2012/07/04

المخرج محمد رجب
المخرج محمد رجب

محمد الامين – الوطن السورية يؤكد المخرج محمد رجب أن ذهابه إلى القاهرة وتقديمه مسلسل (أنا قلبي دليلي) الذي تناول سيرة حياة الفنانة الراحلة ليلى مراد قد «أكسبني شهرة أوسع وموقعاً إعلامياً أكبر وخبرة مهمة وتفاؤلاً بالاستمرار» ويذهب رجب أبعد من ذلك عندما يؤكد أيضاً أن الفرصة التي منحها له المنتج المصري إسماعيل كتكت من خلال هذا المسلسل «كانت غنيمة كبرى لأنها أبعدتني عن حرب الشلل والتكتلات في الدراما السورية التي لم ترق في يوم من الأيام باتجاه تطوير وإغناء الحالة الفكرية والثقافية داخل الدراما السورية بل هي تغوص أكثر وأكثر باتجاه تحويل الفن إلى مجرد مهنة للاسترزاق وتحقيق المكاسب الشخصية على حساب حالة الفن الراقية والسامية   هذا لا يعني أني ضد تكاتف رؤى واحدة باتجاه هدف فكري واحد ولكن هذه الحالة غير موجودة في الدراما السورية وكما قلت تحول الأمر إلى مجرد البحث عن فرص عمل على حساب أشياء عديدة».   ورجب الذي عمل لمدة طويلة تحت إدارة المخرج نجدة أنزور مساعداً قبل أن يتصدى لأول تجربة منفردة له وهي مسلسل (شركاء يتقاسمون الخراب) ينفي أنه كان جزءاً من كتل أنزور «لأن نجدة أنزور لم يسع لتشكيل تكتل ما ولم ينتم إطلاقاً لأي منها هو حالة خاصة له تجربته ورسالته التي يؤديها» ويصف رجب أستاذه بالصديق الذي تربطه به «عشرة عمر.. عملت معه لأكثر من 15 عاماً وقد بدأت معه مشواري في عالم الإخراج ومازلنا نلتقي وأتمنى له المزيد من النجاح وأعتقد أنه من أهم المخرجين في الدراما السورية والعربية وقد بارك لي نجاح مسلسل «أنا قلبي دليلي»». وكان قد سرت شائعات أن علاقة رجب وأنزور قد اهتزت بعد أن سحبت شركة (العاني) نص مسلسل (رجال الحسم) من رجب وأعطته للمخرج نجدة أنزور ولكن رجب يؤكد أنه تجاوز هذه المسألة تماماً وأنه مازال يعيش فرصة نجاح تجربته الأولى في الدراما المصرية ويؤكد أنه تلقى مديحاً وثناء من أهم مخرجي الدراما السورية والمصرية ويعتبر هذا الأمر أهم من المال «لأن المديح إذا كان في محله هو غذاء روحي لأنني فنان وكلمة أحسنت تغني عن المردود المادي وقد سعدت كثيراً باتصال شيخ المخرجين المصريين إسماعيل عبد الحافظ بي بعد عرض عدة حلقات من مسلسل (أنا قلبي دليلي) وكان لكلامه وقع خاص في نفسي وكذلك اتصال أهم المخرجين المصريين كما سعدت بثناء مخرجين سوريين أمثال نجدة أنزور وهيثم حقي ومأمون البني والمثنى صبح». ويعتبر محمد رجب من المخرجين السوريين القلائل الحاملين لشهادات عليا، حاصل على درجة الدكتوراه بالنقد الدرامي من جامعة بيروت بعد حصوله على الإجازة والماجستير باللغة العربية من جامعة تشرين السورية، وقد أثار مسلسله الأول في الدراما المصرية (أنا قلبي دليلي) حراكاً وردود أفعال متباينة فهناك من رحّب بالعمل من النقاد المصريين وهناك من توقف كثيراً عند مفاصل عدة فيه ولكن رجب يعتقد اعتقاداً راسخاً أن عمله قد حقق نجاحاً كبيراً في مصر والعالم العربي ويضيف: كل ما قيل عن العمل في الصحافة المصرية كان وجهات نظر أنا أحترمها هناك من أثنى وهناك من انتقد وهناك من اعترض ولكن المفصل الأهم الذي استوقف الكثيرين هو بطلة المسلسل الفنانة صفاء سلطان واعتبروا أداءها نقطة الضعف الوحيدة في المسلسل ولكن أعتقد أن صفاء قد أدت الدور بشكل جيد وخاصة في الحلقات المتقدمة في المسلسل وأنا راض تماماً عن العمل وعن أداء سلطان وقد قلت في أكثر من مناسبة إعلامية إني لو خيرت مرة أخرى لما اخترت إلا صفاء سلطان لدور ليلى مراد. ويشير رجب في معرض حديثه عن عمله إلى أن أهم الكتّاب والنقاد اعتبروا المسلسل (قفزة نوعية في دراما السير الذاتية وهذا يكفيني كمخرج» ونفى رجب ما ذكرته مواقع إلكترونية من أن الاستياء من العمل وصل إلى حد عدم دعوة أبطاله وصانعيه إلى أي تكريم أو احتفال في مصر وقال: على العكس تماماً دعينا إلى عدة حفلات تكريم في القاهرة وبور سعيد والكويت منها تكريم اتحاد المنتجين العرب وتكريم اتحاد المنتجين الخليجيين كما أقيمت ندوات صحفية عن العمل في أهم الصحف والمجلات المصرية. ويعتبر محمد رجب تناول الصحافة الغربية والإسرائيلية لعمله دليلاً على أهميته «هناك صحف بريطانية فرنسية وإسرائيلية كتبت عنه» ويعتقد أن عمله بعث برسالة إلى العالم «وقد وصلت ومفادها أن العرب ليسوا معادين لأحد، وهم متعايشون مع كل الديانات السماوية ولم نميز بين مسلم ويهودي ومسيحي في يوم من الأيام إلى أن أقيم الكيان الصهيوني الذي أوجد هذه التفرقة بين الناس على أساس الدين، أردنا أن نقول إن العرب يعادون هذا الكيان وليسوا في حالة عداء مع اليهود ووصل تأثير الرسالة لدرجة أن صحفياً إسرائيلياً كتب أن مسلسل (أنا قلبي دليلي) أقنعني أن من حق العرب أن يشمئزوا من إسرائيل. أكدنا في هذا العمل أن مفهوم المواطنة يأتي قبل المعتقد». يذكر أن المطربة الراحلة ليلى مراد كانت من أصل يهودي وقد رفضت الهجرة إلى إسرائيل وفضّلت البقاء في مصر التي ولدت وتربت وحققت ما حققت من شهرة وحضور فيها. ويستعد محمد رجب في تعاون ثان مع المنتج إسماعيل كتكت لإخراج مسلسل تلفزيوني عن الملكة نازلي والدة آخر ملوك مصر (فاروق) ويرى رجب أنها «شخصية غنية من الناحية الدرامية فهي امرأة جبارة استطاعت أن تقلد ابنها العرش في مصر وزوجت ابنتها لشاه إيران وعندما شعرت أنها بدأت تفقد سلطتها آثرت الهروب إلى الولايات المتحدة الأميركية وهناك تنصرت وزوجت ابنتها من رجل قبطي وعاشت حالات إنسانية مخيفة حيث قُتلت ابنتها على يد هذا الرجل الذي استغلها أبشع استغلال، لقد خاضت معركة حياة كبيرة ونريد من خلال هذا العمل أن نؤكد أهمية الوطن في حياة الإنسان وأنه لا يوجد هناك شيء يغني عن الأوطان»، لأننا سنتناول حالات درامية وهناك وقائع ومعلومات تاريخية مغيبة من حق المواطن العربي الاستفادة منها من خلال إعادتها للذاكرة» ويؤكد أن خياره في الممثلة التي ستلعب الشخصية «مصري 90%» ورداً على سؤال يتعلق بمدى تدخل المنتج إسماعيل كتكت في هذه المسألة قال رجب: هو منتج محترف وله تاريخ طويل لا يتدخل بقرارات المخرج هو يطرح أفكاراً وفي النهاية يقول للمخرج القرار النهائي لك والمسؤولية تقع عليك وهو عندما يقترح حلولاً ما إنما يقترحها من باب المعرفة والخبرة وليس من باب التطفل وعدم الدراية الكافية. ويرى رجب أن الدراما المصرية تتمتع بتقاليد مهنية راسخة أكثر من الدراما السورية ويرى أيضاً أنها تجاوزت الأزمة التي مرت بها خلال الأعوام الفائتة. ومن قراءته للمشهد الدرامي السوري يقول رجب: إن الدراما السورية بدأت تقع بما وقعت به الدراما المصرية في الأعوام الماضية وأدى إلى تراجعها بدءاً من الاستسهال وتسلط النجم والتغاضي عن جودة الصورة. كنا في سورية نعمل كهواة وهذا ما ميزنا حيث لم يكن يعيب المخرج أن يعدل الضوء أو الديكور بيده، كنا نعمل بحب أكبر للمهنة وعندما بدأنا ندعي أننا محترفون بدأنا نسقط وملامح هذا السقوط واضحة في ميل الكثير من الأعمال السورية إلى الجانب التجاري بعيداً عن المستوى الفني الرفيع. كنا نفتخر بأن المسلسلات السورية تحمل مضموناً فكرياً عالياً ولكن بدأنا نتراجع في هذا المجال والأدلة كثيرة منها عدد لا بأس به من الأعمال التي عُرضت في رمضان الماضي. وأنا شخصياً حزين للحال الذي وصلت إليه الدراما السورية، أعتقد أن الثقة الزائدة والغرور أعمانا عن الكثير من المسائل المهمة وبدأنا نتنازل فكرياً وفنياً وهذا مؤسف.