2012/07/04

 	بدء موسم الهجرة المصرية نحو الأغنية الخليجية
بدء موسم الهجرة المصرية نحو الأغنية الخليجية

  5حواس - البيان  «أينما اتجه مؤشر المال اتجهت كفة الميل نحوه»، لعل هذا المبدأ ما يدعو أغلب المطربين العرب للغناء باللهجة الخليجية، التي تستحوذ على رؤوس الأموال، إلا أن كثيرًا من كبار المطربين قد أدوا أغنيات بالخليجية على سبيل التجربة، فيما رفض الجيل الحالي أن تلتصق بهم تهمة الغناء التجاري على حساب الفن.. فهل هي التجارة التي لا تعرف هوية أو دينًا أم هي الشهرة، أم حب الغناء بلهجة بعينها، أم حلاوة التجربة ذات المرة الواحدة وإن كان ما يعزز استبعاد فكرة التجربة أن الأغنية الخليجية منتشرة بالقدر الكافي ولا تحتاج إلى غير الخليجيين لكي يدعموها بغنائهم إياها.. تساؤلات عديدة ناقشتها «الحواس الخمس» عبر السطور التالية. أمثلة كثيرة من المطربين العرب لجأوا إلى الخليج ولهجته في الغناء من بينهم أنغام، صاحبة المحاولة الأولى في الجيل الحالي، خالد سليم، شيرين عبدالوهاب، سمية الخشاب، نوال الزغبي، كارول سماحة، نانسي عجرم، أصالة، وغيرهم، على الرغم من استمرار هؤلاء في الغناء بلهجاتهم الأصلية. الظاهرة لفتت أنظار كثيرين مع تناميها، فقد أكد الملحن والموزع الموسيقي محمد عزام أن الظاهرة ترتبط بالأزمة المالية العالمية؛ حيث وجد المطربون أن اختراق الساحة الغنائية الخليجية قد يوفر لهم العائد المالي الذي افتقدوه في ظل ركود الحفلات العامة. أضاف أن المطربين المصريين اتجهوا إلى تقديم الأغنية الخليجية؛ بحثًا عن المال، وأنه يؤيدهم في ذلك طالما أن المطرب قادر على أداء هذه الأغنيات بشكل جيد، ولديه القدرة على الإضافة مستندًا إلى جماهيريته، فالغناء بالخليجية- حسب قوله- يتيح للمطرب فرصًا أكبر في إقامة حفلات هناك،. ونفى عزام أن يكون ذلك موضة؛ لأن الخليجية لهجة مفهومة للجميع، وتعجب من هجوم البعض على المطرب الذي يتخلى عن لهجته للغناء بغيرها. مؤكدا أن الغناء المصري هو أحد أهم العوامل التي شكلت الوجدان العربي، وأغلب الموسيقيين العرب درسوا وتعلموا أصول الموسيقى في مصر؛ لذا فهي ليست ظاهرة أن يغني المصري بالخليجية، لكنها مجرد سعي من المطرب؛ ليزيد من دخله المادي وهذا حق مشروع. ليست مجاملات المطربة المصرية أنغام، إحدى المغنيات بالخليجية، أكدت أنها مطربة محترفة، وعملها هو الغناء، وترى أنه لا مانع من أن تتربح من عملها، وتساءلت: لماذا يربطون تقديمنا كمصريين أغنيات خليجية بالعائد المادي؟! أضافت أنها عندما تغني في أي مكان تأخذ مقابلا ماديًا، فمن حقها إذًا أن تقدم عملا بأي لهجة، كما أنها تعلن عن أجرها في أي حفل تحييه، وتقول إنها لا تحصل على أجر غير المتفق عليه، فلا مجال للمجاملات في العمل، كما أكدت تأييد الكثيرين لها مادامت تغني بشكل جيد. لهجات أخرى أنغام كشفت في الوقت ذاته أن أجرها عن أداء ألبومات خليجية أقل من أجرها عن أدائها بلهجتها المصرية، وهذا يتعارض مع ما قاله كثيرون عن ارتباط الفكرة بالمال مثلما أكد الموسيقار هاني يعقوب، حين أشار إلى أن السوق الخليجية هي الأقل تضررًا من الأزمة المالية العالمية. لذا بدأ المطرب المصري تسويق نفسه في الخليج وسط تراجع نشاط شركات الإنتاج المصرية عن الإنتاج الغنائي، وأضاف أنه مؤمن بأن البحث عن وسائل للاستفادة المادية أمر مشروع، طالما يتم في إطار فني. وقال إن هذه الظاهرة جيدة؛ لأنها تؤكد ضرورة تبادل الثقافات بين الدول العربية، منوها بأنه رغم العائد المادي الجيد والسوق الخليجية المفتوحة لم يستطع أي مطرب عربي تقديم الأغنية الخليجية، كما يجب أن تكون، نظرًا لصعوبة اللهجة الخليجية، في حين أن المطربين الخليجيين استطاعوا أن يقدموا اللهجة المصرية بشكل جيد. لهجات أخرى كان الفنان خالد سليم قد اعترض في تصريحات سابقة على أجهزة الإعلام التي ربطت التجربة بالمادة، وقال إنه أحب اللهجة الخليجية وقدمها، كما تمنى أن يتمكن من تقديم أغنيات جديدة بلهجات عربية أخرى. أيضا قال نبيل إدوارد، مدير الإنتاج بشركة «ميلودي»: لم يكن من بين المطربين المصريين من ركز على أغنيات خليجية، باستثناء أنغام التي تغني باللهجة الخليجية منذ الصغر، لكن أغلب المطربين الذين اتجهوا بالفعل للأغنية الخليجية هم المطربون اللبنانيون والسوريون، ونحن لا ننكر أن هناك بعض المطربين يسعون من أجل الربح المادي، وهذا حقهم.. فلماذا نحرمهم من حق طبيعي إذا قدموا عملا مقابل ذلك؟! المطرب محمد نور أكد أن ما يحققه المطرب المصري في الغناء باللهجة الخليجية هو نفس ما يحققه عندما يغني باللهجة المصرية، لكن في حفلات الخليج تسهم الأغنية الخليجية في جذب الجمهور بشكل أكبر، ولا مانع من ذلك فنحن شعب عربي واحد، تربطنا اللغة الواحدة على اختلاف اللهجات الشاعر الكبير أحمد عبدالمعطي حجازي أدلى بدلوه في الأمر. حيث قال: إن الأغنية المصرية، بشكل عام، تراجعت بصورة ملحوظة في الآونة الأخيرة، وأرجع ذلك إلى طبيعة أصوات المغنين الحاليين، فكلمات الأغنيات المصرية رديئة وسوقية، وقد تذكر حجازي الحقبة التي جمعت مطربين كبارًا أمثال عبدالوهاب، أم كلثوم، أسمهان، عندما كانوا يغنون بالفصحى. كما يغنون بالعامية، أما حاليًا فلم تعد هناك أي أغانٍ بالفصحى. وأرجع حجازي لجوء مغنين مصريين للغناء باللهجة الخليجية إلى أن الأمر يتعلق بالمال فقط، وأكد أن اللهجة الخليجية من الصعب على المصريين فهمها بسهولة، في حين أن اللهجة المصرية تفهم بسهولة في البلدان الخليجية. ولم يحدد حجازي نسبة نجاح أو فشل المطربين المصريين في أداء الخليجية بسبب عدم متابعة النقاد مثل هؤلاء المغنين، واصفًا إياهم بـ «من يفشل على درجات متفاوتة». وقد أعلن حجازي، أحد رواد الشعر العربي الحديث، أسفه لموقف هؤلاء المطربين المصريين، وقال: «للأسف المغني المصري في الخليج أصبح بيَّاعًا؛ لأنه لا يذهب لكي يغني أغانيه ولا أغاني وطنه، لكنه يغني حسب الطلب». وقد أكد الشاعر فاروق شوشة أن معظم الأصوات حاليًا ليس لها شخصية حقيقية يستطيع من خلالها الفرد العادي أن يكتشفها، عكس المطربين القدامى أمثال أم كلثوم، وعبدالحليم حافظ، وفريد الأطرش. وأضاف شوشة أن بعض المطربين يعتقدون أنهم عندما يبتعدون عن مصر ويذهبون إلى الخليج سيصبحون نجومًا بين يوم وليلة، لكن معظم من يغني باللهجة الخليجية تكون طموحاتهم بعيدة، ويحاولون تحقيقها في فترة وجيزة، وبالتالي يفشل بعضهم بعدما ركز كل جهوده على المادة فقط، بعيدًا عن تكوين قاعدة جماهيرية سواء في مصر أو حتى الخليج. السؤال بالعكس ولكن السؤال المطروح حاليًا.. لماذا لم يهتم المطرب الخليجي بتقديم الأغنية المصرية، باستثناء القليل منهم، على الرغم من سهولة اللهجة المصرية؟ الناقد زين العابدين أحمد أكد أن العديد من المطربين الخليجيين خاضوا تجربة الغناء باللهجة المصرية، منهم حسين الجسمي، ونجح في ذلك، ولكن حاليًا بعد ظهور الكم الهائل من القنوات الفضائية الخليجية المتخصصة في مجالات الغناء والموسيقى والدراما. وجد المطرب الخليجي المجال متاحًا أمامه إعلاميًا بما يساعده على الانتشار السريع عكس ما كان سابقًا، عندما كان الكثيرون منهم يحاولون أن يأتوا إلى مصر لينطلقوا منها، خاصة أن التجارب أكدت أن أي مطرب أو فنان عربي انطلق من مصر حقق نجومية كبيرة، على رأسهم الفنان كاظم الساهر، نوال الزغبي، وقبلهما فريد الأطرش، وردة الجزائرية، صباح، لطيفة، وغيرهم. وأضاف أن وجود هذه المساحات الإعلامية الكبيرة أعطت المطرب الخليجي فرصة الظهور المباشر، وأكسبته شهرة لم تكن متاحة من قبل إلا في مصر، فمازال هناك من يميل إلى الانطلاق من مصر.