2012/07/04

الغناء باللهجة الخليجية  مؤشر يكسر حواجز «الوحدة العربية»
الغناء باللهجة الخليجية مؤشر يكسر حواجز «الوحدة العربية»

5حواس - البيان لايزال غناء المطربين العرب باللهجة الخليجية يشكل جدلا مستمرا، واستعاد قوته مؤخرا بعد الاهتمام الكبير من الفنانين المصريين واللبنانيين بالأغنية الخليجية. وفي ظل الكساد الذي تشهده سوق الكاسيت في مصر، وإن كانت الآراء متباينة بين مؤيد ومعارض ومحايد أحيانا، وتجد أن المتخوفين من الظاهرة قد بالغوا بشكل كبير في تخوفاتهم، خصوصاً أن أغلب المطربين الذين تحدثوا في هذا التحقيق اعتبروا هذه التجربة مفيدة وتضيف لهم، كما أن الأمر لم يتعدَ تقديم أغنيات خليجية استجابة للجمهور الخليجي الكبير الذي يعشق أغانيه. فيما تجد المؤيدين للفكرة رأوا أن هذه الظاهرة تحكمها عوامل طارئة بعد كساد سوق الكاسيت واتجاه المطربين لدول الخليج من خلال شركات كبرى للإنتاج ساعدتهم في الاستمرار في توصيل أغنياتهم. واستثمرت في الوقت نفسه مواهبهم في تقديم أغنيات خليجية ليكونوا أكثر شمولاً وبين هذا وذاك تجد أن «المادة» كانت العامل الأساسي في حدة الخلاف حول الظاهرة. حيث يرى الطرف المعارض لاتجاه المصريين للأغنية الخليجية أن المادة قد تصرفهم نهائيا عن ميدانهم الأساسي، وينعكس ذلك سلبا على مستقبلهم في وطنهم، وكذلك أنهم مهما أجادوا فلن يتملكوا الإحساس المطلوب لتوصيل الأغنية الخليجية.أما الطرف الآخر المؤيد قد اعترف بأنهم يتقاضون مقابلاً ماديا، ولكنه لم ولن يكون الأساس لتعاملهم مع الأغنية الخليجية بل إن العامل الأهم هو إحساسهم بها وإدراكهم لمكامنها الجميلة والرائعة وعشقهم لها، ولم ينكروا أن مكاسبها أمر هامشي في مقابل الهدف الأساسي وهو عشقهم وحبهم للوطن الكبير. وحتى تبقى الأمور واضحة فإن ما يدور مؤشر جديد ربما يكسر كل الحواجز لتبادل الثقافات والتعامل معها في كل عالمنا العربي عبر الأغنية متخطية الجبال والبحار والحدود المصطنعة، وإذا كانت المادة هي قاعدة الانطلاق فلا حرج، طالما أنها ستقود في النهاية إلى هدف عجزت عن تحقيقه السياسة والاقتصاد. الموسيقار حلمي بكر واحد من الموسيقيين الذين استنكروا خلال فترات سابقة سعي المطرب المصري للأغنية الخليجية، وعندما فعل ذلك اعتبره البعض متضررا من هذا الوضع، باعتبار أن هذه الأغنيات تحتاج إلى شعراء وملحنين خليجيين، ولكنه طرق جانبا مهما من القضية، عندما أشار إلى أن مثل هذه التجربة لا تحقق للمطرب النجاح؛ لأن المطرب ينجح في وطنه أولاً من خلال ثقافته وإحساسه بتراثه وشعبه. وفيما رأى بكر أن الكل أصبح يبحث عن وسيلة تمكنه من الوجود بأي شكل، لفت إلى أن بعض الشركات الخليجية تفرض أحيانا شروطا على المطرب التي تنتج له أعماله مثل إصدار ألبومين مصري وآخر خليجي، أو يتضمن الألبوم أغنية خليجية في بادئ الأمر. ولم ينفِ بكر تميز الأغنية الخليجية من حيث الكلمة واللحن والأصوات ولكنه يقول بأنها تعبر عن ثقافة أخرى لا يستطيع أي مطرب مصري أو من دول غير خليجية أن يحقق فيها أي نجاح. بحثا عن المال فيما يصف الشاعر الغنائي عصام الشربينى هذا التوجه لمعظم المطربين هدفه الأول هو جني المال، مدللا على ذلك ببعض المطربين بدؤوا يطلبون خلال الفترة الأخيرة بعض الشعراء بكتابة أغنيات خليجية لهم، وكل الشعراء الذين حاولوا فشلوا. وقال إن الأغنية المصرية هي الأولى باعتبارها انتقلت من مصر إلى كل دول العالم من خلال وسائل عدة لم تكن تملكها أي دولة، بحرية، مثل السينما، حيث كانت السينما المصرية هي الوحيدة في الوطن العربي. إضافة إلى أن تسجيل الأسطوانات قديما كان أيضا في مصر، ويتوافد مطربو الدول العربية إلى مصر لتسجيل أغنياتهم، وذلك جعل لأي مطرب القدرة على أداء الأغنية المصرية في أي بلد عربي؛ لأنها مألوفة، وعندما تطورت الوسائل في الدول الخليجية بدأوا يقدمون ثقافتهم بشكل رائع في أجمل أغنيات من حيث الكلمة واللحن والأداء وأطربتنا جميعا. وأشار الشربينى: نحن نقدر هذا الفن، ولذلك عندما يتاجر البعض بالغناء الخليجي من أجل المال فهذا شيء مؤسف؛ لأن المطرب غير الخليجي مهما نجح في غناء أغنية خليجية تجد المستمع لها يشعر فورا بأن هذا المطرب يغني بإحساس مختلف لا يعبر عن مضمون الأغنية. إحساس مفقود وتأكيدا لكلام الشربينى يكشف الشاعر عوض بدوي أنه رفض بشدة طلبات كثيرة لمطربين مصريين لكتابة أغنيات خليجية لهم، مشيرا إلى أنه يستطيع أن يعبر من خلال لهجته وثقافته بشكل أفضل، ولكنه إذا حاول كتابة الأغنية الخليجية ستخرج بلا روح ولا إحساس ولن تصل للناس ولكن احتراما لنفسي وفني فضلت الاعتذار. وأوضح أنه حتى المطرب المصري أو اللبناني عندما يقدم أغنية خليجية يكون الإحساس بها لدى الخليجيين ناتجا عن اللحن والإيقاعات، ولكن مهما كان إتقان اللهجة فهي واضحة ولا تعبر عن إحساس الآخرين من الخليجيين ولكن الملحن عصام توفيق برر للمطربين المصريين مواقفهم في هذا الجانب، مؤكدا أن سوق الكاسيت كانت تشكل واقعا مهما للمطرب ماديا ومعنويا، وبعد أن أصبحت سوق الكاسيت لا معنى لها وأصابها الكساد بسبب السرقة والتقليد، بدأ المطرب يبحث عن وسائل أخرى عديدة لحل مشاكله خاصة المادية، ووجد ضالته في الغناء الخليجي . حيث يجد هناك كثيرا من الشركات الخليجية الكبرى توفر له مبالغ كبيرة لتقديم أغنيات أو ألبومات خليجية، وغير ذلك أن بعض المطربين أصبحوا يقدمون فقرات غنائية في دول أوروبية مثل باريس ولندن من خلال فنادق أغلب روادها من العرب، ويشترط أصحاب هذه الفنادق أن يكون الفنان خليجيا أو يقدم أغنيات خليجية إذا كان من بلد آخر. أشار توفيق أن كل هذه الوسائل شجعت بعض المطربين المصريين والمطربات على الاهتمام بالأغنية الخليجية، وقال أيضا إن هناك بعض المصريين قدموا الأغنية الخليجية بفهم أنها تشكل نوعا من الإضافة أو التجربة، والبعض الآخر قدمها بالمصادفة وهؤلاء لم يتكسبوا منها.