2012/07/04

السفيرة السـورية لميـاء شـكّور تقاضـي «فرانـس 24»
السفيرة السـورية لميـاء شـكّور تقاضـي «فرانـس 24»

علي وجيه – السفير

في ما يشبه محاولة التغنّي بانتصار إعلامي ما والزهو بسبق صحافي مفتقد، زفّت قناة «فرانس 24» (بدأت بثها أواخر 2006) مساء الثلاثاء خبراً «حصرياً» عن استقالة السفيرة السورية في فرنسا لمياء شكور من منصبها «رفضاً لدورة العنف في بلادها وإقراراً بمشروعية مطالب الشعب بالديموقراطية والحرية»، بحسب ما ذكرت القناة على موقعها الإلكتروني. وأذاعت القناة الفرنسية تصريحاً صوتياً نسبته لشكور جاء فيه: «رد الحكومة السورية لم يكن الرد الملائم، ولا يمكنني دعم هذا العنف، لذا قدمت استقالتي اعترافاً بشرعية مطالب الشعب بالحرية والديموقراطية. وأدعو الرئيس بشار الأسد إلى لقاء قادة المعارضة من أجل تشكيل حكومة جديدة».

رنّة النصر المفترض ظهرت من خلال صياغة الخبر «السكوب» في نشرة أخبار القناة، والجمل الترويجية الداعمة التي رافقته مثل: «في تصريح خصّت به «فرانس 24»» و«في أول خطوة من نوعها في السلك الدبلوماسي والنظام السوريَين»، ليختتم المقطع بدلالة خطيرة في نظر القناة: «تجدر الإشارة إلى أنّ والد لمياء شكور ضابط برتبة عالية في الجيش السوري»، في إشارة إلى اللواء السابق يوسف شكور.

لكن الرد لم يستغرق طويلا على الفضائية السورية، من خلال اتصال مع السفيرة شكور نفت فيه صحة الخبر تماماً، متهمةً القناة الفرنسية الدولية بالانخراط في «الحملة التشويهية والتزييفية التي تقوم بها وسائل الإعلام التلفزيوني والمرئي والمسموع وغيرها سواء أكانت أوروبية أم غربية وبعض العربيات وبعض الأميركيات لإسقاط مصداقية ما نقوم به لحماية وطننا من هذا التدخل السافر في سيادتنا». السفيرة السورية لم تكتفِ بالفضائية السورية، فقامت بتكذيب الخبر على عدّة فضائيات، منها: «الدنيا» في البث المسائي المباشر و«الجزيرة» في «حصاد اليوم»، إضافةً إلى قناة «العربية».

شكور أكّدت على مختلف الفضائيات أنّها ستقوم بمقاضاة «فرانس 24» أمام المحاكم «سريعاً»، وأنّها ستطالب بتعويض «عطل وضرر» تذهب قيمته إلى «أبناء الشهداء البواسل الذين يفنون حياتهم من أجل الوطن».

ووصفت شكور المقطعَين الصوتيين بالفرنسية والإنكليزية اللذين نسبتهما «فرانس 24» لها بأنّ فيهما «انتحال شخصية» و«انتحال صفة»، مؤكّدة لـ «الدنيا» أنّ «انتحال الشخصية تمّ بالعربية والإنكليزية والفرنسية اعتماداً على إجادتي للغات الثلاث. استخدم صوت هو ليس صوتي، له لكنة ذات انتماء محدد من دول المنطقة العربية»، في إشارة إلى اللكنة المصرية المسموعة في التسجيلَين.

وجدت القناة الفرنسية نفسها في مأزق حقيقي، فحاولت التقليل من أهمية ما حصل على أنّه مجرّد «معلومات متضاربة حول استقالة السفيرة السورية في باريس» في عنوان الخبر الرئيسي على موقعها الإلكتروني. وأصدرت إدارة «فرانس 24» بياناً صحافياً دافعت فيه عن نفسها، وتحدّثت عن تفاصيل التواصل مع السفيرة وإعلانها استقالتها كسفيرة لسوريا على القناتين الفرنسية والإنكليزية. وأضاف البيان: «لقد تفاجأنا كثيرا عندما كذّبت السفيرة تصريحاتها على شاشات «العربية» و«الجزيرة» والتلفزيون السوري. لا نستبعد لا التلاعب ولا الاستفزاز.. إذا ما تأكّد الأمر فإننا سنتـابع قضائياً كل الأشخاص والمصالح الرسمية التي قد تكون وراء ذلك».

في كل الأحوال، سواء أكان الخبر ملفقاً، أم تمّ استدراج القناة إلى «فخ» من نوع ما، فإنّ «الفرع التابع للإعلام المسموع والمرئي الخارجي لفرنسا» في ورطة مهنية حالياً، تُضاف الى أسئلة مشككة عدة يطرحها البعض داخل سوريا عن التغطية الإعلامية للأحداث فيها، ومدى الجهد المبذول للتأكد من صحة الأخبار الواردة عنها. لماذا سارعت فضائيات مثل «الجزيرة» و«العربية» إلى نشر خبر الاستقالة وجعله رئيسياً دون الرجوع إلى مصادر أخرى؟ لماذا تسارع هذه الفضائيات إلى تبنّي أخبار معينة بلهجة تقريرية ومعتمدة، في حين تسبق بعضها الآخر بمصدر معين مثل التلفزيون السوري؟ لماذا تصدّر أخباراً بعينها، وتمرّر أخرى بشكل هامشي وسط زخم مواد معاكسة تماماً؟ أسئلة برسم أهل «الكار» في فضائيات «المهنية» و«الحيادية».