2012/07/04

الدراما السورية : تطوّر في التوزيع أم تمويل خارجي؟
الدراما السورية : تطوّر في التوزيع أم تمويل خارجي؟

  أنور بدر - القدس العربي واضح أنّ الدراما السورية فرضت نفسها هذا العام بأكثر من ثلاثين عملاً درامياً، يتميّز بعضها بل الكثير منها قياساً للأعوام السابقة، لكن الأهم هو تجاوزها أزمات التوزيع التي شهدناها عامي 2007 و2009. لنكتشف أنها عادت تحتل مساحة مقبولة لها من الأثير العربي، لكنها مساحة ما زالت دون الطموح. فالمسلسلات السورية بدأنا نتابعها مع بداية الدورة الرمضانية الحالية على أكثر من ثلاثين محطة وفضائية عربية. ومن حيث الكم تبرز محطة 'أوربت' بثمانية أعمال سورية هي: 'ضيعة ضايعة' لليث حجو، 'باب الحارة' لمؤمن الملا بإشراف والده بسام الملا، 'أبو خليل القباني' لإيناس حقي، 'اسعد الورّاق' و 'تخت شرقي' لرشا شربتجي، 'لعنة الطين' لأحمد إبراهيم أحمد، 'بقعة ضوء' لناجي طعمة وأخيراً مسلسل 'دوار الشمس' للمخرج سمير حسين. وتليا تأتي محطة 'روتانا خليجية' بستة مسلسلات مغايرة هي: 'كليوباترا' من إخراج وائل رمضان'، 'أهل الراية' لسيف الدين سبيعي، 'الخبز الحرام' لتامر اسحق، 'شاميات' لفادي غازي، 'أبو جانتي ملك التاكسي' لزهير قنوع، و'صبايا' لفراس دهني. والمرتبة الثالثة تحتلها قناة 'السومرية' بأربع أعمال معاً، هي: 'لعنة الطين' لأحمد إبراهيم أحمد، 'قيود الروح' لماهر صليبي، 'ساعة الصفر' ليوسف رزق، و'رايات الحق' للمخرج الأردني محمود الدوايمة. وتأتي فضائية دبي بثلاثة أعمال هي: 'أبواب الغيم' للمخرج حاتم علي، 'وراء الشمس' و'اسعد الوراق'، كذلك m.b.c تعرض ثلاثة أعمال هي: 'باب الحارة' و'القعقاع' للمثنى صبح، و'مطلوب رجال' من إخراج سامر برقاوي وسامي جنادي معا. ومحطة 'الجديد' اللبنانية بثلاثة أعمال أيضاً هي: 'أهل الراية'، 'الخبز الحرام' و'الدبور' لتامر اسحق أيضا. بينما لدينا أكثر من محطة تعرض عملين سوريين كمحطة 'انفينيتي': 'رايات الحق' و'الدبور'، قناة 'البحرين' تقدّم 'رايات الحق' و'ذاكرة الجسد' لنجدت أنزور، محطة 'أبو ظبي دراما' تقدّم 'ذاكرة الجسد' و'تخت شرقي' محطة قطر تقدّم 'أسعد الورّاق' و'القعقاع'. ومحطة 'حكايات زمان' التي تقدّم مسلسل 'أنا القدس' لباسل الخطيب، و'كليوباترا' لوائل رمضان. وهناك قائمة طويلة من المحطات والفضائيات التي تقدّم عملاً واحداً من الدراما السورية لهذا الموسم، فتلفزيون 'الأردن' سيعرض 'وراء الشمس'، و'ميلودي دراما' ستعرض 'باب الحارة'. بينما ستعرض 'الكويت' مسلسل 'رايات الحق'، ومحطة 'المستقبل' اللبنانية ستعرض 'ما ملكت أيمانكم'. من جهتها ستعرض 'الليبية' مسلسل 'الدبور' ومحطة الساحل تعرض 'بعد السقوط'. فيما تقدم مجموعة من القنوات 'الحياة ' و'كايرو دراما' و 'O.S.N' وغيرها من القنوات المصرية مسلسل 'كليوباترا' ومثلها محطة الجزائر ستعرض 'ذاكرة الجسد'، وال 'L.B.C' اللبنانية ستعرض 'وراء الشمس'. بالطبع سيكون للتلفزيون السوري الحصة الأكبر، إذ تقدم الفضائية السورية ثمانية أعمال محلية و'سوريا دراما' سبعة أعمال، إلى جانب القناتين الأولى بسبعة أعمال والثانية بأربعة أعمال، وحتى قناة 'الدنيا' الخاصة سيكون لها نصيب في هذا المزاد بخمسة أعمال فقط. وأعتذر سلفاً عن دقة هذه الإحصائية وكمالها، لأننا نعرف أنّ هناك فضائيات أخرى اشترت هذا العمل أو ذاك، لكننا لم نستطع أن نجمع أفضل من هذه الإحصائية، والتي تتطلّب منا إعادة التدقيق فيها. لكننا نكتشف أنّ هذا الانتشار للدراما السورية وهمي بجزء كبير منه. فأغلب هذه الأعمال السورية أُنتِجَ برأسمال خارجي، وبالتالي الشركات المنتجة وأغلبها محطات تلفزيونية موّلت ذلك الإنتاج، لذلك يكون من الطبيعي أن تشتري وتعرض هذه الأعمال. بل بعضها يُصرّ على عرض حصري كما هو حال مسلسل 'أبواب الغيم' من إنتاج دبي وشركة 'صورة' لمخرج العمل 'حاتم علي'، والتي تلعب كما أغلب شركات الإنتاج السورية دور منتج منفذ. إضافة إلى مسلسلين آخرين لشركة 'عاج' هما 'أسعد الوراق' و'وراء الشمس'، وبالتالي دبي تعرض الأعمال الثلاثة التي أنتجتها في سورية، فيما تعرض أكثر من محطة مصرية ولأول مرة هذا العام مسلسل 'كليوباترا' باعتباره إنتاج مصري، بينما نراها تتلكأ ولأسباب سياسية في عرض مسلسل آخر 'أنا القدس' رغم أنها ساهمت بإنتاجه، كذلك محطة الـ'm.b.c' أنتجت 'باب الحارة' وتشاركت مع تلفزيون قطر في إنتاج مسلسل 'القعقاع بن عمرو التميمي' الذي نفّذته شركة 'سورية الدولية'. كما أنتجت 'روتانا خليجية' مُسلسلي 'أبو جانتي ملك التاكسي'، والجزء الثاني من 'صبايا'. أمّا قناة 'أبو ظبي' فقد كان لها شرف إنتاج مسلسل 'ذاكرة الجسد' عن رواية الجزائرية 'أحلام مستغانمي' وهو ما شجّع كل من فضائيات 'أبو ظبي' و'الجزائرية' ومحطات أخرى على عرض هذا العمل. وربما تشكل مفارقة أنّ شركة إنتاج سودانية 'ساهور' جاءت لتموّل إنتاج مسلسل 'رايات الحق'. هذا بالطبع لا يعني أنّ الأعمال السورية المُنتجة والمُموّلة محلياً، وهي أقل من 30 بالمئة من مجموع إنتاج هذه الدورة، لن يُعرض منها شيء على الأثير العربي، لكنه سيكون شيء قليل. فمسلسل 'ما ملكت أيمانكم' وهو إنتاج المخرج 'نجدت أنزور' نفسه لم يُعرض إلاّ على تلفزيون 'المستقبل' والسورية، ربما لحساسيّة الموضوع الذي دفع بعض المحطات إلى التريث لاكتشاف أثر العمل في الجمهور أولاً! بينما 'لعنة الطين' الذي أنتجته شركة 'قبنص' السورية لم يجد له سوقاً خارج سوريا إلاّ في فضائية ليبيا الشبابية. أمّا باقي أعمال 'سورية الدولية' وهي: 'أهل الراية'، و'بقعة ضوء'، و'الصندوق الأسود' فإنها تُعرض على القنوات السورية فقط، و'أوربت' السورية التي تُبث من الخارج، باستثناء 'أهل الراية' الذي اشترته 'روتانا خليجية'. وهذا هو مصير أفضل الأعمال الكوميدية السورية، وأقصد به الجزء الثاني من مسلسل 'ضيعة ضايعة' الذي يعرض على أوربت والسورية. أمّا المسلسلات التي أنتجها التلفزيون السوري لهذا العام، وهي: 'البقعة السوداء'، 'أقاصيص مسافر'، 'الهروب'، 'زلزال' فهي تُعرض حصرياً على القنوات السورية. بل نُشير إلى أنّ مسلسل 'الهروب' للمخرج ثائر موسى والذي كتبَ له السيناريو رامي الطويل بحساسية جميلة ومعاصرة سيُعرض في الساعة الثانية عشرة ليلاً على 'سوريو دراما' ما عدا يوم الخميس بسبب وجود حفل فني أسبوعي، ودون أي إعادة بث في وقت آخر أسوه بباقي المسلسلات، بحيث لم نُقصّر في تسويق أعمالنا التي أنتجناها، بل وصل الأمر حد أننا نهملها نحن أنفسنا. يُعيدنا هذا الإشكال إلى المربع الأول في الموضوع، إن صحّ التعبير، ألا وهو صعوبة تسويق الأعمال السورية، مقابل انتشار مصري أوسع على الفضائيات العربية، إضافة لوجود أكثر من العديد من القنوات المصرية تتكفّل بعرض أعمالها. فإذا كنا هذا العام مع بداية نشاط المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني التي حلّت موضوعياً مكان مديرية الإنتاج في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، فهل ستكون المؤسسة الجديدة، معنية وقادرة على تسويق الدراما السورية؟ أم أنّ المسألة ما زالت تخضع للعشوائية والارتجال بعيداً عن أي حل مؤسساتي مسؤول؟ ولماذا لا نستفيد من علاقاتنا الطيبة مع بعض الدول العربية كقطر مثلاً أو السودان لتسويق أعمالنا السورية لديهم؟!! أم أننا سنكتفي بدور المنتج المنفذ للأعمال الدرامية لصالح كل الفضائيات والمحطات العربية التي ستفرض شروطها وخياراتها شئنا أم أبينا ذلك؟ وحينها سينافسنا هؤلاء الممولين على ملكية الدراما السورية وحتى تسميتها إن كانت سورية أم غير ذلك