2013/05/29

الإنتاج العام في سوريا لا يغادر السباق.. دراما على حافّة الأزمة
الإنتاج العام في سوريا لا يغادر السباق.. دراما على حافّة الأزمة


صهيب عنجريني- السفير

تدخل «المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي» في سوريا الموسم الدراميّ، مسكونة بهاجس الأزمة. وقد استقرّ مؤشر المؤسسة عند الرقم 4، كحصيلة نهائيّة لخطة العام الحالي، وفق ما أكدته مديرة المؤسسة ديانا جبّور في اتصال هاتفي مع «السفير».

وبحسب جبّور، أنهت كاميرا المخرج سمير حسين منذ أيام تصوير مسلسل «حائرات» الذي كتبه أسامة كوكش، ويلعب بطولته رشيد عساف، ومصطفى الخاني، ونادين خوري، وجهاد سعد، وآخرون. ينتمي العمل إلى الدراما الاجتماعية المعاصرة، وتدور أحداثه في دمشق. ورغم أن المسلسل «ينأى بنفسه» عن الخوض في رمال السياسة المتحركة، إلا أنّ الأزمة تعصف بمصائر شخصياته كما تعصف بكلّ شيء سوري. فيحدث مثلاً أن تموتَ إحدى الشخصيات من جرَّاء سقوط قذيفة. ورغم أن الموتَ هنا افتراض دراميّ لكنّ القذائف تحضر في بعض المشاهد بواقعية مطلقة أفلح المخرج في تجييرها لصالح عمله، حين أصرّ قبل بدء التصوير على تعديل النص لتتحول شخصياته من «كائنات تعيش وتتحرك كأنَّ شيئاً لم يكن، إلى أناس يعيشون في قلب الأزمة ويموت بعضهم بسببها».

أما ثاني إنتاجات المؤسسة «تحت سماء الوطن»، فيبدو وفقاً لجبّور «أكثر التحاماً بالإعصار السوري من دون الغوص في السياسة، أو التورط في الاصطفاف بشكل مباشر، بل يشتغل على إرهاصات الأزمة». المسلسل عبارةٌ عن عشر ثلاثيّات تقدّم كلّ منها حكاية درامية قائمة بذاتها، وينظمها الواقع السوري الراهن في سلسلة واحدة كتب نصوصها كلّ من فادي قوشقجي، وعبد المجيد خليفة، وهالة دياب، ونور شيشكلي، ويقوم بإخراجها نجدت إسماعيل أنزور. ويشارك في لعب الأدوار عدد كبير من الفنانين السوريين ينتمون إلى أجيال مختلفة، منهم ديمة قندلفت، وإسكندر عزيز، وبسام لطفي، وشادي مقرش. ويقول الكاتب فادي قوشقجي: «كتبتُ ضمن هذا المشروع ثلاثيتيْن، تتناول إحداهما عمل الصحافيين في ظلّ الظروف الراهنة، ومعاناتهم في نقل الخبر وفي محاولة توخي الدقّة والموضوعيّة، والتجرد عن انحيازاتهم الشخصية لهذا الطرف أو ذاك، بالإضافة إلى معاناتهم أحياناً مع المؤسسة الصحافية التي يعملون فيها بالذات، والتي تملك هي الأخرى توجهها الخاص، ناهيك عن المخاطر الميدانية التي تواجههم.. أما الثلاثية الثانية فتتناول بعض الهواجس الخاصة بالأقليات من خلال قصة حب باعد بين طرفيها الظرف الميداني لمدينتيهما، وضغطت على شخصياتها تساؤلات البقاء أو الرحيل، بالإضافة إلى الاتهامات التي تعرضوا لها بالسلبية أو المحاباة». وحول طريقة مقاربة الثلاثيتين للأزمة يقول قوشقجي: «المحصلة تنحو الثلاثيتان نحو التعامل مع الإنساني أكثر من السياسي... ما تركته الأزمة من ظلال ثقيلة على حياة الإنسان السوري، وعلى العلاقات بين السوريين، كالحب والقرابة والصداقة.. والمقولة الأساسية لهما كما أتصورها هي أولوية الإنسان.. وأولوية الانتماء لهذه الأرض ومحاولة إنقاذها من جحيم الاستقطاب العنيف الذي سقطنا فيه بأعين مفتوحة.. وعقول مغمضة».

بدوره، يستعدّ المخرج باسل الخطيب للبدء خلال أيام قليلة في تصوير «حدث في دمشق» وهي النسخة المعدلة من «حبّة حلب» سيناريو وحوار عدنان العودة، عن رواية قحطان مهنّا «وداد من حلب»، والتي كان من المقرر أن تقوم بإخراجها رشا شربتجي. وستلعب سلاف فواخرجي الدور المحوري في المسلسل، ووفقاً لما كان أكده المخرج باسل الخطيب فإنَّ «التغيير الذي طال السيناريو يعود إلى استحالة التصوير في حلب في ظل الواقع الراهن للمدينة».

على عكس ما يراه الكثيرون تؤكد ديانا جبور أن «حدث في دمشق» ليس بعيداً عن الأزمة السورية، رغم أن أحداثه تدور في حقبة زمنية سابقة، وتقول: «تبنينا العمل لأن فكرته الأساسية عن أنّ سوريا حاضنة المختلف، وأنها تميزت عبر العصور لا بمجرد التعايش بين مختلف أطيافها، بل بتلاحم تلك الأطياف مشكلة نسيجاً سورياً، فاليهود الذين عاشوا في سوريا لم يكونوا لينفصلوا عن هذا النسيج لولا أن أيادي عابثة امتدّت لتؤلبهم وتختلق أزمة انتهت بخروجهم من البلاد... وهذا ليس ببعيد عما يحدث اليوم، هي حلقات متتالية من مخطط قديم يستهدف الفسيفساء السوريّة».

مسلسل «البلد حاف» سيكونُ رابع أعمال المؤسسة لهذا الموسم، وهو من تأليف كميل نصراوي، وإخراج المخضرم فردوس أتاسي. ومع ملاحظة أن الخارطة النهائيّة لطاقمه الفنّيّ لم تكتمل بعد، توضح جبّور أن العمل عبارةٌ عن «لوحات منفصلة تدور في فلك الأزمة السورية عبر مقاربة أسبابها المختلفة وفق خطوط يتوازى فيها السياسي والاقتصادي والاجتماعي».

أمام حقيقة أنّ ما تشهده الأرض السورية قد تجاوز بكثير كلّ خيال دراميّ، يبرز تساؤل حول الجدوى المتوخاة من الدوران حول الأزمة مع الإصرار على تحاشي الخوض في السياسة، ويبقى الجواب مؤجّلاً وبرسم الجمهور..