2012/07/04

«الوتر» يُغرِق المشاهدين في ملابسات غامضة
«الوتر» يُغرِق المشاهدين في ملابسات غامضة

البيان

فاجأ فيلم «الوتر»، جمهور السينما بثلاث جرائم قتل وقعت ضمن أحداثه، ظل الفاعل في الجريمة الأولى مجهولا حتى النهاية، وبدلا من أن يطلق المخرج خيال المشاهدين في رحلة البحث مع الأبطال عن القاتل، اهتم بالحديث عن الحوادث الثلاث وعن ملابساتها وصرفهم عنها، وكأنه يبحث عن مبرر لها، فيما وصفها النقاد بأنها تبدو «جرائم حلال».

«الوتر».. فيلم من تأليف وإخراج مجدي الهواري وبطولة غادة عادل التي تلعب دور مايسة عازفة الكمان، ووالدتها سوسن بدر، ومصطفى شعبان (ضابط شرطة)، وأحمد السعدني (موسيقار شاب)، وأروى جودة (عازفة التشيلو)، وتدور قصته حول شقيقتين موسيقيتين تعملان في أوركسترا عالمية وتتجاذبان حب شاب وسيم ومستهتر اعتاد التلاعب بعواطف الفتيات، وإقناع كل واحدة منهن، أنها الأولى والأخيرة في حياته.

وفيما تبدأ اللقطات الأولى للفيلم بالضابط مصطفى شعبان يحقق في جريمة قتل أحمد السعدني الذي قتل خنقا بأوتار آلة موسيقية، أشارت الأحداث إلى تورط الضابط نفسه في جريمتي قتل أخريين، الأولى (زوجته) حين كان يصوب مسدسه على رأس شخص يغتصبها، فأخطأت الرصاصة طريقها، وذهبت إلى رأس زوجته المغتصبة.. ثم تبين أنه كان متعمدا قتلها؛ لأنها خائنة، والثانية جريمة قتل زوج والدة غادة وأروى، انتقاما منه. ويبدو في النهاية أن الكل مدان ويستحق القتل.

ويعد فيلم «الوتر» هو الخامس للمخرج مجدي الهواري.. ويقول النقاد، إن الوتر يبشر بميلاد مخرج يمثل إضافة للسينما المصرية، حيث اعتبروه الأفضل بالمقارنة مع أفلام الهوارى الأربعة الأخرى، وأشاروا إلى أنه وظَّف الديكور ليقول من خلاله الكثير من المعاني الدرامية كمشهد الكوخ الخلوي الذي يعيش فيه القتيل، كما استغل إمكانيات التصوير والموسيقى والإضاءة بشكل مؤثر جاء على حساب السيناريو الذي وضعه في المرتبة الثانية، كما ركز اهتمامه على الصورة والكادرات المتقنة.

أداء ناضج

وأنت تشاهد الفيلم تشعر منذ البداية بأداء ناضج من كل أبطال الفيلم بداية من أشرف زكي رغم أنه أدى مشاهد معدودة بإتقان كبير، أما الفنانة غادة عادل فقدمت بحرفية شخصية الفتاة المضطربة بسبب ماضٍ فرض عليها دون افتعال، وأظهرت وجهاً جديداً يضاف لها بعد «شقة مصر الجديدة».. وهكذا الأمر بالنسبة إلى مصطفى شعبان الذي عاد إلى قواعده قويا بأداء متزن رغم بعض المبالغة، لشخصية الضابط الذي قتل زوجته التي خانته، وجاء أداء أروى جيدا، وكذلك سوسن بدر التي جاء أداؤها باحترافية.

وعلق مصطفى شعبان على دوره في الفيلم، مؤكدا بأنه من أصعب الأدوار التي قدمها في حياته وهو دور إنسان يعاني مرض الأزمة، وقال إن هذا الدور أثر في شخصيته بشكل كبير.

في المقابل وصف النقاد الفيلم بأنه أغرق صوره في ضبابية جمالية مقصودة واستغل الموسيقى إلى أبعد حدودها؛ لرسم الجو القلق المملوء بالتوتر الذي تعيش فيه الشخصيات جميعها.

وحول سيناريو الفيلم أكدوا أن السيناريو استطاع أن يمزج بمهارة بين الوضع النفسي للمحقق والوضع النفسي للشخصيات الثلاث التي يدور حولها المحور الرئيسي للفيلم، ورسم من خلاله صورة غير معتادة للمحقق لم نرها كثيراً في أفلامنا العربية حسب النقاد، وأشاروا في ذلك إلى الظلال التي رسمها أيضاً حول نهاية أزمته والتي خضعت لإحساس درامي مكتمل.

مشكلة المشاهد

وأكد النقاد أن هذا العمل يحتم على المشاهد أن يدخل طرفا في أحداث الفيلم بعد أن تتضح كل خلايا فصوله للمشاركة في معرفة القاتل، وأشاروا إلى أن مثل هذه الأفلام تعاني من مشكلة مع المشاهد المصري والعربي عموماً، وخاصة الذي تأخذه الحماسة والرغبة الأكيدة في معرفة القاتل أو حل اللغز وذلك قد يصرفه عن متابعة جماليات الفيلم أو العمل الفني الذي ربما اتخذ من الشكل البوليسي مدخلا لطرح قضايا مهمة.

وقالوا: قد نقبل أحيانا في الأفلام البوليسية التي تسير على نهج أجاثا كريستي أي تنويه للمتفرج وإبعاده عن اكتشاف الحقيقة حتى اللحظة الأخيرة وتركه رهينة التساؤلات والحيرة على العكس من أفلام «هتشكوك» البوليسي الذي لا يخفى على المتفرج شيء من ملابسات الجريمة ويجعله عارفا بمجريات الأمور.

نظرة سينمائية

وأشاروا إلى أن الفيلمين الأخيرين اللذين أخرجهما الهواري فيهما نظرة سينمائية خاصة، لكنها لم تكتمل وتحتاج إلى نار هادئة؛ لكي تصبح ناضجة ومؤثرة، ورأوا في زوجته غادة عادل سندا فنيا لا مجال للشك فيه واستطاعت أن تحقق لنفسها نجاحا متوازيا من خلال أدوار خفيفة وأكثر نضجا، وأشادوا أيضا بالفنانة أروى، وأكدوا بأنه رغم الوجود الطاغي لغادة عادل استطاعت أروى أن تثبت نفسها.

وكشفت إيرادات الأفلام التي عرضت أخيرا بدور العرض السينمائي، بأن فيلم «الوتر» حقق في اليوم الأول لعرضه 650 ألف جنيه، رغم أنه تم طرح نسخ قليلة بلغت 34 نسخة فقط، ووصلت الإيرادات في اليوم الثاني 250 ألف جنيه، وتوقع النقاد أن يحقق الفيلم إيرادات عالية خلال الفترة المقبلة، وخصوصاً بعد هدوء الأوضاع في مصر.