2012/07/04

القضية الفلسطينية في الدراما: خارج حسابات الفضائيات العربية
القضية الفلسطينية في الدراما: خارج حسابات الفضائيات العربية


ماهر منصور – السفير

لم تقدم دراما - فلسطين بعد، ولم تكتب أصلاً بالشكل المطلوب، هذا التقصير الدرامي يقاس بحجم ما رفع من شعارات عن فلسطين بوصفها قضية العرب الأولى، وما قدم فعلياً عن هذه القضية. ونستنتج أن تلك القضية لم تكن سوى بند على حسابات "البزنس" العربية، وخارج هذه الحسابات، دراما - فلسطين ليست سوى إنتاج "كاسد" لا يريده أحد، ومنتجوها كمن يرمون أموالهم في البحر.

وتعتبر سوريا في مقدمة المنتجين عربيا للأعمال الفنية التي تتناول القضية الفلسطينية، من حيث الكم السينمائي والتلفزيوني، وعلى صعيد المضمون والجودة أيضاً. لكن أي نجاحات في تقديم هذه الدراما لم تكن كافية لتدخل في سياق المنافسة العربية، رغم أن قضايا أخرى، ذات مستوى أقل فكرياً ودراميا، صارت موضوع تنافس درامي عربي حقيقي، كان آخرها دبلجة الدراما التركية؟!

هكذا كان نجاح دبلجة الدراما التركية باللهجة السورية المحلية البيضاء، واكتساحها الفضائيات العربية بشكل غير مسبوق سبباً لاندفاع العرب نحو دبلجة هذه الدراما، كل بلهجته، فتمت دبلجتها باللهجات المصرية، واللبنانية، والعراقية.. وربما تتدبلج في الأيام المقبلة باللهجة الخليجية التي قامت بدبلجة الدراما الهندية. وإن كان ذلك كله مأخوذاً بالنجاح الذي حققه السوريون بداية في الدراما التركية المدبلجة، فلماذا لم يأخذ الآخرون بالنجاح الشعبي الذي حققه مسلسل "التغريبة الفلسطينية"، أو بالتقدير العالمي" الذي حققته دراما "الاجتياح" بنيلها جائزة "إيمي" العالمية، وذلك عبر الإقدام على إنتاج أعمال تعنى بالقضية الفلسطينية؟!

لماذا شهدنا صراعاً بين الدراما السورية والمصرية على إنتاج المسلسلات التاريخية، وشهدنا صراعا مماثلاً على تقديم الدراما البدوية؟ وحتى على حكايات حارات مناطق السكن العشوائي؟ فيما لم ترق القضية الفلسطينية وحدها لتكون مادة للتنافس الدرامي العربي؟!

لعل عدد الفضائيات العربية الذي وصل مع نهاية العام 2011 إلى أكثر من 733 قناة فضائية، وفق تقارير رسمية، يؤكد سبب عزوف المنتجين عن إنتاج الدراما الخاصة بالقضية الفلسطينية، وهو أن ثمة رغبة سياسية بألا تقارب القضية درامياً، خصوصا إذا علمنا حجم وفرة الحصة الحكومية من الفضائيات العربية، أو حصتها بالتشغيل على الأقل، الأمر الذي يسقط مقولة أن لا ملاءة إعلانية من الممكن أن تغطي تكاليف شراء الفضائيات العربية لمسلسلات القضية الفلسطينية، لا سيما أنه يفترض بالقطاعات الحكومية تضع حسابات الربح والخسارة جانباً لصالح رسائلها الفكرية والوطنية.

وفيما بلغ عدد القنوات الفضائية الإخبارية حتى نهاية العام 2011 حوالى 377 قناة، فذلك يؤكد أن المشاهد يتلقى كماً إخبارياً كبيراً عن فلسطين. وبالتالي فلديه قابلية بمشاهدة دراما تشرح له ما يستعصي عليه فهمه في لعبة السياسيين.

إذاً لا مشكلة تتعلق بالمضمون كمادة درامية، لإنتاج دراما - فلسطين، ولا مشكلة تتعلق بحسابات الربح أو الخسارة أو حتى بالعرض، لكن الفضائيات العربية تدير ظهرها دائما لهذا النوع من الدراما.. الأمر الذي يترك إشارة استفهام كبيرة!