2012/07/04

الرعب الذي يضحك
الرعب الذي يضحك

سهام خلوصي – الكفاح العربي


بعد عشر سنين على الجزء الثالث، ها هو "Scream 4" على شاشاتنا يدوي نجاحاً. هذه السلسلة من أفلام الرعب مختلفة، انها الرعب الساخر الذي تمتزج فيه الكوميديا بالخوف. الدم يسيل وأنت تضحك، لكنك فجأة تقفز رعباً... ثم تضحك.

كيف يصنع المخرج ويس كرافن هذه الخلطة المختلفة؟

عشر سنين مرت على الجزء الثالث وعلى آخر جرائم وود سبورو. سيدني برسكوت، (نيف كامبل) التي أصبحت كاتبة ناجحة، تعود الى المدينة بمناسبة اطلاق أول كتاب لها، وما ان تلتقي زميليها السابقين الشريف ديوي (ديفيد اركيت) والصحفية غال وسترز (كورتني كوكس) التي اصبحت زوجة ديوي، حتى يبدأ المجرم مقنعاً في زرع الرعب والقتل. غوستغاس رجع لكن القواعد هذه المرة ستتغير.

الى هذه الشخصيات القديمة المعروفة في الأجزاء الثلاثة الماضية تضاف شخصيات جديدة في "Scream 4"، هي مجموعة من الممثلين الشباب المراهقين.

يقول المخرج ويس كرافن الذي كان متردداً في اخراج جزء جديد، انه عندما عرض عليه كيفن وليامسون كاتب السيناريو رؤيته للجزء الرابع وافق على الفور. والمعروف أن وليامسون هو كاتب الجزأين الأول والثاني، وعودة وليامسون الى الجزء الرابع حملت نكهة جديدة ومختلفة عن الجزء الثالث.

كان شرط كرافن للعودة الى اخراج الجزء الرابع أن يعود الناجون من الأجزاء الثلاثة، أي الشخصيات الرئيسة الثلاث التي يلعبها كل من نيف كامبل وكورتين كوكس وديفيد اركيت. وفعلاً وافق ديفيد وكورتين أولاً، لكن نيف كانت متريثة تقول: "عندما اتصلوا بي من أجل "Scream 4" فإن أول رد فعل لي كان التخوف من الاقدام على المشروع. لم أكن متأكدة من أنها فكرة جيدة، وانتظرت سبعة اشهر قبل أن أوافق. كنت قد أقسمت بعد الجزء الثالث على أنني لن أقدم على جزء آخر. لكن مرت عشر سنين والزمن يغير ويتغير، وعندما جاءني وليامسون يشرح لي فكرة الفيلم الرابع وجدتها فكرة لامعة.

باختصار، عاد النجوم الثلاثة في الأجزاء الثلاثة السابقة الى الجزء الرابع ومعهم مجموعة من الممثلين الشباب. ومبدأ مزج "الجيل القديم" بمجموعة من ممثلي أعوام الانترنت ومثقفي الفايسبوك وتويتر، فكرة جيدة كبداية، بالاضافة الى أن ويس كرافن المخرج عرف بأنه المعلم أو الأستاذ في مجال أفلام الرعب، فهو لا يصنع فيلماً تقليدياً في هذا النوع، ولعل

أهم ما يميز سلسلة "Scream" لكرافن هو أن الممثل الرئيس فيها هو الفكاهة. نعم الفكاهة. فنحن نضحك أكثر من مرة في "Scream 4". نرتعب... ونضحك. أليست هذه خلطة جيدة ومختلفة؟

في رأي النقاد ان هذا الجزء الرابع هو الافضل بعد الأول، ونجاح الجزء الرابع يأتي من خبرة كرافن وأيضاً من جودة السيناريو الذي يتمكن من إثارة التشويق. النجاح يأتي ايضاً من البعد الساخر في الفيلم، ومن تملك ماهر رموز افلام الرعب والتجديد فيها، وكما قلنا، فإن الجمع بين النجوم القدامى لهذه الملحمة والمراهقين الجدد وميزات الجيل الجديد الذي يفكر أسرع ويتصرف أسرع. وقوة الفيلم ليست فقط في تطوير القصة وأدوات النوع وبلورة الشخصيات، لكن ايضاً في تطور المخرج الذي يبدو موازياً للتطور الاجتماعي، فهو لا يغفل عن كل التطورات التي حدثت في السنين العشر الماضية، في مجالي السينما والتكنولوجيا على مستوى هذا النوع من الافلام.

ويس كرافن

بماذا تختلف ملحمة الرعب الجديدة عن أفلام الرعب الحقيقية بدءاً من الجزء الأول وحتى الجزء الرابع.

يقول ويس كرافن:

● عندما قرأت سيناريو أول فيلم من "Scream" رفضت اخراجه بسبب مشهد الافتتاح العنيف جداً. هذا الكلام يعتبر اوجاً بالنسبة الى استاذ الرعب الذي عرف منذ العام 1972 بجرأته في هذا المجال وباقدامه على مشاهد الترعيب.

يضيف كرافن: كان لدي دائماً احساس بالانجذاب الى صنع فيلم رعب اضافي، رغم احساس آخر كان ينفرني من الأمر ويجعلني اعتقد انه آخر فيلم لي في هذا المجال. لذلك رفضت المشروع. ثم سمعت أن درو باريمور تريد أن تشارك. ثم إنه كان لدي هذا الهاتف الذي يقول لي: "يا سيد كرافن عليك أن تعمل من جديد فيلماً يقتل!"، لكن هذا التناقض الوجداني كان دائماً موجوداً.

والواقع انه ليس سهلاً على ويس كرافن أن يتخلى عن المتعة التي يكتسبها ليس فقط من اخراج افلام "Scream" لكن ايضا أن يلوي عنق النقاد الذين يتهمون افلامه بتغذية العنف في المجتمع، وأيضا في مواجهة الرقابة التي تفرضها "Motion Picture Association Of America" التي لها حق تصنيف الافلام. يقول كرافن: اعتقدت انني سأواجه مشاكل مع جهاز الرقابة "MPAA" لأن هناك الكثير من الدم في "Scream 4"، لكن لا. كما في الافلام الثلاثة السابقة، اعطانا جهاز الرقابة تصنيف R (يعني ممنوع دخول من هم دون السابعة عشرة إلا بصحبة ناضج) فمع "MPAA" نحن لا نعرف ماذا ينتظرنا. في "Scream 1" أرادت الرقابة الغاء الفصل الثالث كله والمشهد الذي يحدث في المطبخ حيث القاتلان يطعن كل منهما الآخر بالخنجر. لكن بوب ونشتاين احد المنتجين استطاع أن يفسر للقائمين على الرقابة ان هذا نوع من الكوميديا كي يبدلوا رأيهم! مع ذلك فقد اقتطعوا لي مشهداً يسيل فيه الدم بغزارة حسب رأيهم.

ويس كرافن استخدم في "Scream 1" 190 ليتراً من السائل الأحمر (الدم). هو يقول: "أعرف أن علي مسؤولية كفنان. فيلم الرعب هو ايضاً طريقة لمواجهة العنف في مجتمعنا، فنحن نضع كل المخاوف في العالم في بيئة مراقبة ونضيف بطلاً يعمل على الانتصار على هذه المخاوف". في حالة "Scream" نحن نضحك ونجعل الآخرين يضحكون.

في العام 1996 أعطى "Scream 1" دفعة شبابية لفيلم الرعب بإعادة توجيه كل رموز هذا النوع كي يتسلى المشاهد أكثر. "Scream 1" أظهر التطور في هذا النوع على مدى العشر او العشرين سنة الماضية. يقول كرافن: أعلنا عن القواعد ثم خرقناها رأساً بهدف أن لا يعرف المشاهد ماذا ينتظره. فالذي يقول "سأعود رأساً" يجب أن يموت، لكن في "Scream" الذي يطلق هذه العبارة هو القاتل، والتي تمارس الحب يجب أن تموت، لكن سيدني تمارس الحب وتعيش. المشاهد يظن أنه يعرف كل الكليشيهات لكنه مخطئ. لهذا فإن ملحمة "Scream" نجحت لأنها تعتمد على الغير وتؤطر وتقلق الناس وترعبهم بوضعهم على أرضية مجهولة.

وكرافن طبق القواعد نفسها في "Scream 2" الذي سخر من كليشيهات الافلام المسلسلة او الافلام التي تصنع منها اجزاء متتالية، واستمر في الجزء الثالث في تقليد ساخر لأفلام الثلاثينيات. وفي الجزء الرابع او في الفيلم الرابع الذي سخر من السلسلات التي لا تنتهي من الافلام ومن الادعاءات (Remakes)، يقول كرافن: "Scream 4" يظهر التطور الذي حصل في فيلم الرعب خلال السنين العشر الماضية: قصص الاشباح الآتية من اليابان، افلام التعذيب البورنوغرافية، الاعادات والأجزاء المتتالية التي لا تنتهي. يكفي أن ينجح فيلم حتى يصنع له 25 فيلماً تابعاً! أنا نفسي انتجت فيلمين "Remakes" لشريطين من اخراجي. "Scream 4" يسخر من هذا كله. أحس أن المشاهدين اصبحوا يملون وأنه آن الوقت لانتاج شيء جديد ومختلف. هذه هي الحال مع "Scream 4". أنا لم انظر ابدا الى افلام "Scream" على انها اجزاء متسلسلة، وإنما على انها قصة متكاملة ومركزة على التطور للشخصيات الثلاث الرئيسة: سيدني، غال وديوي.

هذه الشخصيات الثلاث لم تتوقف عن التطور لأن "Scream 4" هو في بداية ثلاثية جديدة نتوقع معها كل شيء وكل شيء مسموح. ويقول ويس كرافن ضاحكا: لقد فكرت دائما أنه سيكون عظيما لو أن سيدني هي القاتلة. مع "Scream" كل الاحتمالات مفتوحة.

هذا بالنسبة الى المخرج كرافن. ماذا بالنسبة الى الممثلة نيف كامبل بطلة اجزاء "Scream" الثلاثة، وماذا ايضا عن الممثلة الثانية كورتين كوكس؟

هنا حواران سريعان مع كل من الممثلتين:

نيف كامبل

■ هل احببت تطور شخصية سيدني في "Scream 4"؟

- كان من المهم أن تصبح قوية. الحدث يجري بعد مرور عشر سنين. لقد اصبحت ناضجة، ومرت بكثير من الاشياء الصادمة في حياتها بحيث أنه لا يمكنها إلا أن تكون مجنونة او قوية جداً. أحب تطورها منذ أول فيلم "Scream". كانت هشة، مترددة وأصبحت قوية جامدة.

■ ماذا تمثل هذه الملحمة في مهنتك؟

- لقد أطلقت مهنتي. في ذلك الوقت، أي مع اول فيلم من "Scream"، كنت غير مشهورة مع انني كنت قد اصبحت ممثلة. مع "Scream" تنبه الناس الى ان في استطاعتي أن أحمل فيلما على كتفي. كنت خائفة أن لا تعرض علي أفلام اخرى، لكن كنت محظوظة. البعض بخسني حقي عندما دعاني "Scream Queen" (ملكة الصرخة)، لأنني لا اعرّف نفسي كذلك، وأنا لم أكن ابداً معجبة بأفلام الرعب. لكن اذا هم دعوني كذلك لأنهم أحبوا الفيلم، فلا بأس.

■ هل غيّر "Scream" نظرتك الى افلام الرعب؟

- تماماً. قبل ذلك كنت ارى فيلم الرعب بلا قيمة وليس فيه ذكاء، سهل صنعه، وسهل تمثيله. الواقع هو العكس! ان صنع فيلم رعب جيد هو تحد كبير. "Scream" فريد بسبب ذكاء ويس كرافن (المخرج) وكيفن ويليامسون (الكاتب) وبسبب خلفيتهما الثقافية، فهما يراقبان الجيل الذي يتوجهان اليه ويدرسانه ويعطياه ما يريد وما يهتم له.

كورتني كوكس

■ هل ما زلت تحبين تجسيد دور غال الصحفية؟

- انها ليست صحفية لطيفة وعادية. إنها تريد ان تصبح مشهورة قبل كل شيء. تصر على كشف الحقيقة ونشرها. إنها ايضا حمقاء من ناحية ما. عندما تعود الجرائم من جديد، بعد عشر سنين، كل ما تريده هو ان تصنع كتاباً وتصبح مشهورة ايضاً. هي ليست مهووسة إلا بهذه الفكرة. أحب أن ألعب شخصية أنانية الى هذه الدرجة شخصية مضحكة في النهاية.

■ رغم الكوميديا، الفيلم يبقى فيلم رعب. ماذا تفعلين كي تتخلصي من ضغوط التصوير؟

- آخذ حماماً ساخناً جداً. (تضحك). في "Scream" ليس عليك سوى أن تنظف شعرك من سائل الذرة الذي يستخدم على انه دم.

■ ما هو سر ويس كرافن في افلام الرعب؟

- انه مخرج عبقري، اصبح استاذاً. انه يرصد كل شيء وعلى معرفة بكل ما يجري.