاذيب التي وجهت نحو بلدنا.

بينما قامت قناة الدنيا بإظهار الحقيقة وزيف ما قدم بالأدلة والبراهين، وهذا يوضح لنا بجلاء أن هذه القنوات وما تقوم به أصبح يشكل خطراً حقيقياً على الشعوب العربية كافة وليس على الأنظمة فحسب ويتطلب من جميع الناس أن تقف وقفة جادة وتقاطع القنوات والوسائل الإعلامية كافة التي تبث الكراهية والكذب وتزور الحقائق وتعرض أمن الأوطان للمخاطر، فأمن الأوطان أهم من أي قناة ومن أي سبق صحفي يسجل على حساب أرواح الأبرياء، فهذه القنوات ساهمت وستساهم بشكل كبير في تأجيج الصراعات بين الأنظمة العربية وشعوبها بهدف إضعاف وتمزيق الدول وجعلها عاجزة عن تكوين أي اتحاد عربي موحد يمكنه أن يقف عائقاً أمام التحديات الصهيونية والمشروع الصهيوني الذي يقول الصهاينة فيه: «سنعمل كل ما في وسعنا على منع المؤامرات التي تدبر ضدنا حين نحصل نهائياً على السلطة، التي سنصل إليها بعدد من الانقلابات السياسية المفاجئة التي سننظمها بحيث تحدث في وقت واحد في جميع الأقطار، وسنقبض على السلطة بسرعة عند إعلان حكوماتهم رسمياً أنها عاجزة عن حكم الشعوب».

ولم يتوقف دور هذه القنوات على لعب الدور السلبي فحسب بل لعبت أيضاً على وتر القضايا الإسلامية والعربية مستثيرة بذلك أحاسيس ومشاعر الشباب المتحمس، وذلك ليس حباً فيهم بقدر السعي وراء جر الشعوب إلى الحروب الأهلية والفوضى، ليس فقط لإنجاح المخطط الصهيوني بل أيضاً لتسمح للغرب بالتدخل والسيطرة على مقدرات الأوطان وثرواتها وتقاسمها مع الشركاء بحجة حماية المدنيين الأبرياء، ثم إقامة أنظمة جديدة وعملية قابلة للتطبيع مع الكيان الصهيوني بشكل كامل وفي شتى المجالات.

ونحن الآن لسنا بصدد الدفاع عن الأنظمة أو أن نتحامل على قنوات، لكننا نريد كشف الحقائق والدعوة إلى أخذ الحيطة من الإعلام الموجه، وأن يدرك هؤلاء القائمون على تلك القنوات بأنه كان لدينا فلسطين واحدة جريحة وبفضلهم وفضل سياساتهم صار لدينا أكثر من بلد عربي جريح، ألم يسألوا أنفسهم من المستفيد الأول من نشر الفوضى في عالمنا العربي؟ ولماذا لم تلعب قنواتهم دوراً إيجابياً يعود بالنفع على الأمة العربية وتلاحمها ما دامت قنواتهم تهتم بمصالح الأمة العربية وشؤونها بحسب ما يقولون، كأن تعمل على دفع الشباب للتظاهر والمطالبة بالوحدة العربية وفك حدود الدول العربية فيما بينها، وأن تشحن الشعوب للتظاهر لإيقاف الاستيطان في فلسطين وتحرير القدس الشريف المحتل.

إذاً يجب علينا أن نقف ونواجه الإعلام المضاد وأن نتعامل معه بحذر شديد عندما نتلقى أي معلومة منه قبل تصديقها، فشعوبنا العربية تدفع اليوم الكثير وستدفع غداً أكثر وأكثر نتيجة مشاهدة هذا النوع من الإعلام.