2012/07/04

«الميادين»: نقطة المثلث الإخباري العربي
«الميادين»: نقطة المثلث الإخباري العربي


ماهر منصور – السفير


بدا لافتاً أن تثير قناة «الميادين» شهية المنتقدين لأدائها، ولم يمض شهر كامل على انطلاقتها، الأمر الذي يؤشر إلى أن القناة الوليدة، نجحت في أن تكون محط اهتمام وترقب لمتابعيها، نقطة تحسب لإدارة القناة، ولا تحسب عليها.

الانتقادات التي طالت القناة حتى الساعة تنوعت بين منتقد للملمح البصري للقناة من «لوغو» و«سلوغونات» وخطوط وألوان..، وفي ذلك التناول النقدي، الكثير مما يستحق النظر، لأنه يأتي في توقيته المناسب. فالملمح البصري هو أولى الرسائل الواضحة لأي قناة وليدة، ونقده مبني على معطيات ملموسة، لا يحتاج لمرور زمن كاف للحكم عليها.

أما انتقاد أداء القناة، فهو أمر مستغرب نظراً لتوقيته، فالقناة لم يمض على انطلاقتها شهر، ولم تكشف أوراقها كاملة بعد. بل لم يقدم من بعض برامجها سوى حلقة واحدة، ومنها ما لم يبصر النور بعد. وبالتالي يبدو تكوين رؤية كاملة عن القناة والحكم على أدائها، مسألة تأتي قبل أوانها، بحيث لا يمكن بعد تقييم كم استطاعت «الميادين» أن تحدث خرقاً في الأداء الإعلامي العربي الإخباري السائد اليوم.

ولعل أي تقييم موضــوعي لأداء القنــاة الــيوم، إن سلــمنا بصوابية توقيته، لا بد أن يأخذ بعين الاعتــبار معطـيات ثلاثة تتعلق بالقناة، وهي أنها تخرج للمشــاهدين بلا مرحلة بث تجريبي، وأنها قناة صغيرة جداً قياساً الى القنوات الإخبارية المنافسة المفترضة، كما أنها تخرج بــطاقة شابة على نحو كبير، تعمل جنباً إلى جنب مع عدد من المخضرمين.

وانطلاقاً من ذلك، يصير حديث المنتقدين اليوم، عن أن القناة لم تحدث الاختراق المطلوب في المزاج الإعلامي العربي الإخباري، نوعاً من التذاكي على الناس، ولاسيما أن فترة قصيرة جداً، مهما تسارعت الأحداث السياسية فيها، لا تكفي لرصد كيفية تناول «الميادين» للأحداث المختلفة، وكم هي فعلا تنقل الواقع كما هو، وفق شعارها المعلن، أم لا.

وبديهي أنه ما من إعلام حيادي. اليوم لدينا قنوات إخبارية عربية كبيرة يقف خلفها تمويل خليجي (سعودي وقطري)، وهي بالتالي ذات هوى خليجي بحكم هذا التمويل. ولدينا قنوات إخبارية عربية خلفها بلدان غربية، وهواها بالتالي غربي. وتأتي «الميادين»، لتشكل نقطة المثلث الإخباري العربي الثالثة، فهي خارج دائرة التمويل الغربي والخليجي، وبالتالي هي ذات هوى مغاير. الأمر الذي يخلق في أضعف احتمالاته مزاجاً إخبارياً مختلفاً.. فكيف إذا كانت بوصلة قناة «الميادين» فلسطين والمقاومة؟!

لا ندافع هنا عن قناة «الميادين»، ولا نصدر أحكاماً مسبقة لمصلحتها. لقد شهدنا كيف ساهمت القضايا الكبرى، في الأدب على سبيل المثال، بتمرير أدب رديء، وبالتالي نحن لا نستبعد احتمال أن تمرر القضايا الكبرى إعلاماً رديئاً أيضاً، أي أننا نحتفظ بحق تقييم القناة إلى وقت نستطيع بعده أن نرسم منحى بيانيا لأدائها تبعا للأحداث المختلفة بعيداً عن التسرع. أما حديثنا أعلاه فهو مجرد توصيف للخارطة الإخبارية الإعلامية العربية، ويصح القول معه إن انطلاقة «الميادين» جاءت لتعلن بداية مرحلة جديدة في الإعـلام الإخباري العربي.