2012/07/04

الفيلم السوري بوابة الجنة.. هل هي نعوة لسينما القطاع العام؟!!
الفيلم السوري بوابة الجنة.. هل هي نعوة لسينما القطاع العام؟!!

وسام كنعان

كان لابد من حضور للفيلم السوري في مهرجان دمشق السينمائي، أي حضور يكن،  حتى ولو استعرنا نسخة من فيلم أنتجته واحدة من جاراتنا لنكتب عليه -صنع في سوريا- أو  دعونا نسلم راية السينما السورية لأفلام هي  أحدث ما أنتجته المؤسسة العامة للسينما من أمثال: دمشق يا بسمة الحزن، وسبع دقائق نحو منتصف الليل، وبوابة الجنة، الفيلم الأخير أنتج هذه السنة ليعرض في مهرجان دمشق السينمائي السابع عشر، وهو ما حصل أول من أمس. لكن قبل الدخول للحديث عن مستوى الفيلم، وطريقة التعاطي مع الفكرة المكتوبة، لا بد أن ننتبه للطريقة التي تعامل بها صناع الفيلم مع ما أنجزوه، إذ ظهرت عليهم  بوادر النشوة، والارتياح للمنجز الهائل والثري! فأبدا (ماهر كدو) مخرج الفيلم نوعاً من المراهنة والتحدي قبل عرض الشريط عندما قال: السيرة الذاتية لا تعني شيئاً بالنسبة للمبدع أو صاحب العمل الفني. المهم هو أن يوصل العمل رسالته، وهو ما سنشاهده في الشريط. الكلام  لكدو بدا بغاية الدقة، لكن لم ينطبق لا بشكل ولا بآخر، على ما رأيناه في الشريط الذي يحكي عن عائلة فلسطينية تعيش في الضفة الغربية أيام الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1989 وقد اختار الأب (تيسير إدريس) أن يبتعد بإقامته عن صخب الاحتلال بمقر إقامة العائلة المتطرف. هكذا تدور أحداث قصة العائلة الفلسطينية وابنتها الدكتورة التي تجسد شخصيتها (ندين سلامة) لتنقل لنا جزء مما يحصل في فلسطين، بنوع من الاختلاف على صعيد الطرح للظرف المادي المريح الذي تعيشه هذه العائلة فيما ظلت فكرة الفيلم تتمحور حول الطبيبة التي تعود  من مقر إقامتها في الغرب فتواجهها رغبات الاحتلال بأن تعطي معلومات عن بعض زملائها في الخارج، لكن وطنية الفتاة تمنعها من البوح بجملة واحدة، خاصة أنها ترتبط بقصة حب مع أحد زملائها الفلسطينيين الذي يحضر لرسالة ماجستير في هندسة السكة الحديد، الاختصاص الذي يثير الدهشة لدى كل من يسمع به، وأحدهم (عمار شلق) الشاب الذي يلجأ إلى سور منزل العائلة مبللا بدماء تسيل من جرحه، هنا تسعفه الطبيبة بمساعدة أختها فيما يرضخ الأب المهادن لإصرار عائلته فيذهب إلى المشفى، ويحصل من  طبيب هو زميل لابنته على مستلزمات العملية التي تجريها الطبيبة وتنقذ حياة الغريب، في الوقت الذي يستشهد فيه شقيقها علاء الدين، الاسم الذي يتخذ منه شلق اسماً له، في رغبة منه بأن يحمل اسم أكثر من تحبه طبيبته، التي سرعان ما يجمعها معه قصة حب تنتهي باجتياح الاحتلال للمنزل فتقتل من تقتل وتسوق (شلق) إلى السجن ليلقى حتفه، بعد أن يفجر الاحتلال المنزل فيختار الأب أن ينزع العلم الفلسطيني من أحد أطفال الحجارة ليزرعه على خيمته، وفي نهاية الفيلم يجتمع الفلسطينيون الشهداء أبطال القصة في -مخيمات الجنة- بملابسهم البيضاء، حسب رؤية إخراجية بدت وكأنها تستخف بالمتلقي بشكل مبالغ فيه، فحتى مخيلة الأطفال لا يمكن لها أن تقبل  بنهاية كرتونية مثل التي حصلت مع بوابة الجنة، ذلك بغض النظر عن أخطاء (الراكور) التي ازدحم بها الشريط، فإنه من غير المبرر أن نتابع إطلالة لفتاة في نهاية ثمانينيات القرن الماضي فترة أحداث القصة بشكل لا يميزها عن فتاة العام الحالي من حيث إطلالتها وأزيائها المودرن، التي اختيرت للممثلة ندين سلامة بعناية فائقة ضمن شرط ألا تتناسب هذه الأزياء مع زمن الحدث.  طبعا كان لا بد للمخرج أن يذكرنا بأننا نشاهد سينما من خلال بعض المشاهد التي تظهر فيها بطلات الفيلم بثياب النوم بشكل مقحم لا غاية منه، فيما كان لبعض الحوارات الممطوطة والمطولة بين شخصيات الفيلم رصيداً جيداً لبث الملل في صالة العرض، وتحقيق العنصر المساعد على رحيل جزء لا بأس به من الحضور قبل نهاية الشريط بزمن طويل .

إذاً استطاع ماهر كدو من خلال فيلم بوابة الجنة أن يزيد من بؤس واقع السينما السورية بؤساً، خاصة  أنه أنتج تحت راية المؤسسة العامة للسينما.

فيما ظلت الحيرة تخيم على بعض المتلقين الذين لم يسمعوا أثناء تقديم الفيلم باسم (عمار شلق) الممثل الذي جسد شخصية شاب فلسطيني تفلت منه بعض كلمات باللهجة اللبنانية كونها لهجة الممثل الأصلية فيما ترحم الجمهور على الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش خاصة أن ندين سلامة قد أهدته نجاح الفيلم قبل أن يشاهده أحد .

ربما صرنا نحتاج لإعادة النظر بكل تفصيل فني نريد أن نحمّله للقضية الفلسطينية، كي لا نتحول بأعمالنا لمثال صائب لما قاله أحد المخرجين السوريين: أحياناً نصبح أسوأ محامين يدافعون عن أكثر قضايا الدنيا عدالة.