2012/07/04

البوس" الدرامي ...So What !
البوس" الدرامي ...So What !

مي جودة - في الفن

"أنا بتباس بوس هادف في السياق الدرامي"، أول جملة ترددت في ذهني فور سماعي بخبر منع القبل والأحضان من التليفزيون المصري بقرار شفوي من سامي الشريف رئيس الاتحاد، وتذكرت كل "الإفيهات" التي خرجت –ومازالت تخرج- على هذه الجملة حتى الآن.

أغلب بيوتنا المصرية تربي أبنائها على تغميض العين فور عرض مشهد قبلات - ووالدتي منهم، وحتى الآن تنظر لي لترى رد فعلي- وذلك إيمانا منهم بأن هذه المشاهد عيب وحرام، وهذا ليس جهلا أو تخلف أو حتى تصد للحرية.

والأدهى أن أغلب فنانات السينما المصرية القدامى صرحوا بأن القبلات التي حصلوا عليها في تاريخهم لم تكن حقيقية، بل هي عبارة عن خدع بصرية بالكاميرا، وأذكر تصريحا للفنان كمال الشناوي عن إحدى قبلاته لفنانة ما تمت بعدما أخرجوا والدها من الاستديو!، إذن فمبدأ "البوس" مرفوض.

وهذا كان رأي أغلب الممثلات القديمات، ونأتي في نظرة خاطفة على الأفلام الحديثة، أول فيلم فتح الباب لسينما الشباب كان "إسماعيلية رايح جاي" ولم يحتو على مشهد واحد به قبلة، وأفلام أحمد حلمي وأحمد مكي وكريم عبد العزيز لا تحتوي على تلك المشاهد، على الرغم من احتوائها على قصص حب!، ومع ذلك تحقق أعلى الإيرادات وينتظرها الشباب، وهم نفس الفئة التي عارضت قرار الشريف!.

وأتذكر أنه عند عرض فيلم "أبو علي" في دور السينما خرجت شائعات بطلاق منى زكي من أحمد حلمي بسبب المشاهد العاطفية التي جمعتها بكريم عبد العزيز، ونفس الشائعات وأعنف منها خرجت فور عرض إعلان فيلم "احكي يا شهرزاد" ومطالبات بمنعه من العرض ومقاطعته !.

فلماذا الآن خرج عدد كبير من الشباب على المواقع الالكترونية يطالب بعرض هذه المشاهد، على الرغم من رفض المجتمع له بالأمس القريب؟! هل نظرا لما تمر به البلاد من تخوف من الإخوان المسلمين والسلفيين، وأن هذا القرار تمهيدا لدولة إسلامية وهذه مغازلة صريحة من التليفزيون المصري لهم؟!.

إجابتي الشخصية أن قرار منع عرض المشاهد لا علاقة له من بعيد أو من قريب بالجماعات الإسلامية، فهم حتى الآن لم تتضح صورة مشاركتهم في الانتخابات المقبلة سواء البرلمانية أو الرئاسية، وحتى إذا حدث وطلبوا ذلك من التليفزيون، واستجابة الشريف هي التي تستحق الوقوف عندها وسؤاله عن السبب.

فهل يستطيع أحد أن يجادل أن القبلات بين رجل وامرأة يحلان لبعضها حرام شرعا؟ هل يستطيع أحد أن ينكر أن مجتمعنا الشرقي يجعلنا نستنكر رؤية هذا المشهد في حياتنا العادية ؟ "ولا كلنا بقينا "مادام In Public ومافيش فيلينجز.. سو وات".

وحذف هذه المشاهد لا يعد رجعية ولا تخلف ولا جهل ولا حكرا على الآراء والأفكار، بل قائم على القيم الدينية والاجتماعية معا، فالثورة قامت على أساس نشر الديموقراطية وعدم وضع حدود للأفكار التقدمية، ولا أرى في قبلة بين ممثلين أي ثورة تقدمية، فالحب والعاطفة يمكن تجسيدها دون هذه المشاهد، وحذف هذه المشاهد من السيناريو أصلا لن تخل به ولن تضر الأحداث.

فالأصل في أي ديانة في الكون هو الحفاظ على المجتمع من أي آفة، وإذا كانت القبلات والأحضان ستتسبب في انتشار هذه المناظر في الشارع المصري أو التحرش، فمنعها أحسن.

فإن تطبق هذا القرار بالفعل، فالتليفزيون المصري لن يكون الجهة الأولى في العالم التي تقوم بذلك، ومن يريد رؤية هذه المشاهد لديه ثلاثة خيارات:

اذهب لرؤية الفيلم في السينما.

شاهده على الانترنت.

تابع القنوات المصرية أو العربية الخاصة.

والمعلومة التي وصلتنا هي أن هذه الخطوة ستكلف المبنى أموالا باهظة وهي ما فتح بابا للشك في محاولة مسئولي ماسبيرو للاسيتلاء على الأموال، ولكني استعبد هذه الفكرة، ليس لثقتي المتناهية فيهم، بل ولكنهم رأوا مصير سابقيهم.

وفي حال تكبد التليفزيون أموالا باهظة من أجل حذف هذه المشاهد، في ظل الأزمة المالية التي تمر الآن بماسبيرو، فالحل هو محاسبة الشريف على قراره الصائب ولكن شابه سوء التوقيت.

سبحان الله انقلب الحال بدلاً من أن تكون العفة هي الأصل، أصبحت المطالبة بالشاذ عن أخلاقناعلى الهواء مباشرة هي الأصل، ولا أجد منطقاً.