2012/07/04

«انانا» تعرض رؤية فنية جديدة لمحرر القدس
«انانا» تعرض رؤية فنية جديدة لمحرر القدس
  دمشق- جمال آدم     البيان الإماراتية
صلاح الدين الأيوبي، البطل الذي حرر القدس من أيدي الصليبيين، يطل علينا دائماً إما من خلال عمل سينمائي كالذي قدمه المخرج الراحل يوسف شاهين في رائعته (الناصر صلاح الدين) أو عمل تلفزيوني كالذي قدمه المخرج السوري حاتم علي في مسلسله الذي تم دبلجته وعرضه في ماليزيا وتركيا.
اليوم يطل علينا من خلال فرقة (انانا) للمسرح الراقص التي قدمت احتفالية مسرحية راقصة جديدة بعنوان (صلاح الدين) تزامن تقديمها مع اختيار القدس عاصمة للثقافة العربية لهذا العام. (الحواس الخمس) من داخل صالات الاحتفالية يقدم عرضا نقدياً لما دار على خشبة المسرح.يأتي العرض، الذي يقدم بإشراف الكوريوغراف جهاد مفلح، ضمن توجه (انانا) الذي صار معروفاً بتقديم صيغ احتفالية لشخصيات واحداث عربية ذات حضور مهم في التاريخ العربي، وربما بنظرة خاطفة على بعض ما قدمته الفرقة منذ أن تم تأسيسها عام 1990، والانتشار الفعلي لها عقب هذا العام بثمانية أعوام تقريبا يجد المرء ان الفرقة سعت لعرض سير حياة مفتوحة ل(صقر قريش)، و(هواجس الشام) و(أجراس القدس الدمشقية) و(جوليا دومنا) و(عاشقات المجد) و(ابناء الشمس)، وغيرها من الاعمال والاستعراضات الاخرى التي جعلت منها واحدة من أشهر فرق المسرح الراقص عربيا.
وكل هذا ضمن ما يعرف بسياسة فكرية وفنية اعلامية تبنتها الفرقة وحققت حضورا عربيا لافتا لها ، ويندر ان يمر عام دون ان تحقق الفرقة جولات عالمية تعرف بالمستوى الذي وصلت اليه.
ويأتي تقديم صلاح الدين ضمن نشاط واسع لهذه الشخصية التاريخية حققته في الآونة الأخيرة التي استطاعت ان توقف زحف الصليبيين في المنطقة العربية، وقدمت سيرة حياة صلاح الدين مرات عدة سواء في المسرح والسينما والتلفزيون.
ويعتبر الشغف بالعودة إلى انتصارات صلاح الدين شكلا من أشكال العزاء بالخيبات، التي عاشها ويعيشها العرب في التاريخ الحديث فيما يخص موضوع فلسطين وعودة القدس، وهكذا يمضي الفن ليبلور صورة هذا القائد العربي كفعل تحريضي لجعل فلسطين قضية العرب الرئسيسة دائما.
يبني جهاد مفلح هذا العرض متكئا على سيناريو كتبه ياسر الايوبي، فتبدأ الفرقة الراقصة بعرض كرنفالي لحال العرب في فلسطين في الفترة التي سبقت بقليل دخول الصليبيين وحالة السلام التي كانت سائدة آنذاك، وتصور بالمقابل كيف بدأت جيوش الصليبيين بالتدخل في حياتهم، وإراقة دمائهم، ويصفق الناس لدخول صلاح الدين، يؤدي دوره الفنان عبد الحكيم قطيفان، تصفيقا يشعر بحضور هذه الشخصية والجذور التاريخية لها لدى الجمهور، لاسيما ان جهاد مفلح اعتمد على الفنان عبد الحكيم قطيفان من اجل تجسيد هذا الدور.
ويبدو ان مفلح سعى من اجل التغيير في صيغة العمل الراقص الذي يقدمه بالاعتماد على ممثلين وفنانين لاداء بعض المشاهد، الى جانب الحضور الاحتفالي الطقسي للرقص، وهذه هي المرة الاولى التي تعتمد فيها (انانا) على مشاركة فنانين سوريين في عروضها، التي ظلت لفترة تقارب المسرح التمثيلي الراقص حصرا.
أما الحل الفني الذي لجأ اليه جهاد مفلح للهروب من ثقل حضور الممثل على خشبة المسرح فهو بالاعتماد على شاشة سينمائية تعرض لمشاهد تم تصويرها خارج حدود الخشبة، وكان لابد لهذه الشاشة من ان تكسر حضور الراقص على المسرح في ظل احداث اخرى تجري على الخشبة، ويمضي العمل ليفعّل من دور هذه الشاشة.
والاحداث التي قدمتها، مع تراجع للتمثيل على الخشبة، وكان لابد لجهاد أن يفعّل الجانب المسرحي على الخشبة، لا سيما أن الشاشة قد حيدت من فاعلية العرض بإضاءة صارت تعكس شدتها من شاشة السينما، حيث يضطر المرء احيانا من اجل اغماض عينيه من شدة الضوء المعكوس.
ربما في خطوة كهذه كان جديرا بالمصمم ومخرج العرض أن يعتمد على مخرج مسرحي بهدف رسم ميزا نسين واضح لحركة الممثلين، نظراً إلى أن العرض مضى في اتجاهات سينمائية ومسرحية وراقصة ضمن جرعة فنية عالية المستوى، لم تسهم في تقديم شكل فني ثابت، او على الاقل هوية لعرض صلاح الدين أسوة بمختلف العروض التي حققتها الفرقة في السابق.
ومما لا شك فيه ان حضور الفنانين السوريين الذين شاركوا في التمثيل قد اعطى صيغة جديدة ومتجددة في تقديم الرؤية الاحتفالية بصلاح الدين، ولكن لابد من خطوة كهذه ان تكون اضافة للفرقة، لا ان تحمل الفرقة عبئا وهما هي في غنى عنه، ولكن لابد والحديث موصول عن فرقة (انانا) من الإشارة إلى أن العرض يحقق نجاحات مهمة في دمشق، وهو يعرض في (دار الاسد) للثقافة، وعلى المسرح الكبير لدار الاوبرا، والمفاجأة ان الصالة تمتلئ يوميا بتذاكر مباعة، ويصل سعر التذكرة وسطيا الى ثمانية دولارات أميركية تقريبا، وهذا أمر جيد تحققه (انانا)، التي تتكئ على تاريخ مهم في ذاكرة المشاهد العربي.
(صلاح الدين) قدم ضمن رعاية وتمويل مشترك بين وزارة الثقافة السورية ووزارة الثقافة والتراث والفنون القطرية، شارك في تجسيد الشخصيات الرئيسية فيه كل من عبد الحكيم قطيفان في دور صلاح الدين، ونوار بلبل وحسام الشاه وعبير شمس الدين ورامز الأسود وغيرهم، وقدم الموسيقى، الموسيقار محمد هباش الذي يعد القاسم المشترك لكل اعمال (انانا).