2012/07/04

الليث حجو في تجربته السينمائية الأولى «نوافذ الروح»: غياب التأثير السينمائي سبب نشاط الدراما التلفزيونية السورية
الليث حجو في تجربته السينمائية الأولى «نوافذ الروح»: غياب التأثير السينمائي سبب نشاط الدراما التلفزيونية السورية


لبنى شاكر - تشرين

في رحلة عبر الزمن تنتقل كاميرا المخرجين عمار العاني والليث حجو في فيلم (نوافذ الروح) للكاتب عمر أبو سعدة بحثاً عن سيرة حضارة تعود للألف السابع قبل الميلاد

.

تبدأ الرحلة من موقع أوغاريت رأس شمرا على شاطئ اللاذقية برفقة الفنان جمال سليمان الذي يجسد شخصية الراوي، ويحكي رحلة إنسان يبحث عن تاريخه، وحضارته فينتقل من ضفاف الفرات إلى شواطئ البحر، ومتاحف دمشق وإدلب واللاذقية، مروراً بأسواق تدمر القديمة والمدافن التدمرية، منها إلى دير معلولا وسمعان العامودي، وصولاً إلى أسواق حلب ودمشق والجامع الأموي.

الفيلم من إنتاج المؤسسة العامة للسينما بالتعاون مع المديرية العامة للآثار والمتاحف ومؤسسة جذور، وتم عرضه عبر شاشات عرض سينمائية كبيرة انتشرت في الشوارع العامة في دمشق وحلب، ليعرض لاحقاً في صالات السينما.

عنوان الفيلم (نوافذ الروح) كان اقتراحاً قدمه الكاتب أبو سعدة، وهو يعني تاريخياً العيون الكبيرة التي كانت تخرج منها الأرواح، لذلك كانت تصنع عيوناً كبيرة للتماثيل لتسهيل عملية رجوع الأرواح إليها من جديد. وهذا ينطبق على الفيلم، إذ كانت الغاية الأولى منه إعادة الروح للتاريخ السوري برؤية حداثية معاصرة كما يبين المخرج الليث حجو في حديثه لتشرين، مؤكداً أن (الشراكة بين المؤسسة العامة للسينما وجهات أخرى خطوة إيجابية، من شأنها أن تخفف العبء عن الطرفين، فالمؤسسة ذات خبرة بهذه الصناعة إدارياً وفنياً، بالمقابل القطاع الخاص سيبحث عن أسباب ربحه مادياً ومعنوياً، هذا البحث من شأنه أن يضبط إيقاع العمل، ولن يكون مجرد فرصة تمويل أو دعم حكومي لإنتاج فيلم ما، وهي شراكة مهمة في هذا الوقت لإعادة الثقة للمنتج الخاص ليفكر لاحقاً بإنجاز عمل لوحده). ‏

لكن ورغم أهمية هذه الخطوة إلا أن الإقبال على الإنتاج السينمائي مازال ضعيفاً؟ يقول حجو: (لا يحق لي أن أقوم الحالة السينمائية من خلال فيلم واحد، لكن أعتقد أن المشكلة بعنوان عريض هي دائرة متكاملة قد ترتبط بالإنتاج أو بنوعية الجمهور أو الحضور، لكن حقيقةً السينما ثقافة مجتمع غابت لمدة طويلة عن الجمهور السوري، ولا يمكن إحياؤها في وقت قصير، وإذا أردنا البحث في غيابها سندخل في قضايا أكبر منها (أسباب اهتمام الجمهور أو عدم اهتمامه، نوع السينما التي يفضلها، هل وجد البديل في التلفزيون ونوعية الدراما، وربما في مراحل لاحقة سيحل الانترنت محل التلفزيون). لا أعتقد أنه إذا كان هناك فيلم جيد سيلاقي فوراً هذا الحضور، وسيحصد الأرباح. لكن هذا لا يعني أن نصف السينما السورية عامةً بشكل سيئ، هناك أفلام مهمة ونخبوية لمخرجين كبار حققت معادلة الحضور الجماهيري، وقد نال بعضها جوائز عالمية، كالأفلام التي قدمها عبد اللطيف عبد الحميد، ونبيل المالح وغيرهم). ‏


وكيف يمكن تحقيق المعادلة بين ما يعرف بسينما النخبة والحضور الجماهيري؟ ‏

يجيب حجو: (ليس من حقنا أن نطالب المخرج صاحب المشروع الثقافي بالتخلي عن مشروعه لصالح الجماهيرية لكن في الوقت نفسه يجب أن تكون هناك أفلام جماهيرية. سابقاً كانت هناك أفلام جماهيرية حتى ان الجمهور اليوم قد يعتبرها سطحية أو تعتمد على الإغراء أو على وسائل تسمى اليوم مبتذلة، لكنها كانت تراعي الحضور الجماهيري، حيث كانت تذهب الأسرة كلها لحضور فيلم، وهذا اليوم لم يعد موجوداً إلا فيما ندر). ‏


برأيك كيف يمكن تفسير نشاط الدراما التلفزيونية السورية وغياب التأثير السينمائي بالمقابل؟

(أحد أسباب نشاط الدراما التلفزيونية هو غياب التأثير السينمائي، المعهد يخرج ممثلين وفنيين ومخرجين وغيرهم، والذين كان يمكن أن يعملوا لو كان هناك مزيد من الفرص سينمائياً، لذلك اضطروا أن يتجهوا للتلفزيون، بالتالي كل هذه الإمكانيات عملت للتلفزيون. ولو وُجدت الفرص لأمكن استغلال هذه الطاقات لصناعة سينما سورية، وهذا له شروط أكبر من مجرد جمهور سوري، لا السينما ولا التلفزيون قادران ذاتياً على أن يمولا ذاتهما من خلال الجمهور السوري فقط، وهذا لا يؤسس لصناعة سينمائية).

ويرى حجو أن الدراما التلفزيونية اليوم لم تكن لولا وجود مخرجين عملوا بالسينما، وامتلكوا خبرات وطاقات مهمة جداً، مؤكداً أيضا أن ما حققته الدراما لا يرتبط بجهد من عملوا بها بل بنتيجة انتشار المادة التلفزيونية بشكل أكبر (التلفزيون مادة استهلاكية سريعة، قدمت خيارات سهلة للمشاهد، والسؤال لو كانت الأعمال التلفزيونية المقدمة أفلاماً هل كان الجمهور ليذهب ويحضرها في السينما؟؟؟ إذاً الفرق يتعلق بآلية التقديم، وهنا يمكننا أن نقارن بين من قدموا سينما ومن قدموا تلفزيوناً).


ماذا عن دور مهرجان دمشق السينمائي كمحاولة لتنشيط ثقافة السينما عند الجمهور؟ ‏

(للمهرجان دور مهم لا شك لكن هذا يتعلق أيضا بنوعية الأفلام التي ستقدم، يجب أن تكون هناك أفلام من إنتاجنا تستحق العرض في المهرجان، لا يكفي أن نكون أصحاب المهرجان لنستحق الجوائز، من الأهمية بمكان أن تــكـــون لدينا أفلام قادرة على المنافسة وحينها لن يكون مهماً إذا كان المهرجان عندنا أو في مكان آخر. المشكلة التي بتنا نراها في السنوات الأخيرة أن السينما تحاول أن تستقطب جمهورها عبر نجوم التلفزيون، وهذا ليس إدانة للتلفزيون لكن كيف يمكن إنشاء ثقافة سينما تعتمد على نجوم الكليب أو التلفزيون، هل هو طعم للجمهور ليأتي ويحضر؟، هذا لا يمكن أن نعتبره جمهور سينما).

بالعودة إلى (نوافذ الروح) ما الذي يمكن قوله عن هذه التجربة السينمائية الأولى بالنسبة لك؟

(الفيلم أضاف لي الكثير، فهي المرة الأولى التي أشتغل فيها على مستوى السينما في الفيلم الوثائقي أو التسجيلي، المادة المقدمة أخذت وقتا طويلاً في البحث، وقدمت لي الكثير من المعلومات. إضافة إلى شراكتي مع الكاتب عمر أبو سعدة، والمخرج عمار العاني، وشركة الآرت ويرد التي تستحق لقب عالمية بجدارة لاهتمامها بالتفاصيل. أنا بعيد عن هذا النوع من العمل، بالمقابل الشركة أنتجت العديد من الأفلام الدعائية، في الفيلم اجتمعت هذه الخبرات لإنتاج نوع جديد بالنسبة لكلينا، وهي شراكة مفيدة بالنسبة لي على المستوى الفني والثقافي والتقني). ‏

ومع أنها الخطوة الأولى سينمائيا للمخرج حجو إلا أن الفكرة كانت موجودة قبل الفيلم ومازالت بانتظار نص مناسب يسعى لتحقيق معادلة الجماهيرية (لأن رهاني الأول والأخير على الجمهور من دون الابتعاد عن المستوى الثقافي والفكري لما تستحقه السينما، وربما أعمل لأوجد هذا النص. حالياً ليست لدي القدرة لأكتب نصاً للسينما، طلبت سابقاً من الصديقين الأستاذين نجيب نصير وحسن سامي يوسف نصاً للسينما. وأتمنى أن أجد فرصة مناسبة لتقديم فيلم جيد). ‏

لا يدّعي حجو أنه صاحب مشروع خاص سينمائياً لكنه يطمح لتقديم فيلم كوميدي جماهيري لاسيما أن السينما السورية قدمت في هذا المجال أفلاماً حازت نجاحاً كبيراً ونافست على مستوى الوطن العربي كالأفلام التي قدمها الأستاذ دريد لحام، وما أُنجز نتيجة التعاون بين سورية ومصر، يومها كان هناك مشروع سينمائي حقيقي حقق ذاته في ظروف أكثر صعوبة من الوقت الحالي. ‏