2013/05/29

المخرج التونسى شوقى الماجرى: دول عربية رفضت تمويل «مملكة النمل» لأن القضية الفلسطينية «ثقيلة» على قلوبهم
المخرج التونسى شوقى الماجرى: دول عربية رفضت تمويل «مملكة النمل» لأن القضية الفلسطينية «ثقيلة» على قلوبهم


منة عصام – الشروق

اختار المخرج التونسى شوقى الماجرى أن تكون بدايته السينمائية بعيدا عن هموم وقضايا مسقط رأسه ليتجه إلى القضية الفلسطينية حتى أطلق عليه «مخرج القضايا الفلسطينية» بعد عدد من الأعمال الناجحة وخاصة مسلسل «اجتياح» الحاصل على جائزة الإيمى أوورد العالمية.

ثم جاء فيلمه «مملكة النمل»، الذى شارك فى مهرجان القاهرة السينمائى الأخير، لينقل صورة الفلسطينى الذى يتخذ من الأنفاق بيتا وسكنا له وبداية لقصة حب ثم زواج وإنجاب ذرية تحفظ العرق الفلسطينى.

ويبدو أن قصة الفيلم، كما أنها تعكس واقعا مؤلما لأبطاله، فإن خروج العمل إلى النور سبقه معاناة طويلة يتحدث عنها مخرجه فى الحوار التالى.

•7 سنوات من التحضير حتى خرج «مملكة النمل» إلى النور.. ألا تراها مدة طويلة؟

ــ التصوير استغرق مثل أى فيلم طبيعى نحو 3 شهور، والمشكلة كانت فى إيجاد تمويل مناسب، وما كان يدعو للاستغراب حقا، أننى كنت اعتقد أن القصة طالما تتحدث عن فلسطين والقضية الفلسطينية فكان من السهل إيجاد تمويل ولكنى اكتشفت عكس ذلك تماما، هناك بعض الجهات التى عرقلت خروج الفيلم للنور ولم تكن متشجعة لإنتاجه، وكان هذا محبطا للغاية، وبالرغم من ذلك كنت مؤمنا بالفيلم وتمسكت به، ومعى صديقى المنتج الرئيسى نجيب عياد الذى آمن به أيضا. والحمد لله خلال هذه الفترة قدمت أعمالا أخرى مثل مسلسل «الاجتياح» عن القضية الفلسطينية ومسلسل «أسمهان».

• ما الجهات التى رفضت الاشتراك فى تمويل للفيلم؟

ــ لا أريد ذكر أسماء، ما استطيع قوله أن هناك من العرب من كان متحمسا جدا للاشتراك فى تمويل الفيلم، ولكن مع الأسف الحماس لم يتعد مرحلة الكلام فقط، فعندما قدمت السيناريو لهم بشكل فعلى لم يردوا على أصلا.. ففى فترة من الفترات أصبح موضوع القضية الفلسطينية ثقيلا على قلوب بعض العرب ولم يحبوا التعرض له بشكل أو بآخر لأسباب كثيرة وقد يكون الانقسام الفلسطينى أحد هذه الأسباب.

• وكيف استطعت إيجاد تمويل ومن ثلاثة دول؟

ــ لا يخلو الأمر من وجود ناس (جدعان) منهم المنتج هلال أرناؤوط والـART، رغم أنه فى مصر تعطل المشروع فترة من الوقت وصلت لنصف عام تقريبا بسبب كتابة خبر مغلوط فى إحدى الصحف أن الفيلم يحكى عن الجدار العازل المصرى والذى كان هناك نية لبنائه، والفيلم فى الحقيقة لا يحكى عن هذا الجدار ولا عن الأنفاق بين مصر وغزة كما أشيع وتسبب فى تعطيله، وفوجئت بخروج مقالات أنه كيف يتناول الفيلم الجدار العازل والأنفاق، وبالتالى تسبب هذا فى العودة لنقطة الصفر ومر الفيلم من جديد على الرقابة وعلى المخابرات المصرية لكى تتأكد أن الفيلم لا يتناول القصة التى أشيعت عنه، وبعد نصف سنة اقتنعت الجهات المصرية أنه لا يمت بصلة لمصر أصلا.

وفى الحقيقة أصبت بنوع من الإحباط نتيجة كل هذا التأخير ونتيجة لتعطل التمويل، ولكنى صممت على إلقاء كل هذا خلف ظهرى والمضى قدما.

• وما الذى ألهمك بقصة الفيلم بالاشتراك مع الكاتب خالد الطريفى؟

ــ هذه القضية تربينا عليها، ولكن بداية الفيلم جاءت عندما كنت فى فترة ما فى دمشق وكانت هناك عملية الجدار الواقى تألمت كثيرا بسببه، وهنا جاءت لى الفكرة، فضلا عن رغبتى فى تناول معاناة الفلسطينيين بوجهة نظر مختلفة، وما أثارتنى كثيرا هى قصة الدفن فالمشكلة ليست فقط فى الصراع السياسى الدائر على الساحة ويركز عليه الإعلام أو صراع مقاومة أو غيره، بل إن هناك مشكلات إنسانية مهمة، مثل مشكلة الدفن، فلا أتصور شعور أم يموت ابنها ولا تستطيع الحصول عليه لتدفنه، لأن هناك يقينا إسرائيليا خطيرا أنه عندما يموت شخص فإن أهله حتما سيعودون والتراب الموجود فيه عظام يعنى تاريخيا أن الإنسان له علاقة بهذا المكان المدفون فيه أقرباؤه، وهناك مقبرة مهمة جدا اسمها «مأمن الله» وهى قديمة جدا وفيها قبور من مئات السنين ولها تاريخ مهم، وبالتالى اصبحت السيطرة ليست على الحاضر فقط ولكن على الماضى والمستقبل، والقصة تدور حول شاب وشابة يعيشان قصة حب ويتزوجان تحت الأرض وينجبان، ومسألة الإنجاب هذه مهمة جدا بالنسبة لنا كعرب.

• هل صحيح أنك تلقيت تهديدات بالقتل بسبب الفيلم؟

ــ فى الحقيقة كان التهديد الأكبر أثناء مسلسل «الاجتياح»، فيبدو أنه أزعج الإسرائيليين بشدة، وتعرضت لتهديدات اكتشفت من خلالها دقة معلوماتهم لأنهم عرفوا مكانى وتحركاتى بدقة بالغة وكذلك تحركات بطلته صبا مبارك، والتهديدات وصلت إلى ابنى وتم إبلاغى بما معناه (ما دخلك أنت بالقضية الفلسطينية.. أنت تونسى؟)، ولكنى رديت عليهم باصرارى على تقديم المسلسل وبالتأكيد لن أطلب إذنا من اسرائيل حتى أتعرض لمثل هذه القضية.

• فكرة التهديد بسبب «اجتياح» ألم تجعلك تتراجع عن تقديم «مملكة النمل»؟

ــ  لن أطلب إذنا من أى جهة لتقديم ما أريده، وفى الحقيقة لم أكترث بما قيل لى، وفى النهاية الذى يقتنع بشىء لابد أن يقدمه ولازم أقول وجهة نظرى، وسبق لى أن قلت وجهة نظرى عن فلسطين وعن العراق والكويت وغيرها، فصحيح أنى تونسى ولكنى انتمى للوطن العربى بأكمله.

• من الملاحظ أن المنتجين الثلاثة المشتركين فى الفيلم قطاع خاص ولا أحد منهم يمثل جانبا حكوميا.. فهل تم عرض جزء من تمويل الفيلم على الحكومة التونسية أم ماذا؟

ــ  حصلنا على دعم من وزارة الثقافة التونسية، وهو فى الحقيقة مجرد «إسهام مادى» من الوزارة جاء بعد اجتماع لجنة لتقييم الأعمال.

• ما الذى تنتظره من «مملكة النمل» وخاصة بعد عرضه فى كثير من الدول العربية؟

ــ أهم شىء بالنسبة لى أن يتم عرضه فى أغلب الدول العربية ليشاهده كل الجمهور العربى، أعرف أن العرض فى المهرجانات جيد جدا ولكنه ليس الأهم، فقد كنت مؤخرا فى تونس ورأيت الجمهور كيف يتعاطف مع الفيلم.

• معنى ذلك أن العرض فى المهرجانات لا يهمك بقدر العرض الجماهيرى؟

ــ نعم، فالعرض فى المهرجانات يأتى فى مرتبة ثانية لدىَّ بعد العروض الجماهيرية ومشاهدة الجمهور للفيلم وتواصله معه ومع قضيته.