2012/07/04

الدراما التاريخية ليست على ما يرام
الدراما التاريخية ليست على ما يرام


مظفر إسماعيل – دار الخليج


يجمع الكثير من النقاد والمتابعين على أن الانطلاقة الحقيقية للدراما السورية جاءت بفضل الدراما التاريخية من خلال إنتاج وتسويق العديد من الأعمال من هذه النوعية، سواء الواقعية منها أم المستوحاة من محض الخيال التي عرفت ب “الفنتازيا”، فقد اقترنت وبشكل واضح البداية الأولى أو القفزة الجدية للمسلسلات التاريخية وللدراما السورية بشكل عام بإنتاج المسلسل التاريخي الشهير “الجوارح”، والذي جاء بدوره كبداية لعدة أجزاء من المسلسلات التاريخية الشيقة على غرار “البواسل، الكواسر، الفوارس، والعبابيد” وغيرها الكثير والكثير .

فترة جعلت من الدراما السورية دراما جماهيرية ومتابعة بشكل واسع في سوريا خاصة وفي جميع أنحاء العالم العربي عامة، وكانت الصبغة التاريخية آنذاك هي الميزة الأكثر قرباً من الدراما السورية . لكن تغيرات كثيرة طرأت على الدراما في سوريا أدت إلى تراجع أسهم المسلسلات التاريخية لمصلحة الأعمال البيئية والكوميدية والاجتماعية، فبعد أن طفت تلك النوعية المهمة على السطح تراجعت كثيراً لتترك الطليعة لغيرها، ومن الواضح أن واقع الدراما التاريخية في الفترة الحالية ليس على ما يرام، واقع خير من يدركه خبراء الدراما في سوريا والتاريخية على وجه التحديد، لذا التقينا مجموعة منهم في هذا التحقيق .

الفنان القدير سليم صبري يرى أن الدراما التاريخية ذات فوائد كثيرة على المستوى الثقافي واللغوي، كما يعتبر أن وجود هذه النوعية من المسلسلات يترك أثراً إيجابياً لدى المشاهدين، مؤكداً في الوقت ذاته أن غيابها غير مبرر ولا يجب إهمالها على حد قوله ويضيف: “الدراما التاريخية هامة جداً وتحمل في طياتها العديد من الرسائل التي تؤدي إلى ترك أثر إيجابي لدى الجماهير، حيث نشاهد أن العمل التاريخي يقدم العبر والمواعظ التي تسهم بشكل كبير في تنمية الثقافة والوعي، كما أن هذه الدراما تقدم للمشاهدين بالفصحى، الأمر الذي يعمل برأيي شيئاً فشيئاً على المحافظة على لغتنا العربية التي غدت تشوبها الكثير من الشوائب والكلمات الأجنبية، لكن للأسف تم استبدال تلك الأعمال الرائعة التي تحمل الكثير من الفوائد لتاريخنا بأعمال أغلبها تتحدث عن البيئة الشامية التي تسعى إلى دمار تاريخنا، وأعتقد أن غياب المسلسلات التاريخية غير مبرر على الإطلاق لما تحمله من أهمية بالغة”

أما الفنان باسم ياخور فيرى أن الأعمال التاريخية موجودة حتى الآن ولا تزال تحافظ على مكانتها إنما الأمر الذي اختلف على حد قوله هو العدد، ويؤكد ياخور أن عملاً تاريخياً واحداً في العام يلعب دوراً إيجابياً أكثر من عشرة مسلسلات متواضعة الأداء ويتابع: “لا أحد يستطيع أن ينكر أهمية المسلسلات التاريخية حالها حال جميع أنواع الأعمال الدرامية، فللأعمال التاريخية باع طويل في الدراما السورية، فضلاً عن الجماهيرية الواسعة التي تحظى بها، وهي تلعب دوراً كبيراً في شرح وقائع التاريخ العربي على مر عصور عدة، كالمسلسلات الجاهلية والإسلامية ومسلسلات التاريخ الحديث، أما بالنسبة لوضع المسلسلات التاريخية في الساحة حالياً فأعتقد أنها موجودة كأحد أهم المسلسلات في كل موسم، وأنا أقول دائما إن مسلسلاً تاريخياً واحداً في السنة أفضل من عشرة أعمال رديئة المستوى” .

الفنان زهير عبد الكريم يرى أن جميع أنواع المسلسلات الدرامية هامة وكلها تحمل طابعاً ثقافياً والمسلسلات التاريخية جزء هام منها على حد قوله، كما يؤكد أن التكلفة العالية لهذه الأنواع من الأعمال قياساً بغيرها أمر ينعكس سلباً عليها من ناحية الكمية يقول: “لا يمكن أن نفصل بين نوع درامي وآخر على اعتبار أن الدراما كلها تحمل رسالة نبيلة للجمهور، والأعمال التاريخية تحمل أهمية كبيرة حالها حال أي نوع درامي اجتماعي أو كوميدي أو غيرهما، والآن هناك شح في إنتاج الأعمال التاريخية والسبب الرئيس في ذلك يعود إلى التكلفة الكبيرة التي يتطلبها إنتاج المسلسل التاريخي، لذا أتمنى الإكثار من هذه النوعية من الأعمال نظراً لأهميتها وأتمنى ألا تغيب عن الشاشة حتى تسهم في نقل صورة التاريخ العربي بحلوه ومره إلى الأجيال الصاعدة” .

من جهته يؤكد الفنان سعد مينا على أهمية الدراما التاريخية على اعتبارها حملت الدراما السورية من المستوى المحلي إلى المستوى العربي على حد قوله، كما يرى أنها كانت دائماً قريبة جداً من الجمهور وأنها كانت تستحوذ على اهتمام الناس، معتبراً أن تلك النوعية من الأعمال تحمل في مضمونها واقعاً معاشاً إنما بصور وبيئة خيالية في بعض الأحيان ويضيف: “يخطئ من يعتقد أن الدراما التاريخية ليست هامة وأنها مجرد قصص تقدم للمشاهدين وفق قوالب درامية، فالدراما التاريخية قدمت الكثير من المسلسلات الرائعة ك”الجوارح” و”البواسل” و”الزير سالم” وغيرها الكثير من المسلسلات التي تحمل في طياتها أفكاراً منتزعة من قلب الواقع إنما بصورة تاريخية، كما أن أثرها كان كبيراً في نقل الدراما السورية من المحلية إلى المستوى العربي، كما أن الناس دائما كانوا يتشوقون لرؤية الأعمال التاريخية التي كانت تستحوذ على اهتمامهم وتفكيرهم، وعندما تعاد تلك المسلسلات سنجد المتابعين وبشكل حتمي ينشدّون إليها أكثر من المسلسلات التي تنتج حالياً، لذا أعتقد أن غياب المسلسلات التاريخية عن ساحة الدراما السورية يشكل حلقة مفقودة، وأتمنى أن يولي القائمون على الدراما في سوريا اهتماماً أكبر للأعمال التاريخية حتى نراها تزين الشاشة من جديد” .