2012/07/04

المسلسل المستحيل
المسلسل المستحيل

فجر يعقوب – دار الحياة

حين أقدم المخرج السينمائي السوري سمير ذكرى على أفلمة «الرواية المستحيلة» لمواطنته الروائية غادة السمّان سألناه، عما إذا كان «حرّاس الصمت»، هو الفيلم السينمائي السوري المستحيل. كان السؤال مشروعا تماما، باعتبار أن السينما السورية دخلت في مأزق التعبير عن نفسها لغة وكتابة وإخراجاً. وقد بدا حينها أن الدراما التلفزيونية السورية قطعت شوطا أكبر في محاكاة قضايا أكثر عمقا، وتخطّت محاذير رقابية وخطوطاً حمراً، لم تفلح هذه السينما بالتعبير عنها في مرّات كثيرة، حاولت فيها أن تدّعم خطواتها بما هو غير مسبوق. يذكر الوسط الفني السوري محاولات سينمائي سوري تقديم فيلم سينمائي عن الفساد والبيروقراطية، وكان سقف معالجته أقل بكثير مما قدمته سلسلة «بقعة ضوء» التلفزيونية ببعض أجزائها، وكيف أنه نُصح بالكفّ عن محاولته، لأنه لن يتجاوز بأي حال من الأحوال سقف هذه البقعة التلفزيونية، في كشفها لآليات الفساد والتعبير عنها بطريقة فنية كوميدية مؤثرة.

وأمَا قد تنازل السينمائي السوري عن فيلمه لحساب فيلم روائي آخر، اقترب في معالجته كثيراً من أجواء مسلسل «باب الحارة» الذائع الصيت، فإنه لم يتبّق سوى القول، بأن الدراما التلفزيونية السورية بدأت ترسم طريقاً لها لن يمكن تجاوزه بسهولة. وإن بدا أن هناك عثرات في طريقها كما هي حال مسلسل «بقعة ضوء»، الذي تجدد الحديث عنه، وعن مشاكله الانتاجية، بعد فشله في جزئه السابع، وقد تناوب عليه مخرجون كثر، بعضهم نجح في تجاوز امتحان الوصول به إلى برّ الأمان، وبعضهم لم يفلح بحسب ادعاءات نجوم ظهروا فيه مكتفين بإلقاء اللوم على المخرج ناجي طعمة، الذي تصرف بثلاثة وتسعين لوحة قدّمها له الممثل السوري أيمن رضا من دون الرجوع إليه، وقد أعاد اخراجها بطريقته من دون الاستعانة به، بوصفه مشرفا دراميا عليها كما يقول رضا.

الفشل لا أب له وهذه بديهة، بعكس النجاح الذي قد يجد آباء كثراً له. وما حدث مع «بقعة ضوء» ليس فشلاً إخراجياً بحد ذاته، وإنما فشل كتابي آخر، إذ لم يعد بوسعه تجاوز موضوعاته بعد سبعة أجزاء، واستنفد أفكاره التي دأب العمل عليها، وهذا يعني في ما يعنيه، أن على صنّاعه التوقف عن انتاجه وحتى التفكير به، بغض النظر عن هوية مخرج الجزء الثامن. فالمسلسل لم يعد لديه ما يقوله أو يعكسه، وهذا يحيل بدوره إلى أزمة الكتابة في بعض وجوهها، فبعد أن شكّلت «بقعة ضوء» حالة درامية سورية متقدمة في النقد والانتقاد وتعرية بعض ظواهر الفساد وآليات انتاجه في المجتمع السوري، لا بل وتجاوزت محاذير رقابية كثيرة، ما دفع إلى ايقاف ومنع بعض حلقاتها، وبخاصة تلك التي أخرجها الليث حجو، ها هي تدخل في نفق مظلم لا ضوء في نهايته، كما تفترض حالة كل من يغرق في عتمته، مع دخول صنّاعه في معارك جانبية حول مسؤولية الفشل الذريع الذي مني به الجزء الأخير، كما فهم من تصريحات أيمن رضا أخيرا الى محطة اذاعية سورية تبث على موجة (أف أم).