2013/05/29

اللهجات في العمل الدرامي .. بين التسويق والتوظيف !..
اللهجات في العمل الدرامي .. بين التسويق والتوظيف !..


سلوان حاتم – الثورة

يخطئ كثيراً من يعتقد أن الدراما السورية قدمت مجرد تنوع أو إضافة جديدة عندما استخدمت اللهجات المحلية الشائعة في سورية ووظفتها في أعمال فنية درامية حظيت من خلالها بعلامات الإطراء, ويخطئ أيضاً من يظن أن هذه المسلسلات كانت سبباً في تقريب وإدراج بعض اللهجات المحلية

التي كانت ولفترة قريبة غير معروفة خارج النطاق السوري بل ساعدت على انتشارها فقط, لأن الدراما السورية قصدت المجتمع السوري (وأحياناً كثيرة المجتمع العربي أيضاً) عندما تحدثت بلسان أي لهجة لأن ما ينطبق على أبناء أي منطقة ينطبق على الجميع أينما كانوا .‏

أعمال البيئة الشامية أو أعمال اللهجة الشامية والتي تحدثت عن فترة تعود في كل مرة إلى زمن الاستعمار الفرنسي أو الاحتلال العثماني لم تكن تعني دمشق فقط أو منطقة دمشقية معينة لأنها كانت تمثل حقبة عاشها السوريون جميعاً مع الاختلاف في طريقة العيش ضمن مجتمع الحارة أو المنطقة ولكن الترميز كان يقصد به سورية جميعاً سهلا وجبلا وساحلا وصحراء لأن الجميع شارك في مواجهة المستعمر والمحتل وباختلاف الطريقة ولكن كانت اللهجة الشامية أسهل في التعريف بتاريخ السوريين وكونها معروفة ومرغوبة عربياً نتيجة سلاستها.‏

في فترة من الفترات برزت أعمال اللهجة الحلبية وقدمت أعمال ناجحة ، ولكنها تراجعت مؤخراً ، كذلك قدمت أعمال كثيرة عن المجتمع البدوي السوري أو البدوي العربي بشكل عام ، وهنا استطاع السوريون توظيف بعض العناصر الدرامية غير السورية من بعض البلاد العربية كما فعلت بعض الدرامات العربية البدوية حينما استعانت بالدراميين السوريين ولن نطيل في الحديث عن اللهجة البدوية لأنها ليست حكراً على سورية بل تشترك مع الكثير من الدراما العربية التي تتحدث عن القبائل المتنقلة ، بينما اللهجة الحمصية ظهرت في بعض الأعمال القليلة ولم يعرج كثيراً عليها .‏

ليست الكتابة بلهجة المدينة الأم او المنطقة تقتصر على منطقة محددة لأن من كتب (ضيعة ضايعة) كتب مسلسل (الخربة) أي أن اللهجة لا علاقة لها بالنص أو المنطقة ولو أن ابن المنطقة هو الأقدر على أداء اللهجة أو حتى كتابتها وكتابة النصوص حولها ، وهنا لابد أن نشير إلى أن الكثير من الفنانين سواء الذين شاركوا في اللهجة الشامية أو الحلبية او الساحلية والجبلية ليسوا بالضرورة من أبناء المنطقة وهنا تبرز قدرات الفنان السوري المميز الذي يستطيع لعب أي دور مهما كانت اللغة أو اللهجة تصعب عليه.‏

وبالعودة إلى لهجة العملين الكوميديين (ضيعة ضايعة) و (الخربة) فقد قدما لهجة المنطقة الجنوبية والساحلية باقتدار ولكن ما ينطبق على ما قلناه عن اللهجة الشامية يشبه ما نريد قوله عن هذين العملين، فالمقصود لم يكن فقط أبناء المنطقة المحددة , ويخطئ من يظن أن العملين قدما تفاصيل عيش أبناء تلك المناطق فقط بل هي تتحدث عن مجتمع البسطاء بشكل عام والكوميديا كونها العنصر الاكثر قرباً من المتابع كانت سبباً في نشر وانتشار اللهجة فمثلا لو بدلنا لهجة مسلسل الخربة بلهجة مسلسل ضيعة ضايعة أو أي مسلسل حلبي أو شامي فهل كنا سنقول عندها ان هذا المسلسل يتكلم عن المنطقة الفلانية فقط..؟ بالتأكيد الترميز الدرامي الذي استخدم من خلال اللهجة كان لابد من توظيف البيئة المناسبة فمن غير المعقول أن تتحدث مثلا بلهجة شامية وتصور أن المجتمع يعيش في الجبال أو على البحر بل سيكون المحور المكاني للعمل داخل بيوت شامية عريقة ومعروفة بتفاصيلها وكذلك عندما ستتحدث بلهجة ساحلية أو لهجة (السويداء) سيكون المكان المناسب هو الساحل والجبل وكون العملين كوميديين استخدم المخرج خلالهما مبالغة المكان حتى يتخيل المتابع ويرسم صورة عن المكان وبالتالي نجح في تحقيق الشيء المنشود وهو انتشار وشعبية العملين .‏

المشاهد ربما بسبب التسويق الذي كان يشير إلى مجتمع معين نسج في خياله أن بنية هذا المجتمع هي هكذا ، مثل مجتمع باب الحارة او ضيعة ضايعة أو الخربة أو خان الحرير ووادي السايح .. وبالتالي رسم الصورة المسبقة أو أنه أحب هذه الصورة عن هذا المجتمع أو ذاك ، وهنا أصبح الخيار بيد القائمين على الدراما السورية ، وهي فرصة لتقديم المزيد من اللهجات المحلية والخروج من الإطار الذي رسم لبعض المجتمعات . فهل سيبصم الدراميون بصمة ناجحة في توظيف اللهجات على مختلف المواضيع ؟ ام أن القسمة الدرامية تمت وانتهت على ان اختصاص اللهجة الفلانية هو الكوميديا والأخرى اختصاصها زمن الاحتلال أو مجتمع السوق ..؟.‏