2012/07/04

السينما اللبنانية سفير العرب في "كان"
السينما اللبنانية سفير العرب في "كان"

محمد رضا – دار الخليج

الوجود الرسمي الوحيد بين أفلام مهرجان “كان” السينمائي الدولي هذا العام هو الفيلم اللبناني “هلا لوين؟” (“الآن إلى أين؟”) للمخرجة نادين لبكي، والذي تم ضمّه إلى عروض تظاهرة “نظرة ما” .

إنه فيلمها الثاني كمخرجة بعد “سكر بنات” (أو “كاراميل”)، والذي كان تم تقديمه قبل ثلاث سنوات في إطار تظاهرة “نصف شهر المخرجين” المهمّة، وإن لم تكن رسمية . وذلك الفيلم، كما يذكر المتابعون، شهد عروضاً متلاحقة من أبوظبي إلى نيويورك ومن باريس إلى لوس أنجلوس وبنجاح نقدي لافت .

آنذاك لم تكن لبكي وحدها في عروض ذلك القسم، إذ شاركتها العرض في ذلك القسم المهم من أعمال المهرجان المخرجة دانييل عربيد بفيلم “الرجل الضائع” الذي كان ثاني أعمالها بعد “معارك حب” . في الفيلمين أثبتت رغبتها في توجيه نقد اجتماعي حيال الأوضاع، سواء أكانت لبنانية أم عربية .

خلال السنوات الثلاث الماضية، داوم اللبنانيون على صنع الأفلام بمعدل ثلاثة إلى خمسة أفلام روائية وتسجيلية طوال في السنة الواحدة، علماً أن الصعوبات والعقبات متعددة ومختلفة، إذ ليس هناك ستديوهات، ولا   شركات عاملة دوماً في هذا المجال، ولا يوجد إقبال كبير على الأفلام اللبنانية داخل البلد، ولا إقبال عليها في الأسواق العربية الخارجية ورغم ذلك هناك عدد مهم من المواهب أثمرت مجموعات من الأفلام الجيّدة خلال السنوات القليلة الماضية .

في العام الماضي مثلاً، تقاسمت السينما اللبنانية جوائز أهم المهرجانات العربية مع زميلتها المصرية .

وعلى سبيل المثال، فاز فيلم بهيج حجيج الأخير “شتّي يا دني” بجائزة أولى في مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي، في حين فاز “رصاصة طائشة” لجورج الهاشم (الذي أدت نادين لبكي بطولته) بالجائزة الأولى في مهرجان دبي السينمائي الدولي في ديسمبر/كانون الأول الماضي . وفي صعيد الأفلام الوثائقية فاز فيلم “شيوعيون كنا” بجائزة رئيسة في مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي، كما عرضه مهرجان فينسيا الإيطالي باهتمام ملاحظ من قبل الحضور . ومع أن لبنان لا ينتج بالقدر نفسه الذي تنتجه سينمات عربية أخرى، مثل مصر والمغرب، إلا أنه في الأعوام الثرية قادر على توفير أربعة أفلام طوال وعدد من الأفلام القصيرة أيضاً، بل  يحقق الجوائز في المهرجانات المختلفة، وبعض العروض العالمية، ويشترك في مهرجان “كان” السينمائي، كما الحال هذا العام عبر فيلم نادين لبكي الثاني .

وهذا أمر يُثير قدراً من الغرابة، لأن المسألة ليست في الحقيقة مسألة فوز الأفلام اللبنانية في العام الماضي، وما يُنتظر منها هذا العام، بل هي مسألة ملاحظة ذلك النشاط غير المدعوم إلا من مستثمرين مغامرين قليلين في لبنان، وبضعة منتجين طموحين وراغبين في فرنسا على الأخص . وهو أمر متّفق عليه ذلك الذي يشير الى أنه لولا الدعم الفرنسي للسينما اللبنانية، ومن أيام المخرج الراحل مارون بغدادي في الثمانينات من القرن الماضي، لم يكن معظم ما تم إنتاجه من أفلام لبنانية قد أنتج بالفعل .

إلى ذلك، هناك ملاحظة أخرى مفيدة في هذا المجال .

المعظم الكاسح من الأفلام اللبنانية التي أنتجت مباشرة بعد الحرب الأهلية اللبنانية تختلف كلّياً عن تلك التي كانت سائدة قبلها . ليس فقط في أن العديد من المخرجين اللبنانيين، مثل مي مصري وجان شمعون وغسان سلهب والثنائي جوانا حاجي توما وخليج جريج، كما فيليب عرقتنجي، طرحوا مسألة حرب السنوات الست عشرة وما تلاها على طاولة النقد والتقييم، بل أساساً لأن ما كان يُنتج في الستينات والسبعينات من أفلام لبنانية، بقيادة عدد من المخرجين النشطين من بينهم الراحلان محمد سلمان وسمير الغصيني اللذان أنجزا فيما بينهما أكثر من مئة فيلم في نحو عقدين ونصف العقد من الزمان، كان لا قيمة له سوى تنشيطه الحركة التجارية ذاتها .  وتلك الأفلام والإنتاجات المصرية والسورية التي حطّت في لبنان خلال تلك الفترة لبعض الوقت لإنجاز أعمال أغلبها “أكشن” وكوميدي .

الحال الآن مختلفة للغاية . السينما اللبنانية في التسعينات والعقد الأول من القرن الجديد حفلت بأغلبية من الأفلام ذات المكانة الفنية الجيدة والاهتمامات الاجتماعية الجادّة . إنها السينما التي لا تحتاج إلى أن تكون بديلة أو مختلفة عن السائد، لأنها السائد فعلاً .