2012/07/04

«الدكتور فؤاد» قلب معادلة الخير والشرّ
«الدكتور فؤاد» قلب معادلة الخير والشرّ


محمد خير - الأخبار


بعد نصف قرن على دوره في فيلم «سكر هانم» للمخرج سيد بدير والمؤلف أبو السعود الإبياري، وقف عمر الحريري على خشبة «مسرح الريحاني» لتقديم العمل نفسه لكن في إطار مسرحي، بعدما أعد أحمد أبو السعود الإبياري النص المسرحي عن سيناريو أبيه، وقدمه بإخراج نقيب الممثلين آنذاك أشرف زكي. غابة من الأسماء تمثّل جيلين بعيدين بُعد الفيلم (1960) عن المسرحية ( 2010). وكان المشترك بين الزمنين هو عمر محمد صالح الحريري (1922 ـــ2011) الذي توفي الأحد في القاهرة بعد عمر طويل بمعيار الزمن والفن أيضاً.

عندما قرر صلاح أبو سيف أن يخرج فيلماً عن رواية إحسان عبد القدوس «الوسادة الخالية» (1957)، وقدم الفيلم بعنوان الرواية نفسه، منح عمر الحريري دوراً لم يكن جديداً على الفنان الشاب فحسب، بل على الجمهور أيضاً. جمهور السينما والمسرح وحتى الأدب. إذ كانت الرواية ـ وبالتالي الفيلم ـ يناقشان موضوع «الحب الأول» بين طالب وطالبة في الجامعة. كان الجديد في الرواية/ الفيلم آنذاك أنّ ذلك الحب سيذهب إلى حال سبيله ولن يفضي إلى «النهاية السعيدة». ومنح أبو سيف البطولة لشابين لم تعرف عنهما الموهبة التمثيلية الكبيرة، هما المطرب الشاب عبد الحليم حافظ في دور صلاح، والممثلة لبنى عبد العزيز في دور سميحة. أما عمر الحريري، فلعب دور الدكتور فؤاد الذي يتزوج سميحة ويختاره القدر لإجراء عملية جراحية لصلاح ـ حبيبها الأول ـ فينقذ حياته. كان «الجديد» الحقيقي في الفيلم، وما منح الحريري شهرته أنّ زوج الحبيبة لم يكن الرجل «الشرير». كان ذلك كسراً لقواعد الخير والشر الواضحة في السينما آنذاك، ومنح الفيلم نجاحاً وشهرة للحريري فاقا ما حصل عليه في أدواره المسرحية المبكرة (تخرّج مع شكري سرحان من معهد التمثيل في 1947) بل فاق نجاحه ما حققه في بطولته السينمائية الوحيدة «أغلى من عيني» (عز الدين ذو الفقار ـ 1955)، وهي ـ كما توضح الأرقام ـ سبقت «الوسادة الخالية» بعامين. ربما كان نجاحه في فيلم أبو سيف، هو ما أقنعه بعدم محاولة تكرار تجربة البطولة المطلقة. بقي يقدم الأدوار المساعدة حتى نهاية حياته. حياة لم يتوقف فيها عن التمثيل، حتى إن الاستديوهات التلفزيونية كانت لا تزال في 2011 تنتظر دخوله لاستكمال ثلاثة مسلسلات جديدة، منها «بين الشوطين».

أدرك الحريري طبيعة إمكاناته، فقدم بعضاً من أهم الأدوار المساعدة على الإطلاق، فمن ينسى دور المقدم أحمد عبد السلام في مسرحية «شاهد ما شافش حاجة» (1978)، كان الحريري ضابط البوليس الذي يحقق في مقتل الراقصة التي تسكن أسفل شقة سرحان عبد البصير (عادل إمام). ورغم البطولة المطلقة لإمام، كان وجود الحريري ضرورياً كالملح. ربما هذا ما دفع الحريري إلى مرافقة إمام، خصوصاً في المسرحيات. كما شاركه في العام نفسه «ما شافش حاجة» أحد المسلسلين التلفزيونيين الوحيدين اللذين قدمهما إمام، مع مسلسل «أحلام الفتى الطائر».

على طريقة أمينة رزق وشكري سرحان وكمال الشناوي ومحمد توفيق، احتفظ الحريري بلياقته الفنية حتى آخر أدواره. قدم بنجاح مسلسل «شيخ العرب همام» مع يحيى الفخراني عام 2010، ليحقق رقماً قياسياً في العمر الفني، منذ ظهوره السينمائي الأول ـ والصامت ـ في «سلامة في خير» لنجيب الريحاني عام 1937.