2012/07/04

الفنانات السوريات.. هل أنصفتهن النصوص الدرامية؟
الفنانات السوريات.. هل أنصفتهن النصوص الدرامية؟


تشرين


لطالما تميزت الدراما السورية بتعدد الأبطال في العمل الواحد، هذا ما منحها تفردها وأضفى عليها هذا التميز التي هي عليه، ومنذ بدايتها الدراما السورية كانت شديدة الحرص على تصوير المرأة بجميع صورها ولم تخلُ أبداً المسلسلات السورية من ذكر المرأة ومشاكلها وهمومها.

لكن هل كانت منصفةً لها بإعطاء الفنانة الأنثى أدوار البطولة المطلقة؟ أم كان للذكر الحصة الكبرى في أغلب الأعمال؟.

وهل من فناناتٍ ظلمن على حساب أخريات أم إن الجيل القديم من الفنانات كان لهن الفرص الأكبر ليسطرن أساميهن في بداية شارة المسلسل.. تشرين رصدت آراء العديد من مبدعي الدراما من كتّاب ومخرجين وممثلين لتتعدد وجهات النظر حول هذا الموضوع وتتنوع فلكلٍ رأيه ووجهة نظره..

الفنانة منى واصف

ربما تركز المسلسلات السورية اليوم على البطولة الجماعية وبأغلبها البطولة الذكورية لكن في بدايات الدراما لم تكن كذلك، فالدراما في سبعينيات القرن الماضي ركزت في كثير من أعمالها على منح البطولة المطلقة للمرأة، فأنا مثلاً كانت لي البطولة المطلقة في العديد من الأعمال منها «دليلة والزيبق»، «الخنساء»، «ارحل وحيداً»،

و«زمان الحب» وغيرها الكثير، لكن في الفترة التي تلتها احتل الرجل الصدارة في بطولة الأعمال الدرامية خاصةً في المسلسلات التاريخية وأعمال البيئة الدمشقية ، وبعدها بدأ الكتاب والمخرجون السوريون يوجهون أعمالهم باتجاه البطولة الجماعية وهذا ما ساهم برأيي الشخصي بتألق الدراما السورية.

وأنا شخصياً لا أرى أن المرأة الفنانة ظلمت في الدراما السورية بل على العكس أُنصفت فهي ظهرت بجميع أدوارها فكانت الأم والخالة والبنت والبطلة والكاتبة والملكة وغيرها على عكس غيرها من الدراما العربية، وبالنهاية لا نستطيع أن نقول إنها أُنصفت أم لم تُنصف بالمطلق لكن أؤكد أنه كان للمرأة دورها المميز بغض النظر عما إذا كانت بطلة العمل أم لا.

الكاتب سامر رضوان

الدراما السورية لم تغفل منذ بداية تأسيسها حالة وجود الأنثى البطلة في أعمالها فكلّنا يتذكر «الزّباء»، «شجرة الدر»، «الأميرة الشماء»، و«دليلة والزيبق».

هذا يعني من وجهة نظر بحثية أن كتّاب الدراما آنذاك انشغلوا في كتابة نصوص تظهر عظمة المرأة وفرادة أدواتها إلا أنني وبشكل شخصي لا أميل إلى الفرز العنصري الذي يقوم به بعض العاملين في النقد الصحفي بتقسيم البنية الدرامية وفق منطق الجنس أو منطق العمر، فما المعنى من الحديث عن كتابة أنثوية وكتابة ذكورية وما معنى الحديث عن بطولة رجالية وأنثوية ما دمنا نتلقى هذا العمل أو ذاك وفق فرادة إنجازه؟، فهذا الهوس يؤكده قمع أنثوي أو فحولة ذكرية ليس هناك من معنى على الإطلاق للدخول في هذه التفاصيل وأتساءل وإياكم عن الأسئلة الدرامية العالية الكامنة في هذا التبويب «أنثى وذكر» نحن أمام فضاء مكاني وزماني هو من يملي شروطه على الكاتب وبالتالي تسقط هذه الأسئلة المراهقة عند اكتمال حالة التلقي أي عند عرض العمل.

المخرج فراس دهني


الدراما السورية برأيي عملت خرقاً لما هو متعارف عليه في الدراما العربية حين منحت المرأة أدوار البطولة، فكانت لها البطولة في أعمال لا تعالج فقط موضوع المرأة ومشاكلها وإنما في أعمال تعالج مشاكل مجتمع بأكمله، ومن هنا أتت أهمية هذه الدراما وفرقها عن باقي النماذج العربية التي قدمت المرأة.

وأنا أعتبر أن هذه الخطوة التي قامت بها الدراما السورية هي ايجابية جداً وهي تنم عن ثقة كبيرة بالمرأة من جهة، ومن جهة أخرى فإن هذه الدراما لم تقدم المرأة من خلال مخرجات نساء فقط, ففي فترة ثمانينيات القرن الماضي وحتى التسعينيات كان هناك مفهوم سائد هو أنه «من يستطيع أن يتكلم عن المرأة فهو المرأة» لكن تلك الصورة اختلفت في السنوات العشر الأخيرة عندما استطاع مخرجون رجال تقديم نماذج متعددة بصدق كبير وبالتالي استطاعوا القول إنه «حتى الرجال يمكنهم تقديم المرأة بصورة مشرقة حقيقة»..

وأما عن الشق الآخر من السؤال فأنا أجد أن ما يميّز الدراما السورية هو البطولة الجماعية وعندما تفقد هذه الخاصية تكون الدراما قد خطت خطوة أساسية نحو تراجعها وبالتالي فنحن يجب علينا أن نحافظ على البطولة الجماعية فالمجتمع أبطاله كثيرون والعمل الدرامي لا بد أن يكون أبطاله كثيرين، وكلما حافظنا على البطولة الجماعية نكون قد حافظنا على خصوصية الدراما السورية.

لقد كان هناك نقاش وجدل في بداية العام 2010 حول هذا الموضوع، فالبطولة الفردية خُلقت بسبب الارتفاع الكبير لأسعار النجوم في سورية وكأننا بتنا نتجه نحو التجربة المصرية بهذا الخصوص، وكلنا يعرف أن هذا ما أفقد الدراما المصرية بريقها وهو موضوع «البطل الأوحد.. بطل شباك التذاكر».

وفي العام 2012 عادت الدراما المصرية لموضوع البطولة الجماعية لتقارب الدراما السورية بهذا الموضوع، أما عما إذا كان هناك من فئة تأخذ فرصاً على حساب فئة أخرى أقول إن هذا له علاقة بالكتّاب والمنتجين والمسوقين وخصوصية الأعمال ذلك حتى قبل الفنانين بحد ذاتهم فقبل أن نتكلم عن الفنانات لنتساءل: من هم أبطال النصوص المقدمة؟ هل اتجهت للجيل الجديد؟ أم تريد رصد مشاكل الجيل القديم وهمومه.. وهل هي تتحدث عن امرأة أم تروي قصصاً للرجال؟ وجواب هذا السؤال لا يستطيع الإجابة عليه سوى كتّاب السيناريو والأعمال الدرامية فالجواب أولاً وأخيراً يكون لديهم.

الفنانة صفاء سلطان


برأيي أن الدراما السورية تمتاز عن غيرها من الدراما العربية وخاصةً المصرية منها بالبطولة الجماعية وإذا نهجت غير هذا النهج أظنها ستبدأ بالتراجع، وإن كانت كل فنانة تريد أن تكون بطلة مطلقة في عمل نحتاج إذاً لمئات الأعمال وشركات الإنتاج، لكن من الجميل أن نجد العديد من أبطال الدراما السورية مجتمعين في عمل واحد فكثير من المسلسلات الدرامية سطّرت في شارتها أسماءً لنجوم من الصف الأول لا يقل أحدهم عن الآخر ولعل أعمالاً كهذه هي من لقيت نجاحاً كبيراً ومشاهدة عالية من الجمهور.

وحسب رأيي فإن الدراما السورية وفناناتها تسير بروية وكل من هو مبدع يأخذ فرصته في الوقت المناسب، فأغلب فناناتنا صعدن سلّم النجومية درجة تلو الأخرى وبدأن بشخصية عادية وبعدها اجتهدن ليؤدين شخصيات البطولة، وأما عن وجود فنانات أخذن فرصة أخريات فلا أتوقع والدليل وجود المنافسة الشريفة فيما بيننا كفنانات سوريات وعدم وجود أي خلاف شخصي كبير فيما بيننا، وأكبر دليل على ما أقوله هو مسلسل «بنات العيلة» الذي تخرجه رشا شربتجي ونصوّره حالياً ويضم الكثير من الأسماء المهمة والفنانات المتألقات من الصف الأول وجميعنا مستمتعون بالعمل وجو التصوير لطيف جداً فكل واحدة تخاف على عمل الأخرى وجو التعاون يخيم على موقع التصوير وهذا ما لمسته وشعرت به ورأيته بعيني.

الفنان سليم صبري

أنا لن أتحدث ما إذا كانت الدراما أنصفت المرأة بدور بطولة أم لم تنصفها, سأقول رأيي فيما إذا كانت الدراما قد أنصفت المرأة بتصويرها بالصورة الصحيحة أم لا..

باعتبار كل الناس وكل الأمم تعتقد بشيء أساسي هو أن المرأة هي نصف المجتمع فمن البدهي أن يكون منطق الإصلاح الاجتماعي الذي يكون في التلفزيون والصحافة والأدب والإعلام بصورة عامة مكرساً في أغلبيته لقضايا المرأة وهذا لا يعني المرأة كأنثى إنما المرأة التي تكوّن مبدئياً نصف المجتمع، لكن الحقيقة التي لا نستطيع الاعتراف بها هي أن المرأة هي الأساس في تكوين أغلب القضايا والمشاكل الاجتماعية في جميع المجتمعات العربية والأجنبية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

من هنا أقول إن الاهتمام بقضايا المرأة في الإعلام إنما هو اهتمام بقضايا مجتمع والتخصيص

بما يخص المرأة هو إقلال من قيمة وقدر وأهمية المرأة في المجتمع وكأنها منفصلة عن هذا المجتمع لذلك لا أستطيع أن أجيب على سؤالكم هذا فأنا لست مع فصل وجود المرأة في المجتمع فكيف الدراما, ولكن ما أراه هو أن الإعلام بشكل عام والدراما بشكل خاص لم تقلل من أهمية قضايا المرأة وإن كانت للوهلة الأولى لم تظهرها في الدراما بشكل مخصص إلا أنها في جميع القضايا التي صورتها كانت تحاكي المرأة ومشاكلها. وفي سياقٍ آخر أريد أن أنوّه إلى أن هناك بعضاً من الناس حسب منظورهم يطالبون بتخصيص أعمال يتحدثون فيها عن المرأة ويجعلونها البطلة كمسلسل «صبايا» لكنني أرجو العفو منكم سلفاً قبل أن أتحدث هو برأيي لا يعني من قريب ولا من بعيد الاهتمام بقضايا المرأة وليس بهذه الصورة نظهر المرأة، وأنا أعتقد أن الدراما لا تستطيع الاستغناء عن البحث في قضايا المرأة بصورة عامة ولكن بشكل غير مباشر وهذا متوافر في الكثير من أعمال الدراما لكن هو ما يحتاج وجود وعي وقدرة تصور عالية لدى كتاب السيناريو كي يستطيعوا تصوير المرأة بالصورة الصحيحة.

ثناء دبسي


من وجهة نظرها لم تنصف الدراما السورية المرأة فالأغلب إن لم تكن جميع الأعمال يدور محورها الأساسي عن الرجل وفي حال عرضت قضايا المرأة تعرضها وكأنها دمية تدور حياتها حول الرجل، وقالت:  «برأيي المرأة هي عدوة نفسها، فعندما تعتبر نفسها لعبة بين يدي الرجل فليس من عتب على كتاب الدراما وأنا أقصد هنا بعض النساء وليس الجميع طبعاً وخاصةً هذا الجيل الجديد، والمشكلة الأساسية تبدأ من النصوص المقدمة لأن كل من كتب عن المرأة لم ينصفها ويتحدث عنها بالشكل الصحيح وإنما كتبوا عن مشاكلها الظاهرية دون أن يهتموا بالعمق، متناسين أن المرأة هي نصف المجتمع، وأكرر أنني أحمّل المرأة المسؤولية في هذا فهي التي تطالب بالمساواة لكن تجدونها تقضي معظم وقتها تفكر.. كيف أجعله يحبني.. كيف أحافظ عليه..

كيف أبدو جميلة في نظره... وخاصةً الجيل الجديد الذي وللأسف يتصف أغلبه بضحالة التفكير، وفي حال فكرت إحدى الفنانات أو الكاتبات الإناث بكتابة عمل عن المرأة لتوصل فكرتها أو وجهة نظرها تُحارب وتُنتقد، ولا أريد أن أُفهم وكأن نظرتي سلبية لكن المشكلة أن مجتمعنا ككل متناقض بشكل كبير ومحزن وهذا ما انعكس على الدراما، ولكن رغم هذه السلبية هناك بعض الأعمال التي رسخت في ذاكرتنا صورة المرأة القوية والشجاعة كمسلسل «الأميرة الخضراء»، و«أسعد الوراق» وغيرها من أعمال أيام زمان وفي نهاية حديثي أؤكد أن المشكلة ليست «لمن يعطى دور البطولة للرجل أو المرأة» وإنما طريقة عرض الأعمال التي يجب أن توعي الناس لأهمية المرأة الناجحة ووجودها في المجتمع.

الكاتبة نور شيشكلي

هناك بعض الأعمال التي أعطت المرأة حقها ولكن هناك بالمقابل كثير منها كانت المرأة فيها مجرد شخصية مكمّلة للرجل وأخص بالذكر أعمال البيئة الشامية التي برأيي الشخصي أساءت للمرأة فقد صورتها للطبخ والعناية بالزوج وخدمته فقط دون أن يكون لها دور في المجتمع، ولكن لا أعرف حقاً ما سبب تخوّف الكتّاب بشكل عام من إعطاء المرأة حقها فهم دوماً يصوّرون الرجل هو البطل والمرأة هي سند له فحسب ليكون الفعل للرجل ورد الفعل للمرأة.

وأما عما إذا كانت بعض من الفنانات أخذن فرصة غيرهن فبرأيي الموضوع هو أن لدينا أزمة في جيل أو عمر معين من الفنانات فالجيل الوسط بين الجيل القديم أمثال الفنانة منى واصف وبين الجيل الجديد كخريجي المعهد العالي الجدد هم من ظلموا برأيي لأن الكبار أخذن فرصهن قديماً واليوم يؤدين دور الأمهات والجيل الجديد يمنح فرصاً جديدة متميزة. وفي سياق آخر فأنا ككاتبة لمسلسل «صبايا» انتقدت كثيراً على الطريقة التي قدمت فيها الفتاة السورية وكأنني اهتممت فقط بالمظهر أقول إن المرأة بشكل عام وفي مجتمعنا بشكل خاص لا تخرج من منزلها دون أن تهتم بأناقتها ولباسها ومكياجها وشكلها الخارجي، وعملي «صبايا» لم تكن مهمته البحث في قضايا المرأة ومشاكلها وحلها كالعنوسة مثلاً أو العنف ضد النساء وغيرها، وإنما كان عملاً لطيفاً يروي قصصاً يومية لصبايا كيف يعشن حياتهن العادية واهتماماتهن، وهذا نوع من الأعمال لا يتحمّل عرض مشاكل عميقة كأعمال البيئة مثلاً لأننا لا نستطيع أن نعرض من خلالها مشاكل وهموم مجتمع، أخيراً..  فأنا مع المقولة التي تؤكد أن الأنثى أقدر على تصوير المرأة وكتابتها ضمن عمل فني فالرجل برأيي عندما يكتب المرأة فهو لا يستطيع أن يعطي إحساسها بالشكل الصحيح.


الفنانة سلمى المصري

في الفترة ما قبل الأخيرة كانت معظم البطولات ذكورية الطابع وليس فقط في الأعمال التاريخية أو أعمال البيئة وإنما الأعمال بشكل عام حتى الاجتماعية منها، فالكتّاب الرجال في أغلب الأحيان يكتبون أعمالهم عن الرجل بدايةً وفي المرتبة الثانية تكون المرأة، وإن كان هناك إحساس بأن المرأة هي بطلة العمل تكون في الحقيقة عنصراً مكمّلاً للرجل إلا في بعض الأعمال التي تصوّر السيرة الذاتية كمسلسل «أسمهان»، «ليلى مراد»، «كليوباترا»

وغيرها تكون فيها البطولة المطلقة للمرأة صاحبة الرواية، وأنا أستغرب قلة الأعمال التي تتحدث عن النساء اللواتي تركن بصمة في التاريخ رغم غنى تاريخنا بكثير من الشاعرات والكاتبات والمجاهدات والنساء الفريدات، ولكن ومع تطور الدراما السورية بدأت تتجه باتجاه البطولة الجماعية مبتعدة عن فكرة البطل الواحد وهذا كان بداية حل تلك المشكلة.

وليس برأيي هناك فنانة ظلمت على حساب أخرى بل هي جيل على حساب آخر فما من كاتب اليوم مثلاً يكتب عملاً بطلاته نساء أربعينيات مثلاً لأن الكتّاب يبحثون دوماً عن الجيل الجديد ومشاكله المعاصرة أو عن أعمال تاريخية وشخصيات محددة.


الفنانة ديمة الجندي

أنا برأيي الدراما السورية أنصفت المرأة بل ووزعت فرصاً حقيقية وربما من قبل كانت سائدة فكرة البطل الواحد بينما اليوم باتت الدراما السورية متميزة بكونها تعتمد على مجموعة من النجوم يجتمعون في بطولة عمل واحد أي ما يسمى «البطولة الجماعية» وكثير من هذه الأعمال اعتمدت على الفنانات في أداء أدوار البطولة وهذا دليل على ثقة الدراما بالمرأة بأنها قاردة أن تنجح عملاً كاملاً دون وجود أسماء فنانين كبار في العمل كتجربة مسلسل «صبايا» مثلاً فنحن استطعنا أن نقدم عملاً من بطولة نسائية مطلقة دون حاجتنا لأبطال رجال.

وبعودتنا لموضوع البطولة الجماعية نجد أن الدراما السورية وزّعت الكثير من الفرص المتميزة للجميع ولجميع الأعمار بدءاً من خريجي المعهد الشباب وصولاً إلى الفنانين القدامى المخضرمين, ففي المسلسل السوري نجد الطفل والشاب والرجل والعجوز، لكن ربما هناك بعض الفنانات ظلمن قليلاً في إحدى المراحل العمرية وهذا طبيعي برأيي، ولكن المشكلة تكمن عندما يستثمر بعض المخرجين أو شركات الإنتاج نجاح إحداهن على حساب الأخريات فيقحمونها في عدة أعمال بشخصيات متقاربة وبالتالي هي تأخذ فرصة غيرها دون أن تعلم وهنا نكون لم نستفد شيئاً من ايجابيات البطولة الجماعية فالقصة تعتمد منذ البداية على كتّاب النصوص والمخرجين وشركات الإنتاج قبل أن تكون هي مشكلة الفنان الممثل.

المخرج هشام شربتجي

موضوع إنصاف المرأة في الدراما يرتبط بداية بالمصادر الممولة للدراما أي «من يهتم بالمرأة من الممولين» فنحن ليس لدينا خطط انتاجية باستثناء بعض الانتاجات السورية التي كان الهدف منها طرح مشاكل المجتمع ومحاولة حلها، في حين كان أغلب رأس المال لهذه الدراما هو الممول الخليجي أو السعودي والمرأة بنظر هؤلاء هي على هامش المجتمع، هذا أولاً أما ثانياً فنحن نعيش في مجتمع ذكوري لا نستطيع انكار هذه الحقيقة رغم تسرب بعض الكاتبات المبدعات ومحاولتهن طرح بعض الأعمال الدرامية عن المرأة إلا أنهن ومع الأسف لم يصوروها المحور بقدر ما كانت هي المحرّك.. وأنا كنت من المتفائلين بأن تكتب المرأة أعمالاً تصوّر المرأة بشكل أفضل لكن من خلال خبرتي البسيطة لاحظت أن الرجل كان أقدر على تصوير المرأة من المرأة ذاتها.

وأنا شخصياً أجد أن الدراما لم تنصف المرأة على الإطلاق ودليلي حصلت عليه من تجربتي الشخصية عندما وصلني نص من أجمل النصوص يتحدث عن حياة مجموعة من النساء اللواتي يقطنّ في دار للمسنين يستذكرن حياتهن ويسترجعن ذكرياتهن وهو نص أكثر من رائع لكن مع الأسف لم أستطع أنا ولا حتى الدراما السورية أن ننفذ نصاً كهذا وذلك بسبب قلة الفنانات من هذا الجيل فهو يضم ببطولته 10 نساء وإن حاولنا تقسيم الأدوار واختيار الشخصيات نستطيع تسمية وترشيح أربعة أسماء لتتناقص فيما بعد قدرتنا على الاستمرار وفي ظل فوضى الإنتاج سيكون من الصعب جداً جمع هذه الأسماء في عمل واحد ببطولة متساوية للجميع.

ولعلّ ظروف مجتمعنا حالت دون منح المرأة الفرص التي منحت للرجل وأكبر مثال على ذلك هو أن الشخصية الأنثوية التي كانت الأشهر في بدايات الدراما وهي «أم كامل» أدّاها رجل... وربما كانت بعض الأعمال التاريخية أو القديمة تصوّر المرأة هي البطلة لكنها لم تكن شكلاً فنياً معتمداً وهذا لا ينطبق على الدراما السورية فحسب، بل وحتى في الدراما العالمية فالأعمال المتوجهة للنساء هي قليلة جداً ونجد أن الناجحة منها تركت بصمة كبيرة في العالم والسبب هو أن المرأة هي الكون..

تعددت الآراء والسبب واحد.. فربما تقع المسؤولية بأغلبيتها على كتّاب الدراما وكيف ينظرون إلى المرأة بمخيلتهم بداية ومن ثم كيف يصوّرونها في أعمالهم... ولكن لا يمكننا أخيراً إلا أن نرى أن الدراما السورية وعلى الرغم من بعض سلبياتها قد بدأت متميزة ومتفردة.. نضجت وتألقت لتغدو اليوم الأشهر بين أخواتها من الدراما العربية وأثبتت أنها الأكثر طلباً ومتابعة.