2012/07/04

الموت يكتب نهاية أسامه أنور عكاشة
الموت يكتب نهاية أسامه أنور عكاشة

  دار الخليج شيعت عصر أمس في القاهرة، جنازة الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة، الذي رحل فجر أمس عن عمر 69 عاماً بعد صراع مع المرض .  وكان الكاتب الكبير نقل إلى مستشفى وادي النيل بالقاهرة الثلاثاء الماضي، بعد تدهور حالته الصحية، حيث ألحق بالعناية الفائقة، قبل أن يصاب بهبوط حاد في الدورة الدموية أدى إلى الوفاة . وقرر الرئيس المصري حسني مبارك في وقت سابق علاج الكاتب الكبير الراحل على نفقة الدولة، لكن القدر لم يمهله، إذ تدهورت حالته الصحية بشدة خلال الأيام الأخيرة، ما دفع أسرته لنقله إلى المستشفى . شارك فنانون مصريون وأدباء ومثقفون في جنازة الكاتب الكبير التي خرجت من مسجد مصطفى محمود بمنطقة المهندسين، ودفن بمقابر الأسرة في القاهرة . وبرحيل عكاشة، تفقد الدراما المصرية واحدا من ألمع كتابها، إن لم يكن الأشهر على الإطلاق، فعلى امتداد سنوات عمره، كتب عكاشة العديد من الأعمال الدرامية الناجحة التي نجح من خلالها في أن يحفر اسمه كواحد من أمهر كتاب الدراما التلفزيونية في مصر والعالم العربي . كتب عكاشة على مدى العقود الثلاثة الماضية ما يزيد على أربعين عملاً، ما بين مسلسل وفيلم ومسرحية، وإن ظلت أعماله التلفزيونية هي الأكثر شهرة بين الجمهور العربي، بداية من مسلسل “الشهد والدموع” مرورا بمسلسلات “ليالى الحلمية” و”زيزينيا” و”عصفور النار”، وليس انتهاء بمسلسلات “الراية البيضا” و”أنا وأنت وبابا” “في المشمش” و”رحلة السيد أبو العلا البشري” و”لما التعلب فات” و”الحب وأشياء أخرى” و”عفاريت السيالة”، حتى مسلسله الأخير “المصراوية” . ولد عكاشة بمدينة طنطا التابعة لمحافظة الغربية وسط دلتا مصر في ،1941 لأب كان يعمل تاجرا، وتلقى تعليمه الأساسي في مدارس كفر الشيخ مسقط رأس والده، قبل أن يلتحق بجامعة عين شمس في نهاية الخمسينات في القرن الماضي لدراسة الآداب حتى تخرج في قسم الدراسات النفسية والاجتماعية بها في العام 1962 . عمل عكاشة فور تخرجه في الجامعة في عدد من مؤسسات وزارة التربية والتعليم ورعاية الأحداث، قبل أن يتقدم باستقالته في نهاية السبعينات من العمل الحكومي ليتفرغ للكتابة، وينتج عشرات من الأعمال الأدبية . بدأ عكاشة حياته كاتباً للقصة القصيرة، قبل أن يتحول إلى العمل بالكتابة الدرامية، على يد الكاتب الكبير سليمان فياض، وروى ذلك في غير مناسبة، مشيرا إلى أن علاقته بالتلفزيون بدأت مصادفة عندما حصل فياض على مجموعة قصصية له وأعد إحدى قصصها في شكل سهرة تلفزيونية . وبعدها بعام اختار المخرج كرم النجار قصة أخرى من المجموعة بعنوان “الإنسان والحبل” وقدمها في شكل سهرة تلفزيونية، بعدها بدأت في كتابة السيناريو لأول مرة . وعلى امتداد مشواره الفني والإبداعي، تصدي الكاتب الكبير الراحل في أعماله للعديد من القضايا الاجتماعية والسياسية الكبرى بأسلوب مدهش، ورصد خلال هذه الأعمال العديد من المتغيرات التي شهدتها مصر منذ بداية فترة الانفتاح الاقتصادي وسيطرة رأس المال على الحياة الاجتماعية للمصريين، وما صاحب ذلك من تحولات في المشهد الاجتماعي والسياسي المصري . وتجلى ذلك واضحا في ثلاثيته الرائعة “ليالي الحلمية” ومن قبلها “الراية البيضاء” و”رحلة أبو العلا البشري” . وقبل سنوات، رشح الكاتب الكبير الراحل لكتابة عمل عن حرب أكتوبر، غير أن المشروع تعثر قبل أن يتوقف تماما جراء حملات صحافية منظمة شنها البعض ضده، كانت تعتمد على التشكيك في مصداقيته انطلاقا من ميوله وأفكاره الناصرية الواضحة، وعن ذلك قال عكاشة: كنت سعيداً جداً بهذا المشروع، خاصة بعد ترشيحي من قبل القوات المسلحة المصرية لكتابة هذا العمل العظيم، وشكلوا في سبيل ذلك لجنة مؤلفة من عشرين قائداً من القادة الذين شاركوا في الحرب، وعقدنا جلسات عمل استغرقت أسابيع تعاقدت معي القوات المسلحة بعدها على كتابة فيلم، غير أن هذا الإعلان أقام الدنيا ولم يقعدها . حصل عكاشة خلال مشواره الإبداعي على العديد من الجوائز المحلية والعربية، ربما كان من أهمها جائزة الدولة للتفوق في الفنون في ،2002 وجائزة الدولة التقديرية في الفنون في 2008 .