2012/07/04

النجمة الهندية شارميلا طاغور لـ «بوسطة»: «عليكم في سورية أن تنتجوا أفلاماً تجارية لتأمين إنتاج الأفلام النوعية»
النجمة الهندية شارميلا طاغور لـ «بوسطة»: «عليكم في سورية أن تنتجوا أفلاماً تجارية لتأمين إنتاج الأفلام النوعية»


- «بوليوود» لا تعبّر عن واقع السينما الهندية ولكنّها باتت «ماركة» وشعاراً تجارياً أخشى أنّه سيبقى ويستمر

- هوليوود هي مركز صناعة السينما في العالم حالياً ويمكن اعتبارها بمثابة «القائد» في هذا المجال

- «المليونير المتشرّد» مجرّد فيلم في النهاية رغم الأوسكارات التي نالها

- ما يهمّني أن يكون الفيلم جيداً بغضّ النظر عن جنسيته

- شاهدتُ فيلماً سورياً جيداً في أحد المهرجانات السينمائية لا أذكر اسمه الآن

- حضور الدراما التلفزيونية السورية يذكّرني بالهند قبل أن تصبح قوّة سينمائية عالمية


حاورها: عهد صبيحة - علي وجيه

تعدّ شارميلا طاغور من أشهر الأسماء النسائية التي مرّت على تاريخ السينما الهندية منذ انطلاقتها الفعلية في مطلع الستينيات. بدأت مشوارها السينمائي مبكراً في سن الرابعة عشر من خلال فيلم «زهرة من كشمير» عام 1964 أمام النجم المعروف شامي كابور، ثم تعاونت مع شامي كابور مرة أخرى في عام 1967 بفيلم «أمسية في باريس»، حيث لعبت دوراً مزدوجاً.

وُلدت في عام 1946 بمدينة حيدر آباد، في ولاية أندرا براديش، الهند، لأسرة بنغالية. ترأست مجلس الرقابة السينمائية في الهند، وكانت سفيرة النوايا الحسنة لدى اليونيسف. وفي عام 1997، نالت جائزة الإنجاز مدى الحياة تقديراً لأعمالها السينمائية.

تعاونت كثيراً مع المخرج الشهير ساتياغيت راي، ثم تلقّت العديد من العروض للعمل في السينما الهندية. فازت لأول مرة بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم «عبادة – Aradhana»، وحصلت على فرصة للتعاون مع المخرجة ميرا نائير لأداء دور البطولة في فيلم «خلطة الميسيسيبي» عام 1991. وفي عام 2009 لعبت دوراً مهماً في فيلم المخرج والكاتب ناغيش كوكونور «8 × 10»، وفيلم «سامنتار»، إخراج تسفير وأمول باليكار.

الإحالة الاسمية إلى شاعر الهند الأشهر رابيندراناث طاغور ليس مصادفةً أو تشابه أسماء، فشارميلا هي حفيدة حفيد صاحب نوبل للآداب. لذلك لا بدّ للحوار أن يتجاوز الخاص إلى العام للحديث عن السينما كصناعة في بلد فقير كالهند، و«بوليوود» كماركة مسجلة تمّ تسويقها وحفرها بنجاح على لافتة المشهد السينمائي العالمي.

«بوسطة» التقت «أول ممثلة هندية تظهر على الشاشة بلباس السباحة (البكيني)» خلال زيارتها الأولى لدمشق، حيث لم تخفِ إعجابها بالبلد وسماعها بتطوّر الدراما فيه.

أنت ناشطة في السينما الهندية منذ الستينيات، كيف تنظرين اليوم إلى تطوّرها عبر السنوات؟


السينما الهندية تطوّرت كثيراً مع تعاقب السنوات. التوزيع فعّال ومنظّم، والسوق يكبر يومياً. منذ الستينيات نجحت السينما الهندية في الوصول إلى عدّة دول، واحتلال مكانة لها في المشهد العالمي. راجيش خان كان معروفاً في روسيا، وشامي كابور كان حاضراً في لبنان.

اليوم وصلت السينما الهندية إلى أماكن جديدة في العالم. لدينا الكثير من الشباب البارعين في المونتاج والمهن السينمائية المختلفة، والكل يعمل ويريد إثبات ذاته. الأجور مجزية كذلك، ليس فقط للنجوم وإنّما للمصوّرين والتقنيين وكل الطاقم الفني. مجمّعات السينما ذات الشاشات المتعددة (ملتي بليكس) أفسحت المجال لعمل وعرض نوعيات مختلفة من الأفلام، كالتجاري والموازي والمشاريع الشخصية والميزانيات القليلة، وهذا أتاح خيارات كثيرة من الأدوار أمام الممثلين، على عكس أيامنا حيث كانت الأدوار محدودة ومتشابهة.

البعض يتحدث عن تأثّر السينما الهندية بالأفلام الأمريكية بشكل كبير، ما أفقدها الروح الأصيلة البسيطة. ما رأيك في هذا الطرح؟


لا بدّ أن نعترف بالواقع. هوليوود هي مركز صناعة السينما في العالم حالياً، ويمكن اعتبارها بمثابة «القائد» في هذا المجال. هوليوود لم تؤثّر فقط على السينما الهندية، وإنّما أربكت السينما الأوروبية وأثّرت عليها أيضاً، ما دفع دولاً مثل ألمانيا وفرنسا إلى التركيز على التلفزيون لتقديم نفسها.

رغم ذلك، أعتقد أنّ التأثير الأمريكي حاضر فقط في النواحي التقنية، أي مشاهد الأكشن والانفجارات وطريقة التصوير وأخذ اللقطات، أما المواضيع فهي لصيقة بالمجتمع ومتطوّرة معه دائماً. الهند اليوم ليست كالأمس، وبالتالي من الطبيعي أن تختلف السينما من حقبة لأخرى.

النجم الهندي المعروف أميتاب باتشان يعارض استخدام كلمة «بوليوود» ويصرّ على وصف «صناعة السينما في الهند». هل أنت مع هذا الرأي؟


بالتأكيد. مصطلح «بوليوود» مستوحى أصلاً من كلمتَي «بومباي» و«هوليوود»، أي أنّه لا يشير إلى مكان موجود فعلاً على الخريطة مثل الأصل الأمريكي. نحن لا نصنع سينما فقط في بومباي، فهناك سينما في البنغال وبنجابي وجنوب الهند وغيرها، ولدينا في الهند حوالي 23 لغة مختلفة.

هذه الكلمة لا تعبّر حقيقةً عن واقع السينما الهندية، ولكنّها باتت «ماركة» وشعاراً تجارياً أخشى أنّه سيبقى ويستمر.

هل يمكن اعتبار فيلم «المليونير المتشرّد»، الذي نال عدّة أوسكارات وجوائز عالمية، بمثابة مكافأة تقدير عالمية للسينما الهندية بعد سنوات من العمل والإنتاج؟


«المليونير المتشرّد» فيلم جيد نال عدّة جوائز أوسكار، وأظهر مدى تطوّرنا في النواحي التقنية مثل هندسة الصوت. الممثلون حصلوا على فرص عالمية جيدة بعده مثل أنيل كابور وفريدا بينتو، ولكنّه يبقى فيلماً واحداً في النهاية. السينما الهندية حاضرة عالمياً قبل هذا الفيلم، ولا أعتقد أنّ النظرة له يجب أن تتجاوز إطار الفيلم الواحد. هذا رأيي الشخصي، وقد لا يعبّر عن رأي النقاد والمتابعين.

كيف ينتج بلد مثل الهند هذا الكمّ الهائل من الأفلام سنوياً مع معدّلات الفقر المرتفعة فيه؟


هناك تناقضات كثيرة في الهند. لدينا تفاوت طبقي رهيب بين الأثرياء جداً والفقراء جداً. ثمّة طبقة وسطى متعلمة تعمل بجد لتحقيق مستوى أفضل. هذا العدد الكبير مع الموقع الجغرافي والتاريخ العريق وفّر الكثير من الخيارات والطرق التي يمكن عبرها جسر الهوة الطبقية في المجتمع الهندي، من خلال مساعي الحكومة ومبادرات المنظمات غير الحكومية.

الثقافة والسينما والموسيقى، وحتى لعبة الكريكيت، أحد الوسائل التي يمكن للشاب الهندي المبدع أن يعبّر من خلالها عن نفسه وصولاً إلى مستوى اجتماعي ومادي أفضل، فالإنتاج السينمائي الغزير موجود لأنّه تجارة رابحة في النهاية.

ابنك سيف علي خان أحد الأسماء البارزة في السينما الهندية حالياً، حتى أنّكما عملتما معاً في فيلم «إكلافيا» عام 2007. كيف تتعاملين مع هذا الوضع داخل وخارج موقع التصوير؟


عندما تكون اسماً معروفاً سلفاً، فهذا يوفّر على المنتج تكاليف الدعاية والإشهار وما إلى ذلك. ابني ممثل، وكذلك ابن أميتاب باتشان وأسماء أخرى. الجمهور فضولي، ويريد رؤية ابن نجمه المفضل وهو يمثّل أو يغنّي. من هنا تأتي الأهمية الإنتاجية لدعم أبناء النجوم وتشجيعهم.

بعد ذلك يأتي دور الابن نفسه ليثبت نفسه، فإذا كان ممثلاً جيداً سيستمر، وإن لم يكن كذلك فلن تساعده نجومية الأب أو الأم إلى الأبد.

ابني أثبت نفسه في الكوميديا والتراجيديا، ولكنّي لم أعمل معه فعلياً حتى الآن، لأنّ فيلم «إكلافيا» لا يضمّ أي مشهد مشترك بيننا. مؤخراً عملتُ مع ابنتي في فيلم إنكليزي بعنوان «الضوء يستمر»، وكان هناك عدّة مشاهد مشتركة بيننا.

هل شاهدت أفلاماً سورية أو عربية؟ هل لاحظت أي تشابه بين السينما العربية والسينما الهندية؟


شاهدتُ فيلماً سورياً جيداً في أحد المهرجانات السينمائية، للأسف لا أذكر اسمه الآن. تابعتُ أفلام عمر الشريف، وأحببتُ الفيلم المصري «عمارة يعقوبيان». رأيتُ أفلاماً تونسية جيدة كذلك.

ربما يكون هناك تشابه بين السينما العربية والسينما الهندية في التوجّه للجمهور المحلي بالدرجة الأولى، والتركيز على الناحية الانفعالية للممثل، ولكن لا أعتقد أنّه من الضروري أن نتشابه في أمور معينة. ما يهمّني أن يكون الفيلم جيداً بغضّ النظر عن جنسيته.

ما هي مشاريعك الجديدة؟


هناك «الضوء يستمر»، وهو تمويل إنكليزي لمخرجة هندية بإطلاق عالمي في إنكلترا والولايات المتحدة. وهناك فيلم هندي آخر عُرض أواخر العام الفائت.

كلمة أخيرة للجمهور السوري من خلال «بوسطة»..


سمعتُ أنّ الدراما التلفزيونية السورية متطوّرة ولها حضور جماهيري كبير، وهذا يذكّرني بالبدايات في الهند قبل أن تصبح قوة سينمائية عالمية.

التوجّه للأفلام الجيدة مهم طبعاً، ولكن عليكم أيضاً أن تنتجوا النوعية التجارية لجذب الجمهور وتأمين المال اللازم للأفلام المهمة. هذه عقلية سليمة وموجودة في أهم الدول السينمائية في العالم.

وفي النهاية شكراً لكم على الاستضافة الكريمة.