2012/07/04

«الويب تي في» بديلا عن الفضائيات: بين تسابق الأحزاب وغياب التشريع
«الويب تي في» بديلا عن الفضائيات: بين تسابق الأحزاب وغياب التشريع


سالم زهران - السفير


يشهد لبنان نقلة نوعية في قطاع الاتصالات منذ تسلم الوزير شربل نحاس لوزارة الاتصالات، ومن بعده الوزير نيكولا صحناوي الذي كلل تلك النقلة النوعية، وبخاصة في مجال الانترنت، سواء عبر خدمة الجيل الثالث التي دخلت حديثاً الى لبنان، او عبر تفعيل السرعة. مما فتح شهية عدد من الأحزاب السياسية اللبنانية الى خوض غمار تجربة «ويب تي.في» كمشروع بديل عن المحطة الفضائية. فبات بإمكان المشاهدين الوصول من خلال الشبكة العنكبوتية، سواء عبر هواتفهم المحمولة أو أجهزة الكمبيوتر الى تلك «التلفزيونات» ومشاهدة نشراتها الإخبارية المصورة، وبرامجها الحوارية.

وبإمكانيات بسيطة، وبكلفة لا تتعدى قيمتها عشرين الف دولار، يمكن تأسيس وتشغيل تلفزيون عبر الإنترنت.فيما تصل كلفة التأسيس والتشغيل لمحطة تلفزيونية فضائية ملايين الدولارات. فضلاً عن التراخيص الواجب منحها من قبل السلطات المعنية، والتي أصبحت صعبة المنال بعد توزيع الحصص، وإقفال الباب على منح تراخيص جديدة.

وفي هذا الإطار أطلق حزب «القوات اللبنانية» في السابع والعشرين من تموز الماضي تلفزيونه الرسمي عبر الموقع www.lftv.com، في خطوة تؤكد مصادر إعلامية قواتية «انها خطوة تحضيرية لاسترجاع فضائية «القوات اللبنانية».

ومن الجنوب، أطلق مؤخرا وتحت شعار «من صيدا إلى كل الوطن»، تلفزيون تابع لـ «التنظيم الشعبي الناصري»، عبر الموقع «www.saidatv.tv» وذلك في «مركز معروف سعد الثقافي»، بحضور ورعاية رئيس «التنظيم الشعبي الناصري» الدكتور أسامة سعد.

وتؤكد مصادر إعلامية في «المرابطون» لـ«السفير» أن «المرابطون» بقيادة العميد مصطفى حمدان تتحضر لإطلاق «ويب.تي.في»، يهتم بالشأن العربي، أكثر من الشأن المحلي، ويتميز بتقنيات عالية. فيما يبدو أن أحزاباً أخرى ومنها «الحزب السوري القومي الإجتماعي»، و«التيار الوطني الحر» بدأت بتطوير مواقعها الالكترونية مضيفة خدمات «فيديو»، في تمهيد على ما يبدو لتأسيس «ويب.تي.في»، الذي دخل حقل المنافسة بين الأحزاب والقوى السياسية اللبنانية.

فهل عمل هذه التلفزيونات قانوني؟ واين «المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع» منها؟

يأسف عضو المجلس غالب قنديل في حديث لـ «السفير» لغياب «أي نصوص تشريعية أو أحكام تنفيذية تتعلق بالإعلام الإلكتروني، ما يجعل كل تعامل مع هذا الملف قانونيا من خلال الاجتهاد بالبناء على تفسير النصوص الواردة في القوانين المرعية. فلا جهة معينة أنيطت بها صلاحية الترخيص ولا أحكام واضحة تتعلق بعمل الإعلام الإلكتروني وشروطه الموجبة.

ويضيف: «طبعا يمكن الإجتهاد في تطبيق قانوني المطبوعات والإعلام المرئي والمسموع انطلاقا من الأحكام المتعلقة بمبدئي النشر والبث، وفي حالة المقاضاة فنصوص هذين القانونين وقانون العقوبات تعتبر نافذة في قضايا الإعلام الإلكتروني».

ويلفت قنديل الى «أن جمودا خطيرا يحيط بالتشريعات الإعلامية في لبنان منذ صدور القانون رقم 382 / 94 الذي تجاوزته التطورات التقنية الناتجة عن ثورة الاتصالات. ونحن نعيش نوعا من الفوضى المنظمة، مما يفيد بأن الجمود ينعكس سلبا على الواقع الإعلامي، وعلى هذا النسق نشهد نموا نوعـيا في عالم الإعلام الإلكتروني خارج أي أطر قانونية ناظمة».

ويكشف قنديل أن المجلس الوطني تداول سابقا بفكرة وضع سجل علم وخبر لديه لتسجيل المواقع الإلكترونية، ولمتابعة عمل هذه المواقع ومدى تقيدها بالضوابط العامة الناظمة للعمل الإعلامي في لبنان. و قد اسقر الرأي على تناول الموضوع في سياق البحث الجاري في لجنة الإعلام النيابية حول سن قانون جديد للإعلام، انطلاقا من النقاشات المستمرة بشأن تعديل القانون 382 / 94 و قانون المطبوعات «.

ويضيف: «يفترض بالمجلس اقتراح مراسيم على مجلس الوزراء تسد الفجوات التنظيمية والقانونية، والمبادرة لتعجيل هذه الورشة لمواكبة التطورات الثورية الجارية في تقنيات الاتصال والبث، فلا يعقل أن تبقى تنظيماتنا قاصرة عن المواكبة».

إذاً دخل الإعلام اللبناني عصر الوسائط المتعددة الذي بات يشمل معظم دول العالم الصناعي، ما في ذلك الجيل الثالث لشبكات الهاتف الجديدة. فيما القوانين والتشريعات اللبنانية، وتحديداً قانون المطبوعات ـ المستند القانوني الوحيد ـ تحفل نصوصه بالكثير من مخلفات «الفرمان» العثماني الصادر مطلع القرن الماضي.

ويبدو واضحاً تقصير الحكومات المتعاقبة ووزراء الإعلام في عدم استصدار مرسوم تطبيقي بناء على نص القانون، لتغطية الفجوة التشريعية وايجاد آليات تنظم هذا العالم الإعلامي الجديد.