2013/07/10

بوسطة- محمد الأزن

 

 بدا البحث عن مواقع التصوير إحدى المسائل  الأكثر تعقيداً، في تفاصيل صناعة أي مسلسل سوري لموسم 2013، وذلك وسط سخونة الأحداث الدائرة في معظم مناطق البلاد، ومنها  دمشق، حيث كانت هذه المدينة منذ سنوات، ومازالت الخيار الأول للتصوير بالنسبة لصنّاع أي عمل درامي.

 

 ففي مستهل التحضيرات للموسم الرمضاني الجديد؛ جعلت الأوضاع الأمنية في العاصمة معظم شركات الإنتاج تتردد حيال اتخاذ قرار البدء بتصوير أي عمل، إلى أن كانت البداية  الأولى من خلال "ياسمين عتيق" حيث دارات كاميرا المخرج المثنى صبح أواخر شهر أيلول2012، في قلب دمشق القديمة والآمنة نسبياً مقارنة بأماكن أخرى، وتلاه مسلسل "روزنامة" الذي تم تصويره بالكامل داخل الحرم الجامعي لكلية الآداب، وبالتزامن مع هذين المسلسلين برزت مدينة طرطوس على الساحل السوري كملاذ آمن لتصوير الأعمال التلفزيونية وصوّر فيها مسلسل "سوبر فاميلي"، وخماسيتين من مسلسل "صرخة روح"، ثم استأنف تصوير هذا المسلسل لاحقاً بدمشق، وتبعه ستة عشر عملاً آخر، وسط ظروف استثنائية، كانت تضطر صنّاعها للتوقف الاضطراي أحياناً ريثما تهدأ الأوضاع،  وكثيراً ما اضطروا لإعادة المشهد ذاته مراراً على خلفية أصوات القذائف، أو الانفجارات، إلا أن عملان استفادا من هذه الحالة ووظفاها درامياً؛ "حائرات"  للمخرج سمير حسين وتدور أحداث العمل على خلفية الأزمة السورية، و"تحت سماء الوطن" حينما ذهب مخرجه نجدت أنزور للتصوير في أكثر المناطق سخونة، بالريف الدمشقي.

 

 وكثيرة هي الحالات التي عانت فيها فرق مسلسلات تلفزيونية سورية هذا الموسم من عدم اكتمال عناصر فريق عملهم بسبب ظرف أمني تعرضت له المنطقة التي يسكن فيها أحد الأعضاء الأساسيين من هذا الفريق أو لأسباب أخرى...، ومن القصص التي نورها مثالاً على ذلك: استشهاد  الفنان طارق سلامة، حينما سقطت قذيفة على سيارته بينما كان يهم بإجلاء أسرته من منطقة مخيم اليرموك، وكان وقتها  يشارك في عدة أعمال تلفزيونية.

 

 ومن اللافت أيضاً أن ثلاثة أعمال شامية هي "قمر شام"، " زمن البرغوت 2 "، "طاحون الشر 2 " صورّت مرحلة الأستوديو تباعاً في مدينة "الفارس الذهبي" للإنتاج التلفزيوني، حيث صممت ديكورات الحارة الشامية هناك وفقاً لطبيعة كل عمل وتفاصيله، كما ذهب محمد نصر الله مخرج مسلسل "خرزة زرقا" لخيار آخر على مستوى مواقع التصوير برز في الموسمين السابقين؛ وهو محافظة السويداء جنوبي سوريا.

 

لبنان... الأردن... الإمارات.. الجزائر

 

كان مسلسل "حدود شقيقة" أول من فتح خيار التصوير خارج البلاد ، حيث تم تصويره بالكامل في لبنان، وتلاه مسلسل "سنعود بعد قليل"، ولاحقاً "صبايا5" وتلك المسلسلات الثلاثة تمتلك في بنية نصّها، أو طبيعتها ما يبرر تصويرها على الأراضي اللبنانية.

أما قصة تصوير "منبر  الموتى" بلبنان، فكان وراءها  سبب رئيسي دفع الشركة المنتجة لاتخاذ هذا الخيار، وهو أن النص لم يحصل على إجازة  الرقابة السورية للتصوير التي اقترحت التريث بتنفيذه هذا الموسم، بالإضافة إلى عدم رغبة بعض نجومه بالتصوير في سوريا... ثم كانت القضايا الإنتاجية التي ترتبت على ذلك؛  أحد أسباب انسحاب المخرجة رشا شربتجي من العمل، ليصبح لاحقاً في عهدة المخرج سيف الدين سبيعي.

 

وقالت مخرجة مسلسل "العبور" عبير إسبر إن الظروف التي تمر بها سوريا، كانت وراء خسارتها لخيار التصوير بالبلاد، مما اضطرها لاختيار لبنان مكاناً لتصوير عملها.

 

وهناك من ذهب إلى أبعد من لبنان كخيار للتصوير، كأسرة مسلسل "حمام شامي" الذي تم تصويره بالكامل في أبوظبي، مما شكلّ تحدياً كبيراً بالنسبة لهم  في نقل أجواء دمشق القديمة إلى عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث شيدت الشركة المنتجة ديكورات ضخمة لحارة شامية كاملة، داخل استديوهات "twofour54"، وصرّح المخرج مؤمن الملا بأن هذا الخيار كان مكلفاً جداً على المستوى المادي، ويصل  لعشرة أضعاف تكاليف تصوير المسلسل داخل بيئته الحقيقية.

 

وربما كان أكثر الخيارات غرابة بالنسبة لمواقع  تصوير المسلسلات السورية في موسم 2013؛ الجزائر، خاصّة حينما ينفّذ فيها عمل محليّ بامتياز، وهو "مرايا" ، وبرر هذا الخيار بتلقي الفنان ياسر العظمة عرضاً خاصاً من قناة "الشروق" الجزائرية لتصوير العمل هناك، وتمتلك هذه القناة الحق الحصري بعرضه خلال شهر رمضان المبارك، ويتم تنفيذه بفريق عمل سوري من فنانين وفنيين يديرهم المخرج عامر فهد.

 

أما مسلسل "زهر البنفسج" فتم تصويره بالأردن، وفقاً لخيار  الشركة المنتجة، وشارك فيه فنانون سوريون، وعرب بإدارة المخرج فيصل بني المرجة.

 

وفي المحصلة بلغ عدد المسلسلات السورية التي تم تصويرها خارج البلاد ثمانية، من أصل تسعة وعشرين عملاً تتوزع على خارطة العروض  الدرامية للمحطات المحلية، والعربية، خلال شهر رمضان المقبل... رقمٌ لم يكن بلوغه متوقعاً في بداية التحضيرات لموسم 2013، إلا أن صنّاع هذه الدراما التي حافظت على صدارتها للشاشات العربية لسنواتٍ طويلة، خاضوا معركة  إثبات وجود، معبرّين عن إرادتهم باستمرار الحياة وسط كل مايجري.