2013/05/29

البيئة الشامية تجارة رابحة وابتعاد عن التوثيق...همّشت دور المرأة وصورتها كمجرد «ثرثارة»
البيئة الشامية تجارة رابحة وابتعاد عن التوثيق...همّشت دور المرأة وصورتها كمجرد «ثرثارة»

وائل العدس – الوطن السورية

لا يختلف اثنان على أن مسلسلات الدراما الشامية مادة مطلوبة جماهيرياً بامتياز وتدر على المنتجين أموالاً طائلة باعتبارها تجارة رابحة ومضمونة. لكن الاتهامات كانت وما زالت تطول هذه الأعمال بأنها تشوّه تاريخ دمشق الحقيقي والغني فكرياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً في حين كان الصراع الأبرز على دور المرأة وكيفية تصويرها، ليصبح محتوى القصص والحكايا الشامية مثار جدل واسع في الأوساط الفنية والثقافية والإعلامية. وأطلت هذه الدراما لموسم 2012 بأربعة أعمال تمثلت في «زمن البرغوت»، «طاحون الشر»، «الأمّيمي»، «حارة الطنابر»، «لعنة قسم».

المرأة الشامية

تبدو الدراما الشامية متهمة بتشويه صورة المرأة الدمشقية التي جُسدت على أنها «ثرثارة» وحياتها مُكرّسة للأحاديث الفارغة وإطاعة أوامر زوجها، في الوقت الذي أظهرها التاريخ كعنصر فاعل في المجتمع سياسياً وفكرياً واجتماعياً.

لا يخلو أي مجتمع أو زمان من «الثرثارات»، ولكن الكتّاب والمخرجين أنكروا دور المرأة في الحياة الدمشقية، وخصوصاً المتعلمات منهن والمثقفات، فكتب التاريخ تقول إن قسماً كبيراً من النساء الدمشقيات متعلمات ومثقفات، في حين تعرضت للظلم درامياً من خلال إعطاء صورة بأنها جاهلة وثرثارة وزوجها متسلط عليها، لذلك فإن الحديث عن المثقفات والطبيبات والسياسيات يجب أن يعيدنا إلى توثيق التاريخ.

هروب من الواقع


لا يمكن إنكار ما قدمته بعض الأعمال من وقائع صحيحة وحقيقية من عمق الحياة في دمشق، لكن معظمها لم تعكس واقع البيئة في هذا المجتمع وهذه المدينة، فالمجتمع الشامي لم يكن كما نتابعه.. بل هو مجتمع متحضر جداً وأكثر الشعوب العربية ثقافة، ولم يكن متخلفاً ومتزمتاً إلى الحد الذي تظهره هذه الأعمال وكان مغايراً تماماً لما قدم في الأعمال الشامية.

بعض الأعمال شوهت صورة المجتمع الشامي المثقف والمنفتح على الخارج، ولاسيما أن دمشق كانت تحوي الكثير من الصحف، وهناك المطابع وموفدون يسافرون للدراسة والعلم في أوروبا.

وهناك محطات مهمة في تاريخ المدينة لم تعرض من خلال هذه الدراما، هذه المحطات غيّرت مجرى التاريخ الذي مرّ على هذه المدينة إضافة إلى الابتعاد عن توثيق الفترة التي يمر بها العمل، أكانت الفترة العثمانية التركية، أم فترة الاحتلال الفرنسي، أم حتى فترة الاستقلال.

ويقول بعض المؤرخين: إن لباس أهل الشام مختلف عن اللباس الذي يظهر في الأعمال، لكن المخرجين أحبوا الأسلوب الجديد وخصوصاً بعد محبة الناس له، إضافة إلى أن بعض الممثلين أكثروا من استعمال الكلمات البيئية العامية القريبة جداً إلى الناس البسطاء الميالين إلى الشرّ أكثر من ميلهم إلى الخير.

وتقدم هذه الأعمال قصصاً مفترضة غير موثقة تناولت شريحة صغيرة جداً من المجتمع، ولم تظهر فيها طبقة المثقفين والسياسيين، كل ذلك يصب في مصلحة تقديم «حدوتة» شامية شعبية يحبها الناس والقصد منها المتابعة وإيصال رسائل خيّرة إلى الناس من خلال تلاحم المجتمع وتكاتفه وتعاضده.

وتتقصد شركات الإنتاج التركيز على نقاط معينة لتوجه عملها إلى أدنى طبقات الشعب، باعتبار أن الفئة غير المثقفة هي الأكبر في الوطن العربي.

أعمال 2013

البيئة الشامية ستكون حاضرة بقوة في الموسم الدرامي لتقدم سبعة أعمال دفعة واحدة، منها ثلاثة تتمة لأجزاء سابقة هما «زمن البرغوت» و«طاحون الشر».

فيبدو نص «زمن البرغوت» جاهزاً للكاتب محمد الزيد.. في حين ينتظر المخرج أحمد إبراهيم الأحمد شارة البداية من الجهة المنتجة لتصوير الجزء الثاني مع بقاء أيمن زيدان في بطولته وغياب رشيد عساف الذي قتل مع نهاية الجزء الأول في حين يقتصر دور سلوم حداد على مشاهد قليلة.

المخرج ناجي طعمي سيعتمد على معظم نجوم الجزء الأول من «طاحون الشر» ليصور الثاني وخاصة أن نهاية العمل في حلقته الأخيرة أبقت الأحداث مفتوحة ما أفسح المجال لإنتاج جزء جديد.

أما مصير الجزء السادس من المسلسل السوري الأشهر «باب الحارة» فما يزال معلقاً بين موسمي 2013 و2014 مع ترشيحات بعودة عباس النوري «أبو عصام» إلى واجهة العمل الشامي واستمرار بقية أبطاله أمثال وائل شرف وميلاد يوسف ووفيق الزعيم وصباح الجزائري، ولن يكتفي الكاتب بهذا الجزء ليدخل مرحلة جديدة بحياكة خيوط جديدة في جزء سابع.

كما أن أربعة أعمال أخرى ستعيش البيئة الشامية، منها عمل واحد انطلق بالفعل هو «ياسمين عتيق» للمثنى صبح وبطولة سلاف فواخرجي وجهاد سعد وغسان مسعود وأمارات رزق وروعة ياسين وآخرين، وتدور حكاية أبطاله في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، وهي مرحلةً وصفت بالمهمة والحسّاسة من تاريخ سورية ودمشق.

ويغطي المسلسل مرحلة مهمة وثرية من تاريخ سورية عامة وتاريخ دمشق خاصة، في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، تبدأ بحكم الوالي رؤوف باشا على دمشق، مروراً بحكم الوالي علي باشا وسليم باشا وصولاً إلى حملة إبراهيم باشا على دمشق والازدهار الذي حل بالبلاد، وكل ذلك يتم سرده ضمن أجواء البيئة الشامية المحببة وعبر حواراتها الحية، ومن خلال حكاية «جورية» المسلمة و«زمرد» المسيحية التي ستجمعهما الأقدار في مصادفة غريبة، تسوقهما بعد ذلك الأحداث الشيقة في رحلة طويلة ملأى بالمغامرات المثيرة تحتضنها حواري الشام بعبقها بين الجامع المعلق وكنيسة باب توما الأثرية.

ويبدو العمل محملاً برائحة الياسمين الدمشقي وبحكايا الحب الرومانسية ممزوجة بنزاعات ومعارك حامية الوطيس، أصحابها.. أصحاب النخوة والشهامة العربية في صراع أزلي بين الخير والشر، ليستمر العمل عبر مجموعة من الأحداث الجريئة والمؤامرات الخفية والمثيرة للدهشة التي سنتعرف إليها للمرة الأولى.

أما «طوق البنات» فيتناول تاريخ دمشق في الفترة بين 1927 وحتى الاستقلال، ويعكس صراعات اجتماعية بين أشخاص فرنسيين وعرب، بينما تدور أحداث العمل ضمن قالب رومانسي من خلال قصة حب بين فتاة دمشقية وكولونيل فرنسي.

ويروي «خاتون» قصة حب ملحمية جرت أحداثها أثناء الاحتلال الفرنسي لمدينة دمشق وسيكون قصي خولي بطل العمل بشخصية الزيبق وهو بطل العمل المطلق.

أما «الدومري» فيعتبر محاولة لتقديم دمشق عام 1890 بصورة مقاربة للواقع، وهو يحمل إسقاطات للواقع العربي وهو مزج بين البيئة والتاريخ إن صح القول، والنص قد أنجز نهائياً وموعد التصوير مرتهن بجدول شركة الإنتاج.